لا مسافة بين الصوت المؤيد للدولة، والصوت المؤيد للحق والحقيقة، وتستطيع أن تقرأ وتتفهم غاية ومقاصد وأهداف الرئيس السيسى عندما تحدث عن الإعلام مرارا فى رسائل مباشرة، بضرورة تصويب الاتجاه، وفهم الدور، لمصلحة دولة تستعيد عافيتها ومؤسساتها، ووطن يسترد قوته ورصيده ومكانته ونفوذه، وشعب يستعيد وعيه واستنارته.
يخاطب الرئيس الرأى العام الإعلامى والصحفى منذ توليه المسئولية بأن لفت انتباهه لإعلام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر (يا بخت الرئيس عبدالناصر بإعلامه)، وهى العبارة التى ذهب بها البعض لغير المسار والغاية والسياق الذى قيلت خلاله، وتلقفتها ألسن وآذان وعقول حفنة من المتربصين بالوطن قبل الرئيس، ومن ناصبونا العداء وأراقوا دماءنا بنفوس مطمئنة على قارعة الشوارع وفى المساجد والكنائس، وراحوا يؤولون الجملة تأويلا فاسدا بأنها تسويقا وترويجا لإعلام الصوت الواحد، وأطلقوا عليه مجازا (إعلام أحمد سعيد.. أحد أشهر إعلامى الحقبة الناصرية)، لكنهم تجاهلوا أيضا، وفى نفس الوقت أنه كان إعلام حرب تحمل مسئولية المواجهة فى خندق واحد مع الضباط والجنود، واستخدم الإعلام كل إمكانياته وسطوته لنصرة مشروع آمن به الإعلاميون والصحفيون والنخبة، وسوّقوا له متطوعين داعمين عن قناعة، وحاشدين الرأى العام كله فى معركة مصير عن وعى وإيمان بلا ادعاء أو زيف، وهناك عشرات الأمثلة التى يمكن أن نتحدث عنها هنا فى هذا الموضع.
هؤلاء المؤمنون بالوطن لا بالشخص فقط (فى عهد عبدالناصر)، هم النموذج الذى تريد الدولة استدعاءه ليعمل باحترافية ومهنية، ليقدم التجربة المصرية بصعوباتها وتحدياتها، لا أحد يطلب تزييف الواقع أو المغالاة المقيتة، ولا تمجيد ما لم يحدث، أو تغييب وإلهاء الناس - بطرح قضايا هامشية أو موضوعات ساذجة - عن أزمة هنا أو قضية هناك، جميعنا يريد إعلام حقائق ومعلومات، إعلامًا يتحدث عن ناس مصر، همومهم وأحلامهم، إعلامًا يحترم القارئ والمشاهد، ويقول للجميع فى صراحة وشفافية أين كنّا وكيف أصبحنا، أعتقد هذه هى أجندة إعلامنا.
التحدى الحقيقى لنا كإعلام لنقوم بهذا الدور على الوجه الأكمل، أن نستعيد مصداقية الجمهور، هذا الجمهور الذى انصرف عن قراءتنا أو مشاهدتنا، وابتعد لينعزل على صفحات العالم الافتراضي، يصنع منها صحيفته وقناته، لتتراجع أرقام مبيعات الصحف، ونسب المشاهدة التليفزيونية، شرط المصداقية هو الفريضة الغائبة، والتى من دونها لن يكون لنا تأثير أو حضور، الصوت المؤيد للدولة ليس موالسا ولا كاذبا هذه ليست مواصفاته، ولكنها اتهامات يتم ترويجها عادة بالباطل ليظل إعلام الدولة بلا وجود حقيقى، كيانات ضخمة لكنها هشة البنيان والفاعلية، هذا هو التحدى الآخر الذى يواجهنا فى آداء رسالتنا.
أما الصوت الآخر الذى يمثل الإعلام الأجنبى، فنحن لا نريد منه أن يخون نفسه، بل نريده ناقلا للحقائق، معبرا بصدق عما يجرى، صادقا مع قواعد المهنية التى وضعها لنفسه ويطالبنا نحن بتطبيقها، لا نريد منه تهليلا ولا تهويلا، لكننا نريده نافذة صادقة تعبر عن تجربة شعب يكافح لبناء بلده، إعلام لا يكتفى بنقل الحوادث ووجهات النظر السلبية، وهنا نتساءل: هل يحظى منتدى شباب العالم بكل هذا الزخم والحضور الكبير لأكثر من مائة جنسية، بتغطية إعلامية منصفة؟!!
منتدى ينظمه الشباب للشباب، يحضره ويرعاه الرئيس فى مشهد يتجاوز المحلية والإقليمية ليعد نموذجا عالميا فى الحوار والمكاشفة، على مدار أيام، بل ويكون صوت الشباب هو المحرك للفعاليات ورأس الدولة يدون الملاحظات وكبار المسئولين ينصتون للمبادرات الشابة والطموحة من بلدان العالم المختلفة، هل نطمح فى عرض أمين وعناوين تنقل الحدث بأمانة وبما يليق؟!!
أدرك تماما أن الإنصاف ليس من شيم الإعلام الدولى، ولن يكون وفق سياساته ومصالحه منصفا فى تناول ما يجرى على أرضنا، ولكننا نملك حق تصويبه كما فعل دكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات مع بى بى سى وغيرها من الوكالات والصحف الأجنبية، التى تسير وراء الادعاءات الكاذبة للجماعة الضالة، متابعة وملاحقة ما يتم نشره أو إذاعته فى الإعلام الأجنبى تؤتى مع الإصرار ثمارها، فضلا عن ضرورة التواصل المستمر - كما حث الرئيس السيسى - من جانبنا بهذا الإعلام لنوفر له المعلومات ولا نتركه صيدا سهلا فى أيدى كارهى الوطن، علينا أن نقوم بواجبنا تماما ونترك الآخرين يختبرون ضمائرهم أمام الحقيقة.