الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماذا بعد حادثة الأنبا صموئيل؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العملية الإجرامية الإرهابية، التى راح ضحيتها أكثر من خمسة عشر شهيدًا ومصابًا مصريًا، والتى تمت فى طريق دير الأنبا صموئيل بالمنيا وهى الحادثة الثانية وبنفس المواصفات وبذات الأهداف والمكان. غير مئات الحوادث المماثلة والتى كانت ضد المصريين كافة سواء كانوا من القوات المسلحة والشرطة أو المواطنين من المصريين المسلمين والمسيحيين أو ضد بيوت الله من الكنائس والمساجد. كلها يجمعها هدف واحد ووحيد هو محاولة إسقاط الدولة المصرية. وإذا كانوا يهدفون قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ إلى إسقاط النظام بهدف الوصول إلى الحكم الذى تحقق لهم بعد خطف ثورة ٢٥ يناير، ولكن وبعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وبعد إسقاطهم من الحكم وضياع حلمهم إلى الأبد بإعلان الخلافة الإسلامية خاصة أن حكمهم لمصر كان غاية المنى وبداية تحقيق الحلم أصبح الآن حلمهم وهدفهم وغاية مناهم ليس إسقاط نظام ٣٠ يونيو فقط ولكن إسقاط الدولة. ومن أهم عوامل إسقاط الدولة هو اللعب فى الوحدة الوطنية بين المصريين، حيث إنها صمام الأمان وحائط الصد ضد كل مستعمر وغاصب ومستبد ومتاجر بالأديان، فكم شاهدت مصر طوال تاريخ مؤامرات ودسائس تحاول شق الصف سواء كان ذلك من المستعمر الخارجى أو من العميل الداخلي.
وكانت تلك اللحمة الوطنية والمتمسكة والهوية المصرية المنفردة هى دائمًا من يسقط هذه الدسائس ويقهر تلك المؤامرات، وكان دائمًا ما يكون المصريون المسيحيون هم الورقة التى تستغل لذلك، حيث إنهم دائمًا تستغل مشاكلهم خارجيًا بهدف التدخل فى الشئون الداخلية المصرية بحجة حماية الأقليات الدينية، تلك الورقة التى ما زال يستغلها الخارج وعملاؤهم من الأمريكان المتمصرين، ردًا على ذلك بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن المصريين المسيحيين قد شاركوا فى ٣٠ يونيو، كما لم يشاركوا فى أى ثورة قبل ذلك طوال التاريخ، إضافة إلى ظهور البابا تواضروس فى اجتماع ٣٠ يونيو مع شيخ الأزهر، والأهم أنه بعد دستور ٢٠١٤ والذى أفاض فى باب الحريات والذى دستر المواطنة وحقوقها، كما لم يحدث قبل ذلك بما جعل الرئيس السيسى يؤمن بذلك ويحققه على أرض الواقع الشيء الذى أحدث تغييرًا كبيرًا لوضع الأقلية العديدة المسيحية، فرأينا السيسى يزور الكاتدرائية كل عيد ميلاد، ويبنى أكبر كاتدرائية فى المدينة الإدارية، ويأخذ بحق الأقباط الذين ذبحوا بدم بارد فى ليبيا، ويتقدم جنازة الشهداء الأقباط كل هذا وغيره كثير قد غير كثيرًا من المعادلة الطائفية التى ما زالت جذورها حتى الآن حيث تراكمها يمتد إلى مئات السنين، ولهذا نجد أغلبية قبطية تساند الوطن فى إطار مساندة السيسي، كل هذا يجعل تلك التنظيمات الإرهابية وتابعتهم يضاعفون الكيل ضد الأقباط وضد الكنيسة. حادثة المنيا الأخيرة وتوقيتها يؤكدان انهزامية هذه التنظيمات خاصة بعد النجاحات التى حققها الجيش فى عملية سيناء ٢٠١٨ إضافة إلى تلك العمليات الاستباقية التى قامت بها الشرطة خاصة فى هذه المنطقة التى تمت فى ليبيا عبر الحدود الغربية، إضافة إلى الضربة الأمنية المهمة التى قام بها الجيش الليبى بالقبض على هشام عشماوي. كل ذلك جعلهم يقومون بهذه العملية السهلة بالنسبة لهم حتى يقولوا نحن هنا ولا مانع من إرسال رسالة زائفة للعالم من خلال مؤتمر الشباب العالمى بشرم الشيخ، ولكن بعد الحادثة كالعادة أظهر المصريون توافقهم وتوحدهم وصلابتهم فى مواجهة مثل هذه الحوادث، وقد استنكرها الجميع حيث يدرك الجميع الآن أن المستهدف الرئيسى هو الوطن وليس الأقباط. وكالعادة قامت وسائل الإعلام بدورها فى إعادة وترديد ما يجب أن يكون والذى ما زلنا نردده طوال الساعة منذ عقود، وهو تصحيح الفكر الدينى وتغيير الثقافة التعليمية والإعلامية وضرورة دور وزارة الثقافة والأحزاب والعمل الأهلى والأهم دور المسجد والكنيسة ولكن لا حياة لمن تنادي. فما زال الأمر فى الإطار النظرى بعيدًا عن أى واقع عملى وكفى المؤمنين شر القتال. هنا نريد أن نوضح أمرًا مسكوتًا عنه نتيجة لموروث طائفى قديم كانت فيه الكنيسة هم ممثل الأقباط وذلك فى ظل نظام الطوائف العثمانى حيث كان الأقباط طائفة تمثلها الكنيسة، وهنا كان واقعًا سياسيًا وطائفيًا يتفق مع الزمان ومعطيات الواقع، ولكن ظل الأمر بالرغم من تلك التطورات السياسية التى بدأت فى طريق المواطنة وإن كان بشكل حسيس، فاستملح الجميع هذا الواقع الطائفي، حتى عهد البابا شنودة الذى كانت له خلفية سياسية، ولديه تطلعات زعامية ظهرت فى خلافه مع السادات، وتصور أنه زعيم سياسى للأقباط حتى كان كتابى «من يمثل الأقباط الدولة أم البابا»، وهدفى الذى كان وما زال منذ ثلاثة عقود هو أن الكنيسة لا تكون ممثلًا للأقباط فى غير إطارها الروحى والكنسي، وقد رأينا نتائج مواقف البابا شنودة السياسية كممثل للأقباط سواء مع الدولة أو مع التيار الإسلامى أو مع المواطن المسلم العادي، حيث إن ظهور الكنيسة فى الصورة يحول الأمر من سياسى إلى طائفي، والسياسى يجمع والطائفى يفرق، كما أن ظهور الكنيسة فى الحوادث الطائفية سواء ببياناتها أو تصدر رجالها فى الإعلام أو تقديم رجال الدين وكأن الأقباط تابعون للكنيسة بل إن الحوادث الإرهابية هى مواجهة بين الإرهاب وبين الكنيسة وليس الدولة ما يشجع البعض وغير الفاهمين والمسوقين بعاطفتهم الدينية إذا لم يتعاطفوا مع الإرهاب فلا يرفضونه، والأهم أن هذه الممارسات الموروثة والتى يجب أن تسقط نورًا يجعل النظرة إلى الأقباط فى غير إطار المواطنة المصرية، ولذلك نجد تعبير الأخوة الأقباط وشركائنا فى الوطن وغير ذلك بما يؤكد أن العلاقة لا تصب فى صالح الوطن بشكل عام، فالتفاعل وتحقيق وحدة الوطن تبدأ من ضبط التعبيرات كلنا مصريون ومواطنون والدولة وحدها هى المسئولة عن الجميع بلا تفرقة والكنيسة لا شأن لها بما هو خارجها، وفيما يخص المواطن المسيحى، ولكنه شأن ومسئولية الدولة، والذى يُعزى هنا هو رئيس الدولة وليس البابا، والذى يصدر البيانات هو الدولة بكل مؤسساتها، وذلك حتى لا نعطى مبررًا نفسيًا لأى تعاطف مع هذا الإرهاب الأسود، وحتى نضع أقدامنا على بداية طريق المواطنة لكل المصريين وحتى نكون صفًا واحدًا فى مواجهة من يريد إسقاط الدولة مصر كل المصريين.. حمى الله مصر وشعبها العظيم.