الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مَنْ قتل المصريين في المنيا؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدايةً نود القول إن الإرهاب الذى أطل برأسه البشعة فى المنيا منذ أيام قليلة، والذى أدى إلى استشهاد سبعة أرواح بريئة معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى جرح سبعة مواطنين آخرين، هذا الإرهاب البشع لم يكن موجهًا ضد المسيحيين بحسبانهم مسيحيين، بقدر ما كان موجهًا ضد أمن واستقرار مصر. هذه بدهية لا يحتاج – فى ظنى – التسليم بها إلى برهان. 
إن شهداء أتوبيس المنيا من المصريين (لاحظ أننى أقول من «المصريين»، ولم أقل من «المسيحيين») ليسوا أول من سقط ضحية هذا الإرهاب الأعمى الذى لا يفرق بين مصرى ومصري، أى لا يميز بين مصرى مسلم ومصرى مسيحي. فحين هاجم مسلحون المصلين داخل مسجد الروضة بالعريش مع بداية خطبة يوم الجمعة الموافق 24 نوفمبر 2017، وفتحوا الرصاص عليهم، فى مجزرة جماعية بشعة، راح ضحيتها ما يزيد على 305 شهداء، بينهم 27 طفلًا، فضلًا عن عدد من كبار السن تجاوز عددهم الـ 60، بالإضافة إلى أكثر من 128 جريحًا، لم يكن من بين كل هؤلاء الضحايا مسيحيًا واحدًا!!
كان الهدف الحقيقى إذن للعمل الإرهابى ضد أتوبيس المنيا، هو تصوير ما حدث – فى أذهان المسيحيين- بوصفه عملًا طائفيًا نفذه مسلمون ضد مسيحيين. وعلينا كمصريين ألا ننساق وراء هذا المخطط القذر، علينا وفاءً لأرواح شهداء المنيا، وغيرهم من شهداء الوطن، أن نفوت على الإرهابيين فرصة تحقيق هدفهم. إن من يردد دعاوى الفتنة الطائفية مميزًا بين المصرى المسلم والمصرى المسيحي، إنما هو فى حقيقة الأمر يقف مع الإرهابيين فى خندق واحد؛ لأن هدف أعداء هذا الوطن أن تشتعل فتنة فى ربوع البلاد تأكل الأخضر واليابس. هذا هو الهدف الحقيقى الذى يسعى إلى تحقيقه كل حاقد على مصر وكاره لها، وبالتالى علينا ألا نُـمَكّن أعداءنا من السلاح الذى يقتلوننا به، سواء بحسن نية أو سوء نية. 
قتال الإرهابيين بالبندقية والمدفع لن يفضى وحده إلى القضاء على الإرهاب، إن لم يصاحبه فى الوقت ذاته تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب. إننى أود أن أؤكد أن الأمن والأمان لا يتحققان من خلال قوات الشرطة والجيش فقط، رغم جهودهما الرائعة وتضحياتهما النبيلة، وإنما يتحقق حصار الإرهاب والقضاء عليه بمحاربة الأفكار الهدامة التى تغذيه. علينا قبل أن نعرف كيف يهاجم الإرهابى ضحاياه، أن نبحث ونتقصى عن الأشخاص الذين نجحوا فى زرع كل هذه الكراهية فى عقله وقلبه، وما زالوا يزرعون هذه الكراهية فى عقل وقلب غيره من الشباب المصري، وسنجد مروجى الفتنة والكراهية هؤلاء - للأسف الشديد - ملء السمع والبصر، يحتلون مراكز مرموقة فى الجامعات ووسائل الإعلام، فضلًا عن المدارس بمراحلها كافة. هؤلاء وأولئك يُفـَرِّخون إرهابيين ودواعش. 
أرجو ألا يُفهم من كلامى أننى أدعو إلى التهاون مع من يحمل السلاح، بل إننى أطالب بأن تكون حربنا مزدوجة، نحارب بلا هوادة كل من يحمل سلاحًا، ونضرب بنفس القوة والشدة كل محرض على اعتناق أفكار متطرفة معادية للمجتمع والآخر، فالذى يحمل السلاح ليس وحده الإرهابي، وإنما لا يقل عنه إرهابًا دعاة الأفكار الظلامية، مغيبى العقول، ومضللى الشباب، المتسربلين بعباءة الدين، والدين منهم براء.
إن الإرهاب لا يقتصر على إطلاق الرصاص فقط!! 
إن من شارك فى جريمة إطلاق الرصاص على الأبرياء من ركاب أتوبيس المنيا منذ أيام قليلة ليس الإرهابيين الملثمين فحسب، بل كل من حرص على تكفير المسيحيين على شاشات التليفزيون. إن من قتل المسيحيين فى المنيا هو من ينادى ليل نهار بتحريم إلقاء التحية على شركاء الوطن من المسيحيين أو تهنئتهم فى أعيادهم، شارك أيضًا فى هذا الجرم البشع من يدعو من على المنابر أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة إلى غزو دول الغرب الكافرة (لأنها مسيحية)، ويدعو إلى أسر رجالهم وسبى نسائهم، وبيعهم فى سوق الجواري.
بقى أن نقول إنه آن لنا أن ننتبه إلى بعض ما نقع فيه من أخطاء، تصل فى بعض الأحيان إلى حد الخطايا، حين نشرع فى تهنئة بعضنا بعضًا كمصريين، مع بداية شهر رمضان، أو عيد الفطر أو عيد الأضحى، فنقول: «أعاده الله علينا وعلى كل المسلمين بالخير والبركات»!! 
ماذا يعنى هذا؟!.. يعنى أننا نطالب أن يقتصر الخير على المسلمين، أما المسيحيون شركاء الوطن فليذهبوا إلى الجحيم!!.. وهذا لا يليق. لماذا لا تقول يا صديقي: «أعاده الله على المصريين جميعًا بالخير والبركات»؟! أو «أعاده الله علينا جميعًا بالخير والبركات»؟! 
قد يعترض معترض قائلًا: لكن هذه مناسبات دينية إسلامية، لا شأن للمسيحيين بها.
الرد على ذلك الاعتراض بسيط: افترض معى أن الأمر يتعلق بمناسبة دينية مسيحية، فمن وجهة نظرى لا يجوز أيضًا أن نقول: «أعاده الله على المسيحيين بالخير والسعادة».
بل يجب أن نقول: «أعاده الله على المصريين جميعًا بالخير والسعادة». أو «أعاده الله علينا جميعًا بالخير والسعادة». 
رغم الحزن والألم والأسى على الدماء الطاهرة التى سالت على أرض المنيا.. رغم هذا الجرح الدامى سوف نواصل القول لبعضنا البعض مسيحيون ومسلمون:
«مصر بعافية وخير وستظل كذلك.. ستظل مصر روح واحدة فى مائة مليون جسد مهما حاول الكارهون.. إنهم يحاولون قتل بهجة مصر، ونزع الفرحة من قلوب المصريين، لكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك». 
حفظ الله مصر