لا أعرف ما السر الخفي الذي جعل "البطاطس" بين يوم وليلة أشهر من أشهر ملكة جمال في العالم، فما عليك إلا أن تكتب في «السيرش» بطاطس، وسترى كمّ الأخبار المتداولة، وعدد الألسنة التي لا حصر له وجرى عليها اللفظ، هذا ناهيك عن حلقات برامج «التوك شو» التي كأنها فتحت لتوِّها كتاب «المستطرف في كل فن مستظرف» وأخرجت من بطن التاريخ كل الإفيهات والمقولات، لكن لمن يعي، سجال البطاطس هذا طويل وممتد، وربما يكون من 7 سنوات أو أكثر، من وقت ظهور «العفن البني». وإذا كنا نتكلم عن عودة السياحة الروسية ففي المقابل هناك مفاوضات لعودة تصدير البطاطس لروسيا واستئناف رحلات الأقفاص، وحتى تستوعب الأمر أكثر اقرأ هذا: «أجرت وزارة الزراعة مفاوضات مع المستشار الزراعي بالسفارة الأمريكية، لفتح الأسواق الأمريكية للبطاطس المصرية»، أرأيت أن تلك البطاطس لها عظيم الشان، لكن عليك أن تعرف أن تقاوي هذه البطاطس يتم استيرادها من الخارج! أيْ نعم! دعك من كل ما سبق إن لم تفهمه فأنا أحاول فك لغزها معك وربما عم مخيون المجنون جاء ببعض التفسير؛ كونه «خبير في القرع» ومرت عليه «أزمة المانجا» و«أزمة الأرز» و«أزمة الكوسة»، فجاء تفسيره على «طاسة» كل من سمعه، وكأنه كتب هذه القصيدة بقشرها وترك للقارئ حرية «قليها» أو «هرسها» ومضغها، ووضع لها عنوانًا يناسب «المغرفة» أو كما قال في رواية أخرى يناسب «المرحلة» «آه يا ولاد البطاطس» وجاء فيها: «البطاطس يعني هوجة.. تقلب الفلاح لخوجة ينسى أرضه ينسى عرضه.. ينسى اسمه وحتى أصله.. يجري يتصرمح ويسهر.. يقضي طول الليل يفكر.. البطاطس يعني طبخة.. تقلب الحسبة ف ثواني.. تعمل العملة اللي هي.. تقلب المصلح ضلالي.. شيء ما تعرفلوش حقيقة.. شيء يلخبط شيء يعفرت.. شيء هلامي.. شيء ما تعرفلوش بداية.. شيء ما تعرفلوش ختام.. والبطاطس طب لمين؟ ده انتو يا ما شبعتوا كوسة.. بيها كنتوا كويسين.. لو أسيبكم! تبقى حوسة.. والخراب يفضل سنين.. لو أسيبكم يوم تضيعوا.. لو ما أكلتوش تجوعوا.. فوقوا يا ولاد البطاطس».
لنخرج من «طاسة القلية» ونفكر سويًّا مليًّا: هل كان الرئيس في كلمته: «عايزين تبنوا بلدكم ولا بتدوروا على البطاطس».. يقصد «البطاطس» كثمرة أم البطاطس كحالة وصفها عم مخيون المجنون في قصيدته.. أظن أن الرئيس قصد بكلمته شطر البيت في القصيدة الذي يقول: البطاطس طب لمين؟ ده انتوا ياما شبعتوا كوسة!.
في الحقيقة أنا لا يشغلني حالة «التحمير» التي نعيشها بمحض إرادتنا، ولكن يشغلني الإجابة عن سؤال ملح «إحنا كشعب عايزين إيه من الحياة؟».. حينما نعرف ستنتهي كل الأزمات.