الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

دستور الجماعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوما ما قام المدعو خالد الزعفرانى أو من أصدروا له - وقتها - أمر طباعة كتابه «الإسلام هو الحل» على أساس الوثيقة التى صدرت عن مؤتمر المجلس الإسلامى العالمى فى شتاء عام ١٩٨٣، وهى عبارة عن نموذج للتعميم لدستور من المفترض أن تقرره أى من الحركات المتأسلمة التى تصل إلى الحكم فى بلادها كنظام للحكم، ويبدأ الدستور بديباجة أن هذا الدستور هو ضمان لاستقامة المجتمع كله وتنتهى الديباجة بالنص التالي:
نحن شعب.. الذى أعلن موافقته على هذا الدستور عن طريق الاستفتاء الذى أجرى فى.
نعلن التزاما بكل ما جاء فيه، ونعاهد الله تعالى ألا ندخر جهدًا أو وسعًا فى سبيل تطبيقه نصًا وروحًا، والله على ما نقول شهيد)
هو ليس دستورا استرشاديا تضعه كل بلد حسب ظروفها، لكنه دستور إلزامي، بل هو نموذج غير قابل إلا للتطبيق دون أدنى مناقشة أو تعديل، دون النظر لأى تنوع جغرافى أو ثقافى فالدولة (الإسلامية) المزمعة فى إندونيسيا أو ماليزيا أو ألبانيا أو تركيا أو أذربيجان أو الشيشان ستتطبق هذا الدستور مثلما ستطبقه دولة مصر أو المغرب أو فلسطين أو العراق أو سوريا أو لبنان أو ليبيا أو نيجيريا أو النيجر.
وهكذا فكر التأسلم الفاشى بتنوعاته لا ينظر إلى الدول المزمع حكمها بواسطة جماعاته إلا باعتبارها «أقطار» تعيش فى مرحلة ما تحت الضم وإزالة الحدود تمهيدًا لإعلان دولة الخلافة، لتصبح فى النهاية ولايات تابعة لمركز دولة الخلافة أو الإمامة وذلك لأنهم لا يعترفون كما هو مثبت مسبقًا برابط الوطنية كرابط لأى أمة، إذ لا يوجد سوى رابط الدين، ولا توجد أمة معترف بها سوى الأمة الإسلامية المزعومة..
فى (الباب الأول.. أسس الحكم ومقومات المجتمع) 
أ - الحكم كله لله وحده والسيادة جميعها لشريعته..
ب - الشريعة - متمثلة فى الكتاب والسنة - مصدر التشريع ومنهاج الحكم..
البداية واضحة.. الحكم (كله) لله وحده، ولم يقل لنا أصحاب هذا الدستور كيف سيحكم الله.. لكننا نعرف أن من سيحكم بتوكيل عن الإله وباسمه، ولا يوجد تفسير آخر.. 
كذلك السيادة هنا لن تكون للشعب كما تتحدث دساتير (بلاد الكفر) وإنما السيادة هنا (جميعها لشريعته) وشريعته هنا هى ملك أهل العقد والحل من فقهاء وعمائم تلك الجماعات وليس أحد آخر، وعندما أشار الدستور للشعب هنا فقد حدد دوره ووظيفته بل ووجوده بـ(طبقًا لأحكام الشريعة) أى طبقًا لما يقرره أهل الحل والعقد..
(مادة ٢:
…... جزء من العالم الإسلامي، والمسلمون فيها جزء من الأمة الإسلامية)
النقط هنا فى بداية المادة - كما أسلفنا - سيوضع فيها اسم الدولة «القطر أو الولاية فى المستقبل»، أى أن رابط الدين بديل ناف لرابط الوطنية..
مادة ٣:
يقوم المجتمع والدولة على اتباع الشريعة الإسلامية وتطبيقها فى كل شئون الحياة).
لا جديد هنا سوى أن هذه المادة تستكمل وصف الدولة ليست فقط باعتبارها دولة دينية ولكن باعتبارها دولة طائفية لا تتسع إلا لطائفة واحدة من خلال التحريض الطائفى الخاص بأداء واجب البلاغ، وهذه المادة تشكل أمرًا تشريعيًا مباشرًا لتشكيل جماعات «الأمر بالمعروف».
وعكس كل دساتير العالم التى تضع المبدأ الدستورى الخاص بأن القانون يأتى لينظم الحق الدستورى لكنه لا يمنعه ولا يحده إلا أن جديد تلك العمامات هنا هو أن القانون هو الذى يحدد الحق الدستورى فيمكن له أن يمنعه مثلًا أو يحدد طريقة ممارسته على نحو يجعل الحديث عن حرية الفكر والرأى والتعبير فى الحقيقة تحذيرًا من ممارستها..
وما يلفت النظر أنه فى الحديث عن الأحوال الشخصية فى دستور الجماعة أنه تحدث عن المواطنين من أصحاب المذاهب والمعتقدات الدينية غير الإسلامية بطريقة مهينة لا تتفق مع مبادئ المساواة الإنسانية ولا مبتدئ المواطنة التى عرفها العالم المعاصر.
والملاحظة هنا أن الحديث عن غير المسلمين فى هذا الدستور يرتبط بالتهميش والتصغير والتحقير، وهو ما يتجسد فى استخدام تعبير (الأقليات) فى الإشارة إلى غير المسلمين، 
الرابطة الدينية (ليس من التسامح فى شىء أن تقوم العلاقات بين المسلمين والمسيحيين مثلًا، على النفاق الزائف المكشوف، الذى يعلى الرابطة الوطنية أو القومية على الرابطة الدينية، مع مخالفة هذه الفكرة مخالفة صريحة كما فى الإسلام والمسيحية معًا..)، (ص٨٠)، وبالمناسبة هذا الكلام قد تأسس على كتابات سيد قطب الذى بلور فيه أفكار حسن البنا وأبو الأعلى المودودي والذي اعتبر الوطنية بدعة وضلالة.
مادة ١٤.
مواطنة «الدولة الإسلامية» حق «لكل مسلم»، وينظم القانون ممارسة هذا الحق.. والمواطنة هنا حق للمسلمين فقط).
هكذا دستورهم وعلينا السمع والطاعة.
المصدر من أوراق الأستاذ حمدى عبدالعزيز.
أحد قيادات يسار البحيرة وبر مصر.