بدأت جرائم الإخوان والتى نفذها «التنظيم السرى» باغتيال أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء، فى الممشى الواقع بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ بعد أن اتهموه بتزوير الانتخابات ونظموا تظاهرات وهتفوا بسقوطه.. يقول «خالد محمد خالد» فى كتابه «قصتى مع الحياة»: «كان أحمد ماهر باشا فى البهو الفرعونى وفى طريقه إلى مجلس الشيوخ، انتظره ٤ من أعضاء التنظيم السرى وتقدم أحدهم مُتظاهرًا بمصافحته فلما مد أحمد ماهر باشا يده اليُمنى، فاجأه برصاصات استقرت فى قلبه وعُرِف اسمه «محمود العيسوى» محام تحت التمرين وعُرِف عنه عضويته بالحزب الوطنى.. كان «التنظيم السرى» بارعًا فى التنكر، فهو بعد تدريب أعضائه على كل فنون الإرهاب، يَأْمُر بَعضهم بأن يلتحق ببعض الأحزاب حتى إذا اختِير يومًا لعمل من أعمال الاغتيالات أو الإرهاب لم يظهر عليه انتماؤه للإخوان». كان هذا ما ذكره «خالد محمد خالد».. وهو ما حدث بالفعل، إذ حاول الإخوان التنصّل من الجريمة، لكن اثنين من كبار قاداتهم أكدا على انتماء «محمود العيسوى» للتنظيم السرى للإخوان، فقد ذكر «الشيخ السيد سابق وهو عضو فاعل بالتنظيم السرى» أن «محمود العيسوى» من صميم الإخوان، فيما ذكر «الشيخ أحمد حسن الباقورى عضو مكتب إرشاد الجماعة» أن التنظيم السرى هو الذى وجه «محمود العيسوى» لاغتيال أحمد ماهر.
وقررت جماعة الإخوان التصعيد، وزادت جرائم «التنظيم السرى» وعمدوا لحرق أقسام البوليس.. هُنَا يقول «أحمد عادل كمال عضو التنظيم السرى» فى كتابه «النقط فوق الحروف»: قُمنا بتوزيع أقسام الشرطة فى القاهرة على أعضاء التنظيم السرى لِدراستها، وأعددنا اللفائف المُتفجرة وكان بكل لفافة أصابع الجلجنايت وبها مُفجر ومُشعِل كيماوي.
.. وفى ( ٢٤ ديسمبر ١٩٤٦ ) شهدت القاهرة عِدّة حوادث جراء إلقاء قنابل انفجرت فى أماكِن مختلفة، وضبط اثنين من أعضاء التنظيم السرى للإخوان وتم تقديمهما لمحكمة الجنايات فقضت بإدانة أحدهما فى القضية (٧٦٧ لسنة ١٩٤٦).. هُنَا يقول «محمود الصّباغ عضو التنظيم السرى» فى كتابه «حقيقة التنظيم الخاص»: قمنا بتفجير قنابل فى جميع أقسام البوليس فى القاهرة بعد العاشرة مساء ومنها أقسام بوليس الموسكى والأزبكية ومصر القديمة ونقطة بوليس السلخانة وعابدين والخليفة وإمبابة.
.. توالت الجرائم التى ارتكبها «التنظيم السرى» فتم تفجير فندق «الملك جورج» بالإسماعيلية ونسف سينما ميامى وسينما مترو وسينما الكوزمو وسينما متيربول.
.. وفى بدايات عام ١٩٤٨ وتحديدًا فى ١٩ يناير تم ضبط (١٥) من المنتمين للتنظيم السرى للإخوان بمنطقة جبل المقطم وهم يتدربون على استخدام الأسلحة النارية والمفرقعات والقنابل وبحوزتهم كميات كبيرة من السلاح.. هُنَا يقول «أحمد عادل كمال عضو التنظيم السرى»: كنّا نتدرب على استخدام السلاح والمفرقعات فى جبل المقطم واستمر ذهاب المجموعات وعودتها بمُعدل مرتين كل يوم ولمدة طويلة، وكُنا مُتفقين على التأكيد على أنه فى حالة القبض علينا نقول إننا مُتطوعون لقضية فلسطين وهى إجابة كان متفقا عليها وفى نفس الوقت كانت هناك استمارات بأسمائهم تُحرر فى مركز التطوع لقضية فلسطين وتم الاتصال بالحاج «محمد أمين الحسينى مفتى فلسطين» وشرحنا له الوضع على حقيقته وكان مُتجاوبًا معنا تمامًا فأقر بأن المقبوض عليهم مُتطوعون من أجل فلسطين وأن السلاح سلاح الهيئة العربية العليا.
.. فى محاولة من جماعة الإخوان لإرهاب القُضاة، قاموا باستهداف المستشار «أحمد الخازندار وكيل محكمة استئناف القاهرة» الذى حكم بإدانة بعض أعضاء التنظيم السرى لتورطهم فى عدد من الجرائم.. هُنَا يقول «عبدالعزيز كامل عضو مكتب إرشاد الإخوان» فى كتابه «فى نهر الحياة»: كان المستشار الخازندار فى طريقه من منزله فى حلوان إلى عمله، جاءه اثنان من شباب التنظيم السرى للإخوان بإطلاق النار عليه فسقط قتيلًا وأمكن القبض عليهما وهما «حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم».
.. «محمود الصّباغ عضو التنظيم السرى» يقول فى كتابه «حقيقة التنظيم الخاص»: قام «عبدالرحمن السندى رئيس التنظيم السرى» ومعه اثنان من التنظيم السرى باغتيال الخازندار لأنه حكم بالسجن على أُناس من الإخوان، كما وضعت بنفسى خطة لخطف الأخوين عبدالحافظ وزينهم من السجن.. «أحمد عادل كمال عضو التنظيم السرى» يعرِض تفاصيل أكثر حول هذه الجريمة فى كتابه «النقط فوق الحروف» ويقول: لم تكن الأخبار مُطمئنة لى يوم مقتل الخازندار الذى اغتاله اثنان من إخواننا فى التنظيم السرى بعد القبض عليهما، فقد قاموا بمراقبته لعدة أيام قبل قتله، وبعد القبض عليهما تظاهر حسن عبدالحافظ بالمرض العصبى وأُحيل لمستشفى الأمراض العقلية، لكنهما حُكْما عليهما بالأشغال الشاقة، وقمُنا بتجهيز خطة لاقتحام السجن ليلًا لإخراجِهما منه، وكانت الخطة كالآتي: دراسة مداخل ومخارج السجن، وأعددنا معدات اقتحام السجن وسلالم من الحبال، واختُير مكان الاقتحام من سُوَر السجن الخلفى الجنوبي، وتم اختيار المجموعة التى ستنفذ العملية وتم تدريبهم وتسليحهم بالرشاشات والمسدسات، وكان حُراس السجن مُسلحين بالبنادِق قديمة الطراز مما يُخشى طلقة طلقة، ونجحنا فى صنع نُسخة من مفاتيح لأبواب السجن وزنازينُه وتم تجربتها على الأبواب، وكان كل شيء يسير فى مساره المرسوم، لكن تم تأجيل تنفيذ العملية.