منذ عدة أيام احتفلت مصر وروسيا بمرور ٧٥ عاما على العلاقات الوثيقة بين الدولتين الصديقتين، ومنذ الخمسينيات والستينيات والاتحاد السوفيتي، يساند مصر قولا وفعلا فى مواجهة قوى الشر: الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وعندما رفض صندوق النقد الدولى بإيعاز من الولايات المتحدة أن يمنح مصر قرضا لتمويل مشروع بناء السد العالي، عرض الاتحاد السوفيتى على الرئيس جمال عبدالناصر أن يقوموا بتمويل بناء السد العالى دون شروط أو إملاءات أو أجندات مثلما يفعل الأمريكان، وهكذا أنشأت مصر السد العالى بالتعاون مع روسيا الدولة الصديقة، وقد استطاع السد العالى منذ الستينيات وحتى اليوم أن ينقذ مصر من العطش والمجاعة بفضل الاتحاد السوفيتي.
وكان بناء السد العالى أول محطة يتم تدشينها فى العلاقات بين مصر وروسيا، وبعدها شهدت العلاقات بين الدولتين تطورات إيجابية، قام على إثرها الاتحاد السوفيتى بتشييد قلاع صناعية فى مصر مثل مصنع الحديد والصلب فى حلوان ومصنع الألومنيوم فى نجع حمادي.
وبعد مؤامرة ١٩٦٧ استمر الاتحاد السوفيتى فى دعم مصر من أجل إعادة بناء القوات المسلحة، وعندما انطلقت معركة أكتوبر ٧٣ كان الجيش المصرى يحارب العدو الإسرائيلى بالسلاح السوفييتي، وكان أحد أسباب نصر أكتوبر المجيد، ووقتها أكد الاتحاد السوفييتى وقادته أنهم داعمون عسكريا أو سياسيا لمصر وسوريا، وفى ٧ أكتوبر ١٩٧٣ صرح الرئيس بريجنيف رئيس الاتحاد السوفيتى بأن مصر وسوريا ضحايا للعدوان الإسرائيلي، وأنهما يعملان على تحرير أراضيهما من العدو الإسرائيلي، وأن من واجب الاتحاد السوفييتى الوقوف إلى جانبهما.
والنقلة الكبرى فى تطور العلاقات بين روسيا الاتحادية ومصر جاءت عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حيث كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من أوائل قادة العالم الذى أعلن تأييده لإرادة واختيار الشعب المصرى والنظام الذى تولد عنه، وقد تطورت العلاقات المصرية الروسية خلال السنوات الخمس الماضية بشكل ملحوظ بفضل رغبة الزعيمين: السيسى وبوتين فى تطوير هذه العلاقات بما يخدم مصالح الدولتين والشعبين الصديقين وتطورت العلاقة على الصداقة والتوافق فى الرؤى بين الدولتين خاصة فى قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية والإرهاب فى سوريا وليبيا، ووصلت العلاقات بين مصر وروسيا إلى العلاقات الاستراتيجية التى تم التوقيع عليها مؤخرا أثناء زيارة الرئيس السيسى لموسكو منذ عدة أيام بدعوة كريمة من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وفى القمة بين السيسى وبوتين فى سوتشى تم الاتفاق على تطوير علاقات التعاون بين البلدين فى مجالات عديدة مثل الطاقة النووية والعلوم والتكنولوجيا والفضاء بالإضافة إلى التعاون العسكرى والأمني.
ومن أهم النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس السيسى لروسيا الاتحادية استئناف رحلات السياحة بين روسيا وكل من شرم الشيخ والغردقة للسياحة الروسية قريبا.
كما تقرر بدء عملية التفاوض بين مصر وأمانة الاتحاد الاقتصادى الأورو آسيوى اعتبارا من يناير القادم للتوصل لاتفاق تجارة حرة بين الجانبين، وهذا الاتفاق من شأنه إطلاق القدرات التصويرية لمصر وجذب الاستثمارات من دول هذه المنطقة.
والجدير بالأهمية أن الاتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى يضم فى عضويته كلا من روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا.
وكانت أهم الملفات التى تناولتها مباحثات الرئيس السيسى وديمترى ميديديف رئيس وزراء روسيا الاتحادية هى ملفات: الإرهاب وإقامة محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء ومشروع المنطقة الصناعية الروسية بمحور قناة السويس.
ولعل من أهم ملامح السياسية المصرية بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ توسيع علاقاتها القوية مع كافة دول العالم، وتوظيف هذه العلاقات بما يخدم مصلحة الشعب المصرى وتبادل المصالح المشتركة بعيدا عن سياسة الأحلاف والتكتلات، وأصبحت مصر بهذه السياسة محل تقدير واحترام دول العالم سواء فى روسيا أو الصين أو أمريكا أو الاتحاد الأوروبى خاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا أو فى شرق المتوسط فى قبرص واليونان، بالإضافة إلى عودة الريادة لمصر قى قيادتها لأمتها العربية والأفريقية.
وإذا كان الشعب المصرى العظيم فى ٣٠ يونيو قد أدرك بحسه وعبقريته أن روسيا دولة صديقة لمصر منذ ما يقرب من ٧٥ عاما ولها مواقف تاريخية تجاه مصر مشرفة للغاية، مثل بناء السد العالى وإعادة بناء الجيش المصرى ودعم القوات المسلحة بالسلاح لنحارب العدو الإسرائيلى وننتصر عليه فى أكتوبر ٧٣، والعلاقات الوثيقة التى تربط مصر وروسيا خلال السنوات الخمس الماضية، فهذا يؤكد - بما لا يدع مجالا للشك - أن مصر السيسى أصبحت تملك استقلالية قرارها السياسى والسيادي، وأن مصر أصبحت دولة قوية لأنها تمتلك جيشا قويا يمتلك قوة ردع، وأصبح الجيش العاشر فى العالم من حيث القوة، كما تمتلك مصر شرطة تسهر على أمن واستقرار الجبهة الداخلية، وتحارب الإرهاب مع أشقائها فى القوات المسلحة دفاعا عن مصر وأمتها العربية والعالم.