«جامعة الطفل»، مصطلح لا يعرف عنه أغلب المصريين شيئا، وهو ليس مجرد مصطلح ولكنه كيان متواجد على أرض الواقع داخل الجامعات المصرية، كتجربة فريدة من نوعها انطلقت منذ سنوات قبل إعلان خطط تطوير التعليم.
ونادرًا ما ينجح مشروع حكومي، أو مبادرة تعليمية، كما نجح مشروع جامعة الطفل، والذى استمر لسنوات متعاقبة، وتحقق ذلك بالإقبال الكبير والمتزايد من جانب أولياء الأمور، والإشادة التى قدموها للبرنامج على مستوى الجامعات.
«البوابة» تعرض فى هذا الملف تعريفا بـ«جامعة الطفل» وتنشر أهدافها وشروط الالتحاق بها، ونوعية التدريس بها، كما نعرض آراء أولياء الأمور بالمبادرة.
المعروف أن «جامعة الطفل» مشروع تعليمى ينتشر بكل أنحاء العالم، يتيح إمكانية التفكير العلمى والنقدى والإبداعي، عبر إتاحة الفرصة لتدريب الأطفال فى المجتمع الجامعي؛ من خلال الاحتكاك بالأساتذة الجامعيين والعلماء، ودخول المعامل والتدريب والتأهيل الجامعي، ويزيد من قدراتهم الإبداعية العقلية والابتكارية، وتبدأ الأنشطة التعليمية بالجامعات خارج نطاق اليوم الدراسى العادي، وأثناء تناول الغذاء، وبعد اليوم الدراسي، وأثناء العطلات والإجازات.
و«جامعة الطفل» فى مصر، برنامج أطلقته أكاديمية البحث العلمى منذ عام ٢٠١٥، بالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم، ويطبق فى عدد يتزايد سنويا من الجامعات الحكومية والخاصة.
وبدأ البرنامج فى ٢٠ جامعة على مستوى مصر، ثم تزايد فى العام التالى ليصل ٢٢ جامعة حكومية و٣ جامعات خاصة ومعهدين عاليين، وفى العام الثالث تزايد العدد لـ٢٧ جامعة على مستوى الجمهورية، إلى أن وصل العدد خلال العام الحالى ٢٠١٨/٢٠١٩ لـ٣٤ جامعة وأكثر من ٤ آلاف طالب تم اختيارهم من بضعة آلاف، ليصل إجمالى عدد المشاركين بالبرنامج حتى الآن ما يقرب من ١٥٠٠٠ طالب.
ويشارك بالبرنامج عدد من الجامعات وهى «القاهرة، عين شمس، حلوان، الأزهر، بنى سويف، طنطا، المنوفية، بنها، كفرالشيخ، الزقازيق، المنيا، دمياط، أسوان، الفيوم، قناة السويس، السويس، مدينة السادات، جنوب الوادى، المنصورة، فاروس بالإسكندرية، سيناء، الجامعة البريطانية فى مصر، الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا، الجامعة الصينية، الجامعة الفرنسية، جامعة سوهاج.
وأعلن الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، أن برنامج جامعة الطفل استقبل فى العام الجديد ٢٠١٨/٢٠١٩، ٤٣٠٠ طالب، من مختلف محافظات الجمهورية فى ٣٤ جامعة مصرية حكومية وخاصة.
وتابع «صقر»، يأتى برنامج جامعة الطفل الذى تتبناه الأكاديمية، كمشروع قومى فى مجال التعليم الإبداعى غير الرسمى للعلوم واكتشاف واحتضان الأطفال المميزين فى مراحل مبكرة من التعليم، وهو إحدى آليات أكاديمية البحث العلمى فى هذا المجال.
وتمنى «صقر» أن ينال المشروع الدعم من الجهات المعنية بالتعليم فى مصر، حيث لن يكون بمقدور الأكاديمية، بدون دعم مادى قوى ومشاركة كافة مؤسسات الدولة، الاستمرار فى هذا المشروع القومى، خاصة بعدما لاقى قبولا مجتمعيا وتقدم له الآلاف، حيث إن الأكاديمية تدعم برنامج جامعة الطفل من الناحية التقنية والتمويل المالي، ووضع المناهج العلمية لتتناسب مع كل فئة عمرية ومتابعة التنفيذ، حيث يدرس الأطفال بقاعات المحاضرات والمعامل بداخل أروقة الجامعات على يد الأساتذة الجامعيين.
الدراسة بالجامعة
الدراسة فى «جامعة الطفل» بنظام سنة تمهيدية، يتعرف فيها الطالب على مختلف المجالات العلمية، يتبعها خمس سنوات تخصص تحت مسمى «كلية»، ويدرس الطالب ٩ تخصصات علمية مختلفة مثل «الطب، الصيدلة، الطب البيطري، الهندسة»، وأيضا الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى الفنون، مثل الرسم وتشكيل الصلصال والخزف وصناعة الماسكات، كما يوجد بجامعة الطفل نشاط أدبى ومسرحي.
والدراسة مقسمة إلى ثلاث مراحل، وهناك أطفال يدرسون فى أوقات الدراسة العادية، أيام وجودهم بجامعة الطفل هى السبت من كل أسبوع، أما الأطفال الذين يدرسون أثناء الإجازة، فتكون أيام التحاقهم بالجامعة خمسة أيام أسبوعيا أو ستة حسب المتاح، ولا تؤثر الدراسة بالجامعة على دراستهم بالمدارس.
ويدرس الأطفال بقاعات المحاضرات والمعامل بداخل أروقة الجامعات، على يد الأساتذة الجامعيين، ويبلغ متوسط دعم الأكاديمية للطالب فى برنامج جامعة الطفل ألف جنيه سنويا، ويتم إعطاء الطالب الفرصة الكاملة ليختار الجامعة والكلية والتخصص الذى يرغب فى دراسته بطريقة غير تقليدية، بعيدا عن ضغوط الأسرة ومكتب التنسيق.
والدراسة تكون موحدة فى كل الجامعات ومحددة من قبل أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، استنادًا لبرنامج جامعة الطفل العالمى، حيث إن الأكاديمية عضو الشبكة الأوروبية لجامعة الطفل، ويتبقى تخصصان تنفرد باختيارهما كل جامعة على حسب ما تتميز به فى المجال العلمى.
والدراسة مجانية تمامًا ولا توجد امتحانات فى نهاية المدة، ولكن يتم التقييم بمشروع من ابتكار الطفل يشارك به فى المسابقات المختلفة.
وبعد انتهاء الدراسة تمنح جامعة الطفل شهادة التخرج (لكل الخريجين)، معتمدة من أكاديمية البحث العلمى، ويتم تحفيز الطلاب من خلال توزيع جائزة مالية للحاصل على المركز الأول من كل جامعة، ودرع جامعة الطفل، ومنح شهادات البرونز والفضة والذهب لطلاب كل مستوى، وشهادات فخرية لأفضل الإنجازات المتميزة والالتزام فى الحضور، بالإضافة إلى منح المراكز الأولى رحلة مدعومة بالكامل إلى إحدى جامعات الطفل العالمية.
كيفية التقديم
والتقديم للجامعة يكون عبر «الإنترنت» من خلال موقع أكاديمية البحث العلمي، ويتم فتحه مرة واحدة سنويا، ويتم الإعلان عن فتحه قبل الموعد بفترة كافية، وتنشر أكاديمية البحث العلمى على صفحاتها الرسمية ميعاد التقديم كل عام، ويقدم الطالب الأوراق المطلوبة بعد قبوله بالتقديم الإلكتروني.
وتشمل المستندات، «أصل قيد الميلاد و٤ صور حديثة وصورة بطاقة ولى الأمر، وإقرار ولى الأمر، وملف بلاستيك»، ويتم تقديم الأوراق أثناء دراسة الطالب فى مرحلته، ومواعيد الدراسة يتم تحديدها كل سنة ونشرها قبل بداية الدراسة بفترة كافية، مع ملاحظة أن القبول فى جامعة الطفل يكون بأولوية التقديم، وهو من اختصاص أكاديمية البحث العلمى التى تقبل العدد المحدد المعلن عنه أثناء التقديم.
شروط الالتحاق
وتشمل شروط الالتحاق بجامعة الطفل:
- التسجيل متاح للفئة العمرية من ٩ إلى ١٥ سنة، بشرط ألا يقل عمر الطفل عن ٩ ولا يزيد على ١٥ سنة فى وقت التسجيل.
- التسجيل إلكترونى فقط، ولا يوجد أى طريقة لتسجيل الطفل، إلا من خلال الموقع الإلكترونى فقط.
تخصصات علمية يدرسها الطالب مثل «الطب، الصيدلة، الطب البيطري، الهندسة»
انتقد عدد من أولياء الأمور، آلية التسجيل فى مبادرة «جامعة الطفل» والتى تبدأ فى كل مرة الساعة الثالثة عصرا، ويغلق عدد من الجامعات باب التسجيل بعدها بدقائق، واشتكى آخرون من أن «لينك» التقديم غير واضح.
وقال أحد أولياء الأمور: «مش كل الناس تقدر تاخد إجازة من عملها، الميعاد سيئ جدا»، وعبر آخر عن رفضه قائلا: «أنا فتحت اللينك حتى أجد مكانا بالقاهرة الكبرى، وقال لى العدد اكتمل»، وأشار آخر إلى أن «اللينك مكنش واضح».
وكشف عدد من أولياء الأمور عن نجاح المشروع جامعة الطفل، ولكنهم اشتكوا من المشاكل التى واجهوها فى إجراءات القبول، حيث يقول محمد سالم، والد أمر طالب بجامعة الطفل: «استمررت لثلاث سنوات أحاول تسجيل ابنى فى الجامعة، حيث تعلن أكاديمية البحث العلمى، عن فتح باب التسجيل فى شهر مارس سنويا، فى الثالثة عصرا، ولا تمر دقائق، حتى تمتلئ الأماكن بالعديد من الجامعات، وخاصة جامعات القاهرة الكبرى، وهو ما يعد صدمة لنا».
واستنكر هذه الآلية لأنها تعتمد على أسبقية التسجيل، واصفا إياها بالوسيلة العشوائية، ولا تساعد على اختيار الأطفال المتميزين.
موعد التدريب
وانتقد عدد من أولياء الأمور، موعد انطلاق جامعة الطفل فى إجازة منتصف العام الدراسي، وأن الأنسب أن تبدأ فى الإجازة الصيفية، حيث إنها الأطول مدة والأنسب، ولفتوا إلى أن جامعة الطفل بجامعة عين شمس، بدأت برنامجها العام الماضى فى منتصف يناير، ما أنهك الطلاب خلال إجازة منتصف العام الدراسي، فضلا عن توقف الاستفادة بعد انتهاء البرنامج.
وأكد عدد من أولياء الأمور، أن الخريطة الخاصة بجامعة الطفل وتدريب الطلاب مفيدة وفوق المتوقع ومجانية، ويشرف عليها أساتذة أفاضل، ولكن تحتاج إلى سيناريو لاستكمال ما بعد التدريب، خاصة الطلاب الراغبين فى استكمال البرنامج أو التدريب العملي.
مقترحات
وتقدم أحد أولياء الأمور، بمقترح أن يتم إتاحة التقديم لجميع الأطفال، وبعدها يتم عقد قرعة للاختيار بين الأطفال، وهو ما رفضه مسئولو جامعة الطفل، لأن القرعة ستفتح باب تبادل الاتهامات حول المحسوبية والوساطة، من جانب مسئولى الأكاديمية، وهو ما سيثير غضب الآباء.
واقترحت مريم عباس - ولي أمر- قبول جميع الطلاب المتقدمين، وتقسيمهم إلى مجموعات مختلفة، ثم يتم توزيع كل مجموعة فى مجال مختلف وتدار المجموعات بهذا الشكل، بدلا من تمركزهم فى مجموعة واحدة، بجانب عقد البرنامج على مدار أشهر الصيف المختلفة بدلا من عقده مرة واحدة، خاصة أن التقدم يبدأ فى شهر مارس، ويمكن أن يمتد تدريب الطلاب لثلاثة أشهر كمجموعات منفصلة بدلا من مجموعة واحدة فقط وبهذا سيتم استيعاب جميع الأطفال.
وطالبت جاسمين مجدي، طالبة، بالتوسع فى سن القبول، مشيرة إلى أنه تم رفض التحاقها بجامعة الطفل بسبب بلوغها سن السادسة عشرة عاما، على الرغم من رغبتها فى التدريب وخوض التجربة، خاصة مع إعجاب وانبهار أخيها بالبرنامج، مطالبة بأن يشمل البرنامج جميع طلاب المدارس.
التواصل السريع
ويتواصل مسئولو جامعة الطفل، مع أولياء الأمور بسرعة وتفاعلية كبيرة، محاولين توضيح آلية التقديم، واحتواء غضب أولياء الأمور، موضحين أن التسجيل والقبول بجامعة الطفل مكفول ومفتوح لكل طفل مصرى دون قيد أو شرط، ولذلك يتم فتح باب التقدم سنويا بناء على الأعداد المتاحة بالجامعات المصرية من الإسكندرية إلى جنوب الوادي، ويتم غلق باب التقدم تلقائيا عند اكتمال العدد، ولا توجد أى شروط للقبول غير شرط السن، وذلك لأن برنامج جامعة الطفل ليس برنامجا لاختيار الموهوبين أو النابغين ولكنه برنامج الهدف منه تنمية مهارات أى طفل.