تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ملحمة أكتوبر- 4
توقفنا فى المقال السابق عند الساعة الثانية من ظهر يوم السبت السادس من أكتوبر 73 حين بدأت العمليات العسكرية بالضربة الجوية الأولى، وفى مذكراته يقول المشير الجمسى: «كانت قلوبنا فى مركز العمليات تتجه إلى القوات الجوية ننتظر منها نتائج الضربة الجوية الأولى، وننتظر عودة الطائرات إلى قواعدها، وفى الساعة الثانية وعشرين دقيقة عادت الطائرات المصرية بعد أداء مهمتها وتعلقت الابصار بقائد القوات الجوية وهو يشرح للرئيس السادات ولبقية القادة نتائج الضربة الأولى والتى حققت أهدافها بنسبة 90%، ولم تزد الخسائر على خمس طائرات فقط، وكانت تقديرات الخبراء الروس تشير إلى أن الضربة الجوية لن تحقق أكثر من 30% من الأهداف الموجودة وأن خسائرها ستصل إلى 40% ولكن نسور مصر الأبطال أثبتوا للعالم كله قدرتهم على التحدى»، وهكذا نجحت الضربة الجوية التى كانت مفتاحًا للنصر وإشارة لبقية رجالنا لكى يتحركوا وفى لحظة إنسانية بالغة الصعوبة أبلغ حسنى مبارك الرئيس السادات بأن شقيقه عاطف قد استشهد ضمن الطيارين، الذين استشهدوا فى الضربة الأولى، وتغلب الرجل على أحزانه وتابع المدفعية المصرية وقد حولت الشاطئ الشرقى للقناة إلى جحيم، حيث فتحت النيران على مصرعيها وتحت ساتر هذه النيران عبرت القناة مجموعات من الصاعقة وأطقم اقتناص الدبابات وذلك لتقوم بزرع الألغام فى طريق الدبابات المعادية، ثم بدأت خمس فرق من المشاة فى العبور مستخدمة ما يقرب من ألف قارب مطاطى، وبعد عدة دقائق كان هناك أكثر من ثمانية آلاف جندى يضعون أقدامهم على الضفة الشرقية للقناة، وراحوا يتسلقون الساتر الترابى الذى وصل ارتفاعه إلى اثنين وعشرين مترًا، وقاموا برفع علم مصر على أرض سيناء، وتقدمت وحدات المهندسين العسكريين، وقامت بفتح الممرات اللازمة فى الساتر الترابى باستخدام مدافع المياه، وهكذا دارت عجلة الحرب، بينما التاريخ كان يلهث بقلمه وراء الأبطال ليسجل أروع إنجاز للعسكرية المصرية، وفى أقل من ست ساعات كان على أرض سيناء ما يزيد على ثمانين ألف جندى مصرى لتبدأ المواجهة على الأرض، وليت الذين يشككون فى قدرة جيشنا ويكتبون بعض التفاهات على مواقع التواصل الاجتماعى أن يراجعوا التاريخ جيدًا ليعلموا الحقيقة، فمن المثير للضحك أن تجد فيديو لامرأة تدعى أنها مصرية، وأنها إعلامية وأظن أن شعب مصر بكل طوائفه برىء منها ومن أمثالها الذين فروا كالجرذان إلى خارج البلاد، وراحوا يبثون سمومهم عبر الإنترنت والقنوات العميلة، وفى هذا الفيديو تتحدث هذه الخائنة عن حرب أكتوبر بتهكم واستخفاف، وتهاجم جيشنا العظيم وقادته الأبطال الذين حققوا ملحمة النصر وعبروا بنا من محنة الهزيمة والانكسار إلى فرحة رد العزة والكرامة والاعتبار، ولم أحزن ولم أغضب لهذا الفيديو بقدر حزنى وغضبى من تعليق أحد الشباب الذى كتب بالحرف الواحد: «قولى كمان يا أستاذة واكشفيهم، أنا قرأت تاريخ هؤلاء العسكر، واكتشفت أنه وهم كبير».. هنا تساءلت عن المراجع والكتب التى عاد إليها ذلك الشاب والتى تتحدث عن العسكرية المصرية، وأدركت أنه كاذب أشر، لأن جميع الكتب والمراجع العالمية والعربية تقف أمام تاريخ جيشنا بكثير من التقدير والاحترام، ووجدتنى أكتب له: يا هذا أنت مجرد ببغاء تردد ما سمعته من كارهى الجيش المصرى، وهؤلاء سنخصص لهم دراسة كاملة من عدة مقالات فى القريب العاجل، أما الحقيقة الثابتة التى أعترف بها العدو قبل الصديق فهى تحمل تقديرًا خاصًا لجيشنا الباسل الذى هو خير أجناد الأرض كما قال المصطفى، عليه الصلاة والسلام، يا من تدعون الإسلام وتأخذون منه الشكل وتتركون الجوهر، فهذا الجيش العظيم قد حقق فى السادس من أكتوبر 73 نصرًا فريدًا من نوعه، وها نحن نواصل اليوم حديثنا عن تلك المعركة الفاصلة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، فحين غربت شمس السادس من أكتوبر، كان جنودنا قد تمكنوا من الاستيلاء على 15 نقطة قوية وتقدموا بعمق 4 كيلومترات، وأسقطوا 27 طائرة ودمروا 60 دبابة، وكل هذا تم، وسط دهشة العالم اجمع ودهشة قادة إسرائيل، الذين تصوروا أن انتصار الجيش المصرى من المستحيلات، وقبل أن يبزع فجر يوم السابع من أكتوبر كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة بعد أن نجحت فى إقامة عدد كبير من الكبارى، كما قامت الطائرات الهليكوبتر بإفراغ حمولتها من رجال الصاعقة فى عمق سيناء شمالًا وجنوبًا، وبعد ساعات قليلة كان رجال الصاعقة ينقضون على أهدافهم فى أعماق المعسكرات الإسرائيلية ومراكز القيادة فأصابهم ذلك بالذهول بعدما فشلت قواتهم الجوية فى تحقيق ضربة مضادة كانت تهدف إلى اختلال توازن المعركة، ولكن رجال الدفاع الجوى المصرى عزفوا سيمفونية رائعة بين الأرض والسماء وراحت صواريخ سام بأنواعها تطارد الطائرات الإسرائيلية كلما ظهرت فى سماء المعركة، واستمر تقدم المشاه حتى 8 كيلومترات داخل سيناء لينتهى اليوم الثانى للمعركة، وقد أدركت إسرائيل وتيقنت تمامًا أن المصريين قد حققوا نصرًا مبينًا، وأن النجاح فاق الخيال وعليهم أن يقلبوا الدفة فى اليوم الثالث، وهو يوم الإثنين الموافق 8 أكتوبر والذى سماه قادة إسرائيل فيما بعد الإثنين الأسود حين اضطرت قواته إلى الانسحاب إلى خط دفاعى جديد، بينما تقدم رجال جيشنا العظيم، ودمروا الكثير من الدبابات والمدرعات، وفى ذات الوقت كانت القوات البحرية تخوض معركة ضد مجموعة من الوحدات البحرية المعادية وانتهت بإغراق خمسة زوارق لإسرائيل، وللحديث بقية..