دون أن أشعر انفجرت في البكاء وأنا أرى ابنته الصغيرة وهي تتكلم بالكاد من جراء بقايا جلطة تعرضت لها؛ ظننت في بادئ الأمر أن الرجل يتجنّى على "أم الثلاثة بنات" لأنها تركته وتركتهن وتزوجت من آخر، لكن الوضع كان غير ما ظننت، بائع مفاتيح يعيش في دار بالطوب اللبن مع والده السبعيني ووالدته، الفقر يملك عقد الدار التي يسكنونها بالإيجار والتي لا يوجد فيها أي شيء سوى سرير واحد و5 لمبات كهربائية يخرج منها ضوء ضعيف وكأنه يستحي أن يفضح المأساة، الزوجة لم تستطع تحمل نوبات الفقر والقهر ففرّت بنفسها وتركت البنات في حجر جدتهم، ويا ليتها اكتفت عند هذا الحد لكنها اشتكت الأب فبات مهددًا بالحبس دون وازع من رحمة، حدثتها ابنتها الكبيرة عن سجن أبيها وعن مصيرهن فقالت لها: يتصرف ويجيب الفلوس.. بعدها رفعت قضية خلع وتزوجت آخر وأنجبت، وفي كل تلك المدة كان الحكم يتأكد حتى بات نهائيًّا: الدفع أو الحبس، فترك الوالد الجحر الذي يعيش فيه وأصبح كالطريد يجوب يجمع الفتات لأولاده ثم يذهب إليهم يعطيه لهم خلسة.. الوضع أصعب بكثير من الوصف.. وضع لم أحتمله ولا أرى كيف يتحمله كل من رآه وكيف تعيش تلك الأسرة في العدم.. سألت عم السباعي السبعيني كيف استطعت أن تتعايش كل هذه السنين مع هذا الفقر والقهر وقلة الحيلة؛ فأشار بسبابته نحو السماء وقال: الله.. الله..الله.. الله.. الله.. الله.. الله..الله..الله.. هكذا ظل صدى لفظ الجلالة في قلبي حتى الآن.
آراء حرة
حواديت عيال كبرت "44".. مأساة عم السباعي أبكتني
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق