الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "42".. يا الله إني منهك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يا الله سامحني إن أفشيت ما بيني وبينك على الملأ، وأخرجت جزءا من محادثتنا السرية للناس، طويلة كانت وما زالت تلك المحادثات ولا أدري لماذا الآن أود أن أتحدث بإحداها جهرا، ربما لأنني أرى أن البعض يتعمد إفساد مزاجي أو وضعي تحت ضغوط فآتي إليك وبين جوارحي نزاعات تأخذ من متعة اللقاء، لا أخفي عليك يا الله أنني في كثير من الأحيان أفقد ذائقتي للأشياء، يغالبني سؤال ملح عن جدوى ما أفعل، عن جدوى النجاح، عن أهمية ذلك العمر الذي خلفته وراء ظهري، وعن أهمية ما تبقى إن كانت الأيام كلها متشابهة، أنا خائف جدا يا الله فدائرة الموت تحاصرني، وأخشى أن يباغتني دون أن يكون هناك إنذار، ومع ذلك أخشى المرض وأتمنى رحيل الفجأة، حتى في الموت لا أستطيع أن أستقر على الطريقة التي تناسبني حتى أرفع لك بها دعاء، أعرف أنك لن تخذلني في رغبتي، لكن المشكلة لديّ في تأكيد تلك الرغبة، أنت تعلم جيدا أنه ليس لديّ صراع مع الناس منذ أن ضربني ذلك التلميذ الكبير في حديقة المدرسة وأخذ حذائي، ولم أكن أقوى على الرد، فجلست بجوار السور أكتب خطابا إليك أرجوك فيه أن تساعدني، في اليوم التالي وضع مدرس الحساب مسألة على السبورة وقال: من يحلها سيضرب الفصل كله، لم أكن أعرف الحل لكني فجأة كتبته، وكان هذا التلميذ في صف الذين سأضربهم، فنظرت إليه وقلت لأستاذي لا يصح أن أضرب زملائي، توالت رسائلي إليك بعدها حتى أن زملائي باتوا يقصدونني في حل مشاكلهم ظنا منهم أنني أعرف واسطة كبيرة، وما كنت أفعله فقط هو أنني أكتب لك عنهم ولم تخذلني، لكني الآن أشعر أنني منهك يا الله وروحي هائمة في فضاء لا تعرف لها مستقر، أنا الآن أريد أن أضحك كثيرا لكن لا أعرف كيف أفعل ذلك؟ 

أول أمس وجدت رجلا بسيطا يهتز جسده الممتلئ من الضحك فأشرت لزميلي نحوه هذه التي أبحث عنها، فبكى الرجل، أنا أقرأ كثيرا يا الله لكن كل الآراء متضاربة ولا أحد يعطيني الحقيقة، أنا أعمل بجد لكن لا أدري ما هي الحكمة أن يكون رزقي ونجاحي مرهون بيد غيري، أنا لا أعترض مطلقا، كل ما في الأمر فقط هو أنني أريد أن أفهم لماذا جرى الحب في قلبي من الأساس لمن لن يكون لي؟ لماذا أنا أكتب وأكتب في زمن لم يعد أحد فيه يقرأ؟ لماذا كانت تلك هي حرفتي؟ ثم يا الله لماذا كل هذا الضجيج في العالم والكل سيفنى ويزول؟ هل كل الناس حولي أيضا يرسلون إليك الخطابات، أم أن بعضهم يعطيها لساعي بريد غير أمين فلا تصل! يا الله أنا أعرف أنك اتخذت قرارا بأن تترك لنا الفرصة كاملة، لكن لا أدري ما هو الهاجس بداخلي الذي يدفعني الآن إلى الإلحاح عليك بضرورة التدخل، فمنزل أم أيمن اشتعلت فيه النار وتأخر رجال المطافي حتى احترق جهاز ابنتها وغض جارها الثري طرفه عن ذلك، والخالة نعيمة ذهبت لتجدد بطاقة تموينها فنهرها الموظف ورأى بكاءها ولم يحرك ساكنا، وعم علي تركه أولاده وهو الآن في الشارع بعد سن الثمانين ولا أستطيع أن أصطحبه إلى بيتي، حالات كثيرة يالله سأضع أسمائهم جميعا لك ورجاء أن تدخل فأنا منهك من قلة الحيلة، الناس تسألني عن الرد من واسطتي الكبيرة التي لم تخذلني قط، وأنا في حرج بالغ.. أعرف أن ملايين الرسائل تصلك في اليوم من كل أنحاء العالم، ولا أريد تفضيلا ولكن أريد فقط طمأنة بأنها وصلتك.. فلتقبل مني يا الله اعتذاري إن حادثتك جهرا، إنما فقط أردت أن ألفت نظر البعض أن بإمكانه حل بعض الأمور البسيطة عنك.