الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أكتوبر إرادة شعب ونصرة جيش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمر الوقائع والأحداث التاريخية المفصلية دائمًا بحالة من حالات الجدل والحوار المستمر الذى يعتمد على إعادة قراءة تاريخ هذا الحدث، وتلك الواقعة من خلال قراءات متعددة تتفق وتختلف اعتمادًا على ظهور شهود عيان أو وثائق أو دلائل تضيف للقراءات السابقة أو تعدل فيها، وعلى كل الأحوال يظل هذا الحدث المفصلى أى الذى تكون نتائجه مفصلية أى تحدث تغييرات جوهرية فى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومثال هذه الأحداث هى الثورات والحروب. ولا شك فحرب السادس من أكتوبر ٧٣، وبكل المقاييس، وعلى ضوء أى اختلافات إيجابية، ونتيجة لتلك النتائج المحققة على أرض الواقع هى حدث من أهم الأحداث التاريخية فى النصف الثانى من القرن العشرين. هذا ليس لنصر تحقق على عدو زعم أن جيشه لا يقهر، وأن هذا الجيش قد سيطر على أراضٍ مصرية وسورية خلال ست ساعات. ولكن لأن هذا النصر لم يخطر على عقل أحد سواء كان على المستوى العلمى أو العسكرى أو الواقعى نتيجة لظروف النكسة ١٩٦٧ وما تلاها من ضربة قاصمة للروح المعنوية للشعب المصرى بأسره. إضافة إلى الوضع العسكرى الإسرائيلى شرق قناة السويس، وبناء ما يسمى بـ«خط بارليف»، ذلك المانع المائى الذى تجاوز قدرة أمثاله فى كل الحروب السابقة بما فى ذلك الحروب العالمية. ولذا فقد كان الوضع قبل حرب أكتوبر بأيام قليلة لا ينبئ بشيء من قريب أو من بعيد يقول إن مصر يمكن أن تقوم بهذه الحرب. ولكن تمت الحرب وكانت المعجزة نظراً لهذا الواقع المقروء الذى يزيد العدو غرورًا، على غرور وزهوًا فوق زهو. وعندما تكون النتائج على غير ما هو متوقع. وعندما تتجسد الإرادة ويظهر العزم ويتم الحسم تكون المعجزة التى هى من صنع تلك الإرادة ونتيجة لهذا العزم. فكيف كان ذلك؟ لا شك فهزيمة يونيو ٦٧، كانت مثل البركان الذى أخرج كل الهمم التى أصابت الجميع؛ حيث إن المتوقع والمنتظر والمأمول كان النصر على العدو الصهيوني. ولذا ترافقت مع الهزيمة العسكرية تلك الهزيمة النفسية. ولكن كانت بداية الإعلان عن إرادة شعب لا يقهر ولا يهزم هو تنحى عبدالناصر؛ حيث خرجت الملايين تحت وقع الطيران الإسرائيلى فوق سماء القاهرة تعلن التمسك بعبدالناصر كرمز وطريق لرفض الهزيمة بعد ساعات من إعلانها، ولذلك لم يتحقق للعدو ما كان ينتظره وهو التسليم بتلك الهزيمة؛ حيث كان القادة فى إسرائيل بجانب التليفون لسماع خبر الاستسلام لهذه الهزيمة. وهنا كانت المعادلة المذهلة وغير المتوقعة. شعب مهزوم وجيش منسحب وأرض محتلة، ويخرج هذا الشعب وفى هذه الظروف يرفض الهزيمة ويعلن إرادة شعب لا يقهر. هنا كانت البداية الحقيقية والصحيحة التى يُبنى عليها بعد ذلك كل ما هو صحيح. وبعد أيام كانت معركة رأس العش تلك المعركة غير المتكافئة وغير المتوقعة؛ فكانت ساعة إعلان إرادة هذا الشعب والإصرار على تحرير الأرض. ولما كانت مصر دائمًا هى الشقيقة الأكبر للعرب، ولا شك فإن هزيمتها هى هزيمة للعرب. ولما أعلن الشعب المصرى إرادته وإصراره كانت الشعوب العربية كعادتها وقت الشدائد، وكان مؤتمر الخرطوم الذى أعلن مساندته للمصريين وعلى كل المستويات، وكانت اللاءات التى فجرت شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة». وكانت حرب الاستنزاف تلك الحرب التى أعدت النفوس وأعادة الثقة ومهدت الأرض لسحق الهزيمة ولتحقيق النصر على هذا الأرضية، وتجسيداً لهذه الإرادة، وتأكيداً على قيمة الأرض والعرض لدى المصرى على مر الزمان، كانت حرب أكتوبر التى غيرت كل الموازين وعدلت كل الاستراتيجيات العسكرية فى العالم كله. هنا كان الموقف العربى الذى شارك فى الحرب وعلى كل المستويات، وأهمها استعمال سلاح البترول الذى أكد أن العرب هم قوة لا يستهان بها عندما تتوحد المواقف فى مواجهة كل طامع يريد السيطرة على المنطقة، وكان ذلك ولا يزال مستمرًا. وبالطبع إرادة الشعب هذه كانت وراء قدرات جيش وطنى يتوارث طوال التاريخ عقيدته الوطنية التى ينحاز لها دائمًا لهذا الشعب والتى يحافظ على كل ذرة رمل من أرضها الطاهرة. وقام الجيش وشارك المثقف والعامل والفلاح فى تحرير الأرض واستعادة الكرامة واستوعب الجيش الأسلحة المتقدمة. وكانت خطة العبور بأفكار وعقول مصرية تحب الأرض وتنتمى إلى الوطن. هنا كانت ولا تزال روح أكتوبر جين قابع فى الضمير الجمعى المصرى يظهر وقت الشدة ليقابل كل الأزمات. وروح أكتوبر تظهر وتتجسد فى توحد الشعب مع جيشه الوطنى كان هذا التوحد دائماً عبر كل العصور. فى كل ثورات الشعب المصرى منذ وقفة عرابى وثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ امتدادًا. وكانت هبّة ٢٥ يناير ٢٠١١ التى وقف فيها الجيش مع الشعب لإسقاط مبارك. وعندما اختطفت الإخوان الوطن فى غفوة من الزمن ومحاولتهم تغيير الهوية المصرية كانت وقفة الجيش مع الشعب فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لاسترداد الوطن والحفاظ على هويته التى صنعها الشعب على مدى التاريخ. ولا يزال هذا التوحد الحامى لكيان الدولة والحافظ لمكتسبات الشعب، خاصة ما نراه الآن فى عملية سيناء ٢٠١٨ تلك العملية التى تقوم فيها مصر بالنيابة عن العالم بمحاربة الإرهاب وسحقه، وقد حقق الجيش والشرطة مع الشعب هذه النتائج التى تحمى الوطن وتحافظ على الشعب ومكتسباته. تحية لشعب مصر وجيشها وشرطتها فى ذكرى انتصار أكتوبر الـ ٤٥. تلك الذكرى التى نحتاجها دائما لكى نؤكد توحد الشعب مع جيشه، ولكى نسعى دائمًا إلى استلهام روح أكتوبر حتى نحقق الدولة الوطنية الديمقراطية.