الشخصية المصرية بجد محيرة، بمعنى أدق ملهاش كتالوج، مرة تحتاجه تلقيها، ومرات عديدة، متلقهاش، حريق فى شقة جار أو مرض مفاجئ لشخص فى الشارع تلقيه فوريره، ينهار أمام جائع أو طالب صدقة أو معروف.
المواطن يبقى مطحون، تعبان، الدنيا طحناه، لكن تلقيه متماسك والرضا باين عليه، فى طوارئ المستشفيات الحكومية تلقيه ينتظر دوره، ويكتم آلامه، بشوية مسكنات ووصفه من صيدلى عايش وحامد ربه، يفرح لأى حاجة ولو بسيطة وعارف حدود الله، فى الشدة راجل جدع، يشارك الناس أفراحها وألمها.
هو نفسه تلقيه رافضًا ومتمردًا وكلمة لا دائمًا معاه ملزماه كظله، تقوله له فيه تنمية ومصانع ومشروعات، يقولك أنا عاوز حاجة فى جيبى، عنده حول عادة نظره نحو نصف الكوب الفاضى، حصل على شقة مدعمة، باعها وعاوز من المحافظ واحدة تانية، ويا ريت للولد ابنه الصغير شقة للمستقبل، وآه لو سمع كلمة مينفعشى، يتحول لمعارض وعلى الفيس يقود حملة تمرد وهجوم ضد المحافظ وإللى اختاروه.
المواطن عندنا من حالة الحول التى يعانيها تجده لا يدقق فى حالة البلد ولا يرصد التغير فى التنمية وعلشان يحس بالإسكان المتنوع والممتد إلى كل مكان فى البلد لحل أزمة مزمنة لازم يحصل على شقة، ولو حصل عليها يتألم لأن القسط كبير عليه ولو كان القسط مهاود، هيقول عاوز العفش.
لكن الواضح أن المصرى عادة ما يظهر ما يملكه من قيم فى وقت الشدة والأخطار التى تواجه البلد أو المنطقة التى يسكن فيها أو منزله، وحرب أكتوبر مثال لتجسيد الصورة وأيضًا تحمله لكل الأخطار التى صنعها الإخوان والتفافه حول استقرار البلد بمشاركته وأولاده فى يونيو، حتى تفاصيل الحرب على الإرهاب نجده يصارع الموت من آجل استقرار البلد وسلامة المواطن، غير مهتم بحياته أو بأسرته الصغيرة، والعبقرية المصرية أراها فى العطاء الواضح لشرائح المجتمع المشاركين فى أخطر وأهم ثورة مؤثرة فى حياتنا ذات طبيعة سلمية، هى ثورة التعمير والتنمية وبناء الإنسان وتأمين مستقبله، والتى تدور رحاها وتضرب كل محافظات مصر فى وقت واحد ولأول مرة فى تاريخ التنمية من خمسين سنة، نرصد عرق المصريين الشرفاء يسيل ليروى الصحراء لتخضر وليقيم فيها العمارات والمصانع ودشم الجنود.
المواطن المصرى عليه التزامات، طالما أن له حقوقًا، ويثور من أجلها، الأمر هنا واضح بناء الوطن وحمايته مش مسئولية الجيش والشرطة والمهندسين أو دولاب العمل بشكل عام، بل علينا أيضًا أن نشارك كل بطريقته، أولًا نؤمن بأن التنمية حياة، من خلالها نضمن لأولادنا حياة كريمة طالما نادينا بها، والمشاركة فى تلك الثورة تبدأ من الاشتباك مع مروج الشائعات، بمعنى لا تكرر سخافات إطلقًا غيرك وتحملها معك إلى المقاهى والعمل والمترو، لأنك هنا تعتبر محرض وناشر للشائعات حتى لو بحسن نية، بالطبع مثل أى مجتمع لديه الرغبة أن ينهض ووسط الظروف التى نعيشها، قد تحدث تغيرات تؤثر على نمط الحياة، وهو أمر طبيعى لتغير الأولويات، وأرى أننا نعيش حالة حرب، من نوع آخر تتداخل مع رغبتنا فى الحياة الأفضل، المواقف تكشف سلوكيتنا ولأننا غير متعودين على ما يحدث حاليًا فى مصر بشكل عام من تحقيق رغبة المصريين فى تدخل جراحى للتخلص من أمراضنا المزمنة والتى تنهش فينا وبمرور الأيام ستنتصر علينا وتقتلنا، مشاكلنا وصلت لحدود اللا حل فى الصحة والتعليم والطرق والمرور، والدعم والذى عادة ما لا يصل لمستحقيه، ومن هنا كان الحل لما نحن فيه خطة شاملة وواضحة لا تداخل ولا تقاطعات فيها، خطة مبرمجة زمنيًا وماليًا، لم تحتفل وزارات البلد بالإعلان عنها، ولم تحتفل ببدء العمل وبأول طوبة وبأول شقة وبأول خطوة فى إنشاء طريق، بل كان هناك اختلاف فى الشكل والمضمون بما يوفر المصداقية للحكومة عند الشعب، بل وصل الأمر هنا بعدم الإعلان عن المشروعات إلا بعد أن يكون هناك إنجاز تخطى الـ«ربع» حجم العمل ككل، وللمرة الأولى نفاجئ بطرق عند افتتاحها رسميًا، وبمجتمعات جديدة مثل الأسمرات وجبل الجلالة والإسماعيلية الجديدة والعالمين والعاصمة الجديدة وغيرها نمط جديد من العمل ومخاطبة الشارع والترويج للعمل كقيمة وليس للشو الإعلامى.
وأرى أن الرئيس السيسى متفهم للطبيعة المصرية ولذا هو يعمل ويصر على الإنجاز أولًا، ثم يأتى بعده أى من الضروريات الأخرى، لكسب الوقت وللحماية من تغيرات الأسعار والظروف.
المواطن هنا يجب أن يؤدى دوره، البلد ما زال محاطًا بالخطر، ومع كل خطوة لنا للأمام يزداد الخطر والحماية تأتى من المواطن.