الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رثاؤك في ذكرى وفاتك يا عمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مر عام كامل على وفاتك يا ولدي، وما زلت أتذكر همساتك حين كنت تداعبني وأنت صغير، وتجالسني وأنت في نهاية عقدك الأول، ما زلت أسمع صدى ضحكاتك التي كانت تخترق حواجز القلب فتستقر في سويدائه، لم أنس ابتسامتك حين جئت للحياة يا عمر كطيف حتى ذهبت منها سريعًا، متمردًا على كل ما فيها، مستعليًا على أوجاعك.
كنت تحمل لنا الأمل يا ولدي كلما رقت المشاعر ووهن العزم، كنت أستعين ووالدتك بطاقتك الداخلية التي كنّا نشعر بها ونتفاعل معها، ولعلها سر صمودنا حتى بعد رحيلك، لم أنس ابتسامتك عندما قلت لي عند شغفي والطبيب يطمئنني على صحتك، ترد مبتسمًا «ارتحت» كنت تثق في ربك وتستقبل منه راضيًا، كان درسًا وقتها وبعدها ما زلت أتذكره.
لم تفقد الأمل يومًا ولم تفارق الابتسامة وجهك حتى وأنت تتألم يا عمر، كنت تغضب لبكاء الآخرين وتبكي إذا استمروا، كنت تنثر «الحياة» في حياتنا، فتجبر كل من يقترب منك على حبك، حتى إذا دخلت قلوبهم أغلقتها، فكنت خفيف الظل، لديك قدرة كبيرة على تحويل الحياة الكئيبة إلى مرح، كنت أستعين ووالدتك بك على هذه الحياة بهذه الابتسامة والروح التي ذهب معها كل شيء.
حبك للحياة يا عمر دفعنا لحبس أنفاسنا وأعيننا عن البكاء ثلاث سنوات كنت تعتصر فيها الألم، كنا نصطنع الابتسامة حتى انتفض الجسد على رحيلك في مثل هذا اليوم، وما زالت العين تذرف الدمع ويتوجع القلب مع المشاعر الملتاعة من فراقك يا ولدي حتى وصل الوجع إلى حنايا القلب.
لم نفتقدك يا عمر، فأنت تشاركنا لحظات الحياة الثقيلة رغم مرور ثلاثمائة يوم، كل يوم فيها كنا نبكيك، بل نبكي أنفسنا على رحيلك، فأنت يقينًا في مكان أفضل تنتظرنا بلهفة تسبق القلب، هي الأيام تمر يا ولدي سريعًا، وغدًا سوف نجتمع ولكن في ملأ أفضل من الدنيا وأوجاعها.
ولكن أريدك وقتها بنفس الابتسامة يا عمر، تسخر من الحياة الدنيا التي أوجعتنا جميعًا وفرّقت أجسادنا، هذه الحياة القصيرة التي حملت ألمًا سكن القلب ولن يخرج منه إلا باجتماعنا ثانية في الحياة الأخرى.
في مساء كل يوم نتوجع يا ولدي حتى إذا أتى الصباح شعرنا بقرب مجيئنا إليك، ولعل عزاءنا في الزمن، كلما مر بثقله نقترب أكثر منك حتى يكون اللقاء، لقاء بلا وداع ولا أنين ولا وجع.
تركت غرفتك يا ولدي عامًا كاملًا، ولكنك سكنت في قلوبنا، فصورك تملأ كل الجدران، وألعابك كما هي في أركان الشقة ننظر إليك من خلالها، صبرنا على رحيلك يا ولدي واحترمنا غيابك، فأنت كما أنت تعيش معنا بروحك حتى تلتقي أجسادنا، فما الحياة إلا سويعات قليلة من أيام الله بعدها نجتمع ولن نفترق أبدًا.
ما زلت أتذكر أنينك وأنت طفل صغير يا ولدي وابتسامتك عندما فاضت روحك إلى بارئها، ما زالت نبرة صوتك تصدح في أذني وأنت تحمد الله قبل أن تلفظ النفس الأخير بصوت واضح مسموع، وكأنك تُعزي قوانا التي خارت، فتترك لنا حمدًا لله سلوى لوجع لم يجبره الزمان.
رسائلك رغم صغر سنك يا عمر ما زالت بيننا، لم ننساك يومًا حتى نتذكرك، نعرف أن بلاء الله فينا كان عظيمًا بوفاتك يا ولدي، ولكننا ندرك أن رحيلك بالجسد فقط، وأنك موطئ قدم لنا في الجنة، فما أحلاها بك، فعلى قدر احتسابنا للمصاب إلا أننا نرى عظمة الرسالة التي حملتها لنا برحيلك وألمك، فثق يا ولدي أننا قرأنا كل رسائلك بعناية المحب والعاشق.