يوما بعد آخر تتصاعد حدة التوتر فى منطقة الشرق الأوسط خاصة فى منطقة شرق المتوسط، وقد وضح ذلك جليا عقب اكتشاف حقل ظهر، بجانب ما تُنبئ به منطقة شرق المتوسط، حسب الأبحاث، وتجارب التنقيب والبحث عن البترول، من وجود احتياطيات ضخمة من الغاز، بدأت الدول العظمى تهتم بهذه المنطقة، كذلك سال لعاب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، محاولا إثارة نيران النزاع فى المنطقة، على طريقة (فيها يا أخفيها).
وهنا لا بد من إبراز عاملين مهمين، الأول أن الرئيس السيسى أدرك مبكرا أهمية البحث عن ثروات مصر من البترول والغاز والمعادن النفيسة، لذلك وبقرارات جريئة وقع على اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية إدراكا أن دون ترسيم الحدود مع الدول المجاورة لن تتمكن مصر من البحث والتنقيب عن ثرواتها وهو ما حدث مع قبرص واليونان والسعودية وهنا نسأل: هل أدرك المشككون فى كل القرارات والمسفهون من كل الإنجازات أهمية ترسيم الحدود بعد أن سبق وقاموا بشن حرب شعواء عليه؟
الأمر الثانى، إدراك الرئيس السيسى أن المنطقة تشهد انفجارات حمم بركانية خطيرة ولمواجهة مخاطرها لا بد أن يكون لديك سيف ودرع قوية لذلك وضع خطة لإعادة بناء القوات المسلحة تدريبيا وتسليحيا مع تنويع مصادر السلاح بين الشرق والغرب بعدما كان مقتصرا فى السابق على السلاح الغربى وخاصة الأمريكى وكذلك الاهتمام بالقوات البحرية من خلال شراء حاملتى مروحيات – الميسترال - لحماية مقدرات وثروات مصر فى البحار، وهنا نعيد طرح السؤال على الذين كانوا يسألون، لماذا تهتم مصر بشراء الأسلحة من عينة البرادعى وعصام حجى وغيرهما من المعارضة؟ هل أدركتم الآن الأهمية الجوهرية لتسليح الجيش المصرى بأحدث الأسلحة؟
الاجابة أيضا وردت على لسان الباحثة والكاتبة الروسية ماريا بيزتشاسنيا فى مقال لها نشرته فى صحيفة سفوبودنايا بريسا الروسية خلال الساعات القليلة الماضية حذرت فيه بوضوح من حشد الدول العظمى قواتها لمعركة الموارد فى مياه المتوسط لكن الأخطر ما نشرته صحيفة ينى شفق التركية التى أكدت أن المنطقة ستشهد حربا أكثر عنفا من الحرب فى سوريا تحت شعار الكل ضد الكل.
شبح الحرب فى منطقة شرق المتوسط لا يعززها الصراع على مصادر الطاقة فقط ولكنّ هناك عاملا آخر يزيد من اشتعالها يتمثل فى ممارسة الألعاب الجيوسياسية بين القوى العظمى وبناء نظام عالمى جديد.
ورغم هذه التأكيدات القادمة من روسيا وتركيا وإسرائيل واليونان وقبرص على وجه الخصوص ووسط ترقب شديد من مصر فإن تركيا تتخذ خطوات حثيثة حاليا للتصعيد من خلال محاولة امتلاك حاملتى طائرات من إسبانيا على غرار حاملة الطائرات الإسبانية (كارلوس) وتم الاتفاق بالفعل بين البلدين على تصنيع الحاملتين على أن تتسلمهما تركيا نهاية 2020 كما تخطط لامتلاك أكثر من 50 قطعة بحرية متطورة ذات قوة نيران غير مسبوقة.
تحركات أردوغان لتقوية البحرية التركية تأتى استعدادا لمواجهة البحرية المصرية بوضوح وبدون مواربة، كون أن البحرية المصرية بسطت نفوذها بقوة فى منطقة شرق المتوسط وأن حاملتى المروحيات المصرية أصبحتا الذراع الطولى لتأديب وقطع يد ولسان كل من يحاول أن يقترب من ثروات ومقدرات مصر شمالا وجنوبا.
ونريد التأكيد أيضا بأننى كنت أطلقت تحذيرا شديدا فى مقال سابق أوضحت فيه أن تركيا ومنذ تأسيسها وهى ترى فى مصر بقرة «حلوبا»
لذلك تجد بلطجة أردوغان وعداءه الشديد لمصر مستمدا هذه الكراهية من أجداده وما صنعوه كغزاة محتلين، وبعد اكتشاف حقل ظهر سال لعابه طمعا وجشعا فى ثروات مصر من الغاز وبدأ التشكيك فى الاتفاقيات المبرمة بين مصر وقبرص عام 2013 بهدف استغلال المصادر الطبيعية الممتدة فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لهما شرق المتوسط قائلا إن الاتفاقية لا تحمل أى صفة قانونية.
حينها ردت مصر بقوة على تلك التصريحات مؤكدة أن أى مساس بالسيادة المصرية مرفوض وسيتم التصدى له وأن الاتفاقية لا يمكن لأى طرف أن يتنازع على قانونيتها كونها تتسق وقواعد القانون الدولى وتم إيداعها كاتفاقية دولية فى الأمم المتحدة.
تزامنا مع ما سبق ومع تزايد التوترات فى المنطقة نجد ما قامت به إسرائيل منذ أيام فى حادث الطائرة الروسية (ايل) بعدما قامت أربع طائرات إسرائيلية من نوع إف 16 بنصب كمين لهذه الطائرة ما أدى لإسقاطها بصاروخ سورى من نوع إس200 وبصرف النظر عن التخمينات والتحليلات المختلفة لتلك الحادثة نجد أن هناك طرفا آخر مساعدا للطائرات الإسرائيلية وهى الفرقاطة الفرنسية التى أثارت علامات استفهام بسبب توقيت تواجدها وإطلاقها أربعة صواريخ مجنحة فى نفس توقيت نصب الكمين وهى بقصد أو بدون قصد خلقت بيئة مناسبة لاستكمال الكمين وما يؤكد صحة وملابسات الكمين تعمد دولة الكيان بإبلاغ الجانب الروسى قبل الغارة بدقيقة واحدة حتى لا يتمكن الجانب الروسى من إبلاغ طاقم الطائرة بإخلاء المنطقة، وعلى نحو آخر هل كانت الطائرة الروسية فى مهمة سرية، لذلك لم تظهر على شاشات الرادار السورى واستغلت إسرائيل ذلك؟ أم أن هناك ضعفا على المستوى التقنى بمشغلى الرادار السورى الذين لم يستطيعوا أن يفرقوا بين طائرات حربية تسير بسرعة فائقة وطائرة استطلاع كبيرة الحجم تسير بسرعة عادية؟ ولماذا لم تعمل أجهزة كشف العدو والصديق ولم تستطع تحديد هوية الطائرة فى الوقت المناسب؟.
من تلك الحادثة السريعة نستخلص أن المرحلة القادمة ستشهد حالات شبيهة ومثيلة أملا فى أن تؤدى إحداها إلى اشتعال الأحداث وتوريط أطراف مختلفة فى المنطقة للدخول فى صراع عسكرى ربما بشكل أو بآخر قد تقود لحرب عالمية جديدة.
فى النهاية لا يسعنا إلا أن نتابع بتركيز تطورات المشهد من حولنا وأن نساند بكل ما نملك جيشنا وقيادتنا للعبور بسفينة الوطن لبر الأمان فى ظل بحر متلاطم الأمواج وحرب بدأ دق طبولها، حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.