في الوقت الذي اكتظت به شوارع مصر بأضخم اللوحات لإعلانات حملة مبادرة "أنا ضد التنمر" التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" فرع مصر ويمولها الاتحاد الأوروبي بـ30 مليون يورو للحد من العنف والإيذاء النفسي للطفل، وتعالت أصوات الإعلانات بالقنوات المرئية أو المسموعة عبر أثير موجات الإذاعات، ورغم انضمام وزارة التربية والتعليم ومجلس الأمومة والطفولة للمبادرة والترويج لها، إلا أن هناك معلمين كانوا صما وعميا تجاه هذه المبادرة التي انطلقت من شهور لتعديل السلوك بين الأطفال وأقرانهم في المدارس ،ولكن تناسى القائمون على الحملة البحث عن الصانع الحقيقي لهذا التنمر، وهو المعلم بالطبع ليس كل المعلمين، فقاعدة التعميم هي من الخطأ والخطيئة، ولكن ما حدث مع الطفل محمد صالح مرسي صالح بالصف الأول الابتدائي بمدرسة منية السرج الابتدائية؛ حيث قام المدرس بتصويره ورفع المقطع على اليوتيوب ليسخر الناس منه وهو يردد "نفسي أنام ربع ساعة" من تعبه نتيجة كسر في قدمه يؤكد أن من يصنع التنمر هم هؤلاء المعلمون عديمو التأهيل التربوي، الذين يؤججون التنمر ويؤصلونه داخل النشء الصغير ولعل ما انفردت به "البوابة نيوز" من خلال لقاء الزميلة زهرة مسعود مع الطفل وأسرته يجسد مأساة هذا الإيذاء الذى لم يكن ضحيته الطفل فقط بل إخوته وأسرته؛ حيث قال والد الطفل "إحنا وصل بينا الحال للسخرية من طفل رايح المدرسة ونتسبب ليه في أزمة هتفضل ملازماه طول حياته، ياريت وزير التعليم يرد عليا، إخواته رافضين يروحوا المدرسة بردو حزنا على أخيهم، ومحمد رافض يروح المدرسة، بسبب اللي حصل، وقالي إن زميله كان بيداري وشه بالشنطة الأول والمدرسة زعقتله عشان يتصور".
إن القراءة التحليلية لمضمون ما ذكره والد الطفل عن ما حدث له يحتاج إلى وقفة وإلى تعديل في علاج فكرة التنمر ليشمل المعلمين من خلال التأهيل السليم أو دورات توعية بهذا البرنامج حتى ننجح في القضاء على التنمر وتأصيل مبادئ التسامح والقيم داخل الأطفال، وعلى الحملة أن تتجه إلى مدارس الصعيد بالأخص وقرى الوجه البحري لتوعية المعلمين بمخاطر ما يفعلونه دون إدراك بدعوى المنافسة والتحفيز الخاطئ فمثلا هناك من يعطي أوامر لطفل متفوق أن يسخر من زميله الأقل تميزا وخلافه من الأمور البغيضة فربما حادثة الطفل محمد صالح واحدة من بين آلاف الوقائع التي لا نعلم عنها شيئا.
وعلى الإتحاد الأوروبي أن يخصص جزء من مبلغ تمويل الحملة المقدر بـ600 مليون جنيها مصريا لدورات تأهيلية للمعلمين حتى تؤتى الحملة ثمارها على أرض الواقع .