السجن 3 سنوات لصفوت الشريف الرجل القوى فى الحزب الوطنى المنحل، ومع السجن قضت محكمة جنوب القاهرة بغرامة 99 مليون جنيه لاتهامه باستغلال النفوذ والحصول على كسب غير مشروع، وعلى جانب آخر أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكمًا بمصادرة أموال 1588 إخوانيًا قدرتها بعض المصادر بحوالى 300 مليار جنيه تنوعت بين مدارس ومستشفيات وما يسمونه جمعيات أهلية.
الحكم ضد صفوت الشريف صدر يوم الأحد فيما الحكم ضد الإخوان صدر الثلاثاء، ثمانية وأربعون ساعة فقط فصلت بين الحكمين، بينما تاريخ طويل ممتد وعميق ربط بين المحكوم ضدهم فى القضيتين، ورغم اختلاف الموضوع بين قضية الشريف وقضية الإخوان إلا أن تطابقًا صارخًا فى القضيتين، حيث يؤكد هذا التطابق أن المتهم البطل فى مثل تلك القضايا هو الفساد، ذلك المتهم الذى شد بلادنا من موقعها المتقدم إلى الخلف، ذلك الفساد الذى قضى على أكثر من جيل على أرض المحروسة.
لذلك يصبح من غير المنطقى التعامل مع تلك الأحكام وكأنها تخص الصادر ضدهم فقط، الذين هيأوا لصفوت الشريف التربح ونهب الأراضى والاستحواذ على فيلات الشواطئ ما زالوا أحياء يرزقون، بل ويرفع بعضهم لافتات الثورة والطهارة، المتهمون فى دولاب الدولة المصرية الذين لم يشملهم قرار الاتهام فى قضية صفوت الشريف اعتقدوا أنهم قد يفلتون بجريمتهم، ونسوا أن هناك محكمة للشعب تكتب التاريخ وتتابعهم لفضحهم وكشفهم عقابًا لهم على تفريطهم فى الأمانات التى كانت فى أعناقهم.
القصة ذاتها فى موضوع أموال الإخوان ذلك الاقتصاد المرعب الذى نما برعاية فاسدة من مصريين يمشون الآن بيننا كأنهم أبرياء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، لم تكن أموال الإخوان لتنمو لولا من أصدر لهم التراخيص ومن غض البصر عن تمويلاتهم القادمة من الخليج وغيره، لم تكن تلك الإمبراطورية الاقتصادية ترى النور إلا بمباركة من نظام كامل ومن توافق مصالح رخيصة بين الإخوان كتنظيم إرهابى وبين من كانوا يجلسون فى الحكم ومعهم الأختام ومفاتيح المرور.
كل تلك الجرائم التى ارتكبها قيادات الحزب الوطنى المنحل، وكذلك التنظيم الدولى الإرهابى المعروف إعلاميًا باسم تنظيم «الإخوان المسلمون» لم تنته بتنحى مبارك ولا بعزل مرسي، تلك الجرائم مازلنا نراها بأعيننا كتوابع للزلزال، نراها فى سيناء وهم يغدرون بأجمل ما فينا من جنود مصر حراس الوطن، نراها فى مافيا الأراضى والعقارات وهم يسقون الشعب المصرى لهيب ارتفاع الأسعار المجنون، نراها فى مناهج التعليم وهم يحشون أدمغة أبنائنا بركام متخلف، نراها بين لحظة وأخرى فى أزمة طائفية بين مسلمين ومسيحيين.
فالأزمة ليست فى شخص صفوت الشريف ولا فى قيادة التنظيم الإرهابي، الأزمة تأسست من نظام عمل بكل جهده على تفكيك المجتمع وبناء منظومة جهنمية فى كل أجهزة الدولة ترعى الفساد بشكل ممنهج لتدفع فاتورته أجيال متعاقبة من أبناء هذه البلد وتتراجع بلادنا للخلف فى مختلف المسارات.
الآن ونحن نحلم بمصر جديدة، مصر التى نريدها لا يمكن لنا الاستمرار فى الحلم ما لم يتم تفكيك بيوت العناكب التى سكنت فى الماضى ومازالت بقاياها ترتع فى مختلف أجهزة الدولة، ندعو إلى إعلان حرب شاملة ضد كل من ارتكب أو ساعد على ارتكاب جريمة تخص المال العام منذ 40 عامًا حتى الآن فهى جريمة لا تسقط بالتقادم، ندعو لمصادرة جديدة لاقتلاع الفكر الإرهابي، ولكننا نريدها مصادرة من نوع جديد تقوم على اقتلاع أفكارهم فى المدارس والزوايا العشوائية فى الريف والمدن، فى ممرات الأجهزة الحكومية العامرة بالتطرف.
تلك المواجهة نريدها واضحة دون حسابات خارجية، فالشعب الذى قرر فى 30 يونيو كسر مخططات تفكيك الدولة لقادر على حماية مكتسباته من أجل مستقبل نطمئن فيه على أولادنا.