الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حقيقة «وسطية الجماعة»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خير الأمور أوسطها.. من أقوال الحكماء القدامى - وهى بالمناسبة لم يثبت صحة نسبها للنبى الكريم عليه الصلاة والسلام حيث إن إسنادها ضعيف - والفعل الناظر لأى أمر فى حياتنا يجد أن الوسطية والاعتدال هما الأفضل والأسلم، ومنذ عشرينيات القرن الماضى حاول الإخوان الترويج لأنفسهم على أنهم جماعة وسطية غير متطرفة ينبذون العنف فى العلن فقط، ومع مرور السنين وتحديدًا مع مطلع الألفية الثانية قام الإخوان بطرح أنفسهم على دول العالم الغربى بأنهم ممثلون للإسلام الوسطى المعتدل وعلى النقيض من الجماعات المتطرفة فى محاولة لنيل رضا القوى الفاعلة عالميًا وعلى رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومع مرور السنوات خرج من عباءة الإخوان كل الجماعات اليمينية المتطرفة مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة إلا أنه مع مطلع القرن الحالى انقسم الإخوان إلى نوعين: إخوان قطر، والإخوان التقليديين. أما إخوان قطر فقد تعددت تسمياتهم وسماتهم، ما بين شباب الإخوان، أو «إكس إخوان»، أو «مش إخوان بس بيحترمهم».
وبرز قياديًا أشخاص بأعينهم فى مصر والسعودية واليمن، كلهم يقسمون بالله أنهم ليسوا إخوانًا. وربما صدقوا. ذلك أن الإخوان فى قطر حلوا التنظيم عام ١٩٩٩، فصار الإخوانى - تقنيًا - ليس إخوانًا، بل منتسبًا إلى مشروع قطر البعثى الجديد تحت شعار «الحضارة الإسلامية»، بدل المشروع البعثى السابق تحت شعار «الحضارة العربية»، وهو - على خطى البعث - مشروع له منابر تلتزم بنفس السقف.
أكثر الكيانات التى بلورت تلك الفكرة كان حزب مصر القوية. قوامه إخوان «سابقون»، لكنه يضم أيضا يساريين وقوميين، إعلاميين وفنانين، وهو - ولاحظوا التسمية - يحمل نفس العقيدة البعثية، الإمبراطورية ذات العضلات التى ستعيد أمجاد بنى عثمان وبنى العباس وبنى أمية، حسب المادة الإعلانية التى اختزلوا إليها التاريخ.
الفكرة لم تكن الحلقة الوحيدة التى جمعت هؤلاء. هناك ما هو أهم سياسيًا، الشبكة المادية التى وفرت لمنتسبيها فرصًا للبروز، ومشاريع شبابية، ووسائل إعلام، وميزانيات إنتاج أفلام، ومراكز بحثية، ومنحا دراسية، ومشاركات فى ندوات.
أمور لا تزال حتى الآن موجودة ومسيطرة على الإعلام العربى فى الغرب. شبكة من المعارف تعطى منتسبيها الأولوية، وتبعد من يعارضهم. بل وتهجم عليه حتى تغتاله معنويًا وماليًا. وفى المقابل «تنجم» أصحاب المواقف المؤيدة لها، مسبغة عليهم أسدال النضال، ومعرفة بهم فى سوق الإعلام العالمي.
نجحت هذه الشبكة وقت ما أطلق عليه الربيع العربى فى التأثير الإعلامي. وكانت محركة أساسية للرأى العام. لكنها لم تكن تدرى أن «لعبة السياسة» ستضعها فى مأزق حرج جدًا على رقعة الشطرنج، يحول الربيع العربى من فرصة إلى نقمة. حيث كشف منتسبوها ممن لم نكن نعرف علاقتهم بتنظيم «البعث» القطرى عن أنفسهم. إضافة إلى أنهم قد اضطروا إلى الاختيار فى لحظة الاختيار. فأثبتوا ما كنا نخمنه من قبل أنهم وإن بدوا «تقدميين» وسموا أنفسهم كذلك، فإنهم فى الحقيقة بلا عمق سوى المتشددين، أنهم وإن بدوا «وسطيين» وسموا أنفسهم كذلك، فإن قوتهم الضاغطة هى المتطرفون، لا شك فى ذلك.
فى لحظة الاختيار فى مصر انحازوا إلى الإخوان التقليديين، العنصريين، الرجعيين، السلطويين الفاشيين.
ليس هذا فحسب. بل لم يسمحوا لأى فرصة، أو دعوة، للتقارب بين القوى المدنية لتتقى به شر الإخوان. أثبتوا أن هؤلاء هم الأهل والعشيرة الحقيقيون. ثم فى ٣٠ يونيو وضحت الصورة أكثر، فرأينا شخصياتهم البارزة، مثل عبدالمنعم أبوالفتوح فى مصر، يؤيدون ٣٠ يونيو، لكنهم ينقلبون عليها ويقاطعون مسارها السياسى بمجرد أن وضح لهم أن لا مكان لعمقهم الإخوانى فى المستقبل. وهو نفس الموقف القطرى طبق الأصل. موقف تبعهم فيه امتداداتهم الأخرى.
لو انتقلت من مصر إلى بلدان أخرى، ستجد دائمًا أن هناك لحظة الخيار الحاسم. وأنه فى لحظة الخيار الحاسم تلك تكشف الوجوه «الوسطية» عن نفسها، كوجوه إخوانية تقليدية تمامًا. وكلمة السر دائمًا، مصلحة الدوحة الاستراتيجية، ومصلحة رجالها، ومصلحة التنظيم الإخواني» الذى يتنصلون منه».
وسطية الإخوان تعنى سياسة «الانفراجة الضيقة»، بمساحة تكفيهم وحدهم، لا تضيق أكثر فتسد عليهم، وقتها سيرفعون شعارات الحرية، لكنها أيضًا لا تتسع أكثر لتشمل آخرين، وقتها سيرفعون راية المتشددين والسلفيين.
ما أقوله الآن سببه أن عددًا ليس بالقليل بدأ فى نسيان أو تناسى ما قام به الإخوان السنوات الماضية وبالأخص الأخيرة منذ ٢٠١١ وبدأ تصديق بعض الأخبار أو قل الإشاعات التى يطلقونها مع كل مناسبة وحدث بالشكل المخالف والمجافى للحقيقة والواقع لا لشىء إلا لتكذيب أى رواية حكومية تجاه أى واقعة والهدف المرجو فى النهاية هو أن يفقد المواطن ثقته فى أجهزة الدولة وفى كل التصريحات التى تصدر منها، لا ينبغى نسيان الماضى، فنهج هذه الجماعة هو دس السم فى العسل، إيهامك بأنهم يتحدثون للصالح العام وأنهم مقهورون على ما يحدث فى البلد وأنهم يعتصرهم الحزن أسفا على المواطن فكان من المؤسف انقياد الكثيرين خلفهم دون وعى ودون اعتبار للدروس التى أخذناها سابقًا فى كيفية اتباعهم للطرق الملتوية.
علينا ألا ننسى، نتذكر دائمًا ما مضى، نتذكر دماء من ضحوا لأجل هذا الوطن أن يقف صامدًا أمام كل هذه المكائد، فقد دفعنا الكثير، وما زلنا وليس منطقيًا أن يذهب كل هذا سدى.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها