ربما صدقت المقولة الإنجليزية التى تقول إن الحقيقة لا تنشر دائما عبر وسائل الإعلام بسبب أن المشعوذين من بعض الإعلاميين يملكون القدرة على جعل الناس يصدقونهم من الناحية الظاهرية، وغالبًا ما تكون لديهم القدرة على إقناع الأفراد بأنهم مثال للحكمة، وهذا ربما ما نراه اليوم عبر وسائل إعلامنا المسموعة والمقروءة والمشاهدة وعلى شبكات الإنترنت عامة..
فقد أكد الرئيس السيسى فى أحد اللقاءات، أن هناك ٢١ ألف شائعة تم ترويجها خلال ٣ أشهر فقط. وهذا خطر بلا شك على الدولة المصرية التى تتخذ طريقها نحو الاستقرار والاستثمار والتقدم إلى الإمام.. ومثل هذه الشائعات تستهدف زعزعة استقرار البلاد وترويج الأكاذيب وخلق بلبلة وإحباط عام لدى أفراد المجتمع..
ومما يسهل من مهمة بعض المشعوذين من الإعلاميين، أن هناك أعدادًا كبيرة من الشعب تقترب من النصف، يجهلون القراءة والكتابة، فضلا عن نسبة كبيرة من الناحية الثقافية، وهناك من يجهل استخدام التكنولوجيا الحديثة، ونسبة كبيرة من الشعب تحت خط الفقر، ولا نزال نواجه ثالوث التخلف، وهو «الفقر والجهل والمرض»، الأمر الذى يساعد على سرعة تصديق بعض الأكاذيب فى بعض منافذ الإعلام المشاهد والصحافة المقروءة دون القدرة على غربلة ما يشاهد وما يقرأ!!
وربما لا تزال الدولة تواجه حروب الجيل الرابع التى تمارس ضدها من قبل جماعات الإرهاب الأسود والإخوان وقنوات الإعلام التابعة لهم سواء فى قطر أو تركيا أو أى أماكن أخرى عبر الفضاء الرحب، وكل هذا يحدث بسبب غياب المعلومات الحقيقية عن الناس، ومن ثم فلا بد من الإسراع فى إصدار قانون «حرية المعلومات» من أجل الحصول على البيانات والمعلومات الصحيحة، مع مراعاة الأمور التى تتعلق بالأمن القومى للبلاد؛ فهى خط أحمر.. وينبغى على الصحف والفضائيات أن ترجع إلى المصادر الأساسية موضع الحديث وعدم الارتكان إلى مصادر ثانوية وضعيفة!
ولا بد من إفساح المجال أمام الجميع للاطلاع ومعرفة المعلومات الضرورية والموثقة على أن تنشر بعلانية ودورية حتى نوسع دائرة المشاركات والمحاسبة بعد الرقابة، ومن ثم محاضرة الفساد المستشرى فى الجهاز الإدارى الدولة ومن ثم اتخاذ القرارات السليمة لصالح الوطن..
فقد تعلمنا من سقراط الفيلسوف الكبير الراحل منذ عدة قرون حكمة غإلية فى من يأتى لنا بأكاذيب وكيفية الرد عليه، عندما جاءه أحد تلاميذه يقول له: يا فيلسوف أريد أن أحكى لك شيئا عن أحد تلاميذك، فقال له سقراط: «حسنا، ولكن قبل أن تبدأ بالحكى قم بتمرير كلامك على ثلاثة فلاتر، الأول: هل أنت متأكد من المعلومة؟»، فقال له التلميذ: لا، بل هو كلام يقال! فأكمل سقراط: «ثانيا، هل المعلومة طيبة لا يكره الشخص سماعها؟»، فأجاب التلميذ: لا، المعلومة مشينة، فأكمل سقراط: «ثالثا، هل سيفيدنى سماع المعلومة؟»، فأجاب التلميذ: فى الواقع لا أظن أنها ستفيدك!، فأجابه سقراط وهو مبتسم: «تود أن تسرق من وقتى لحظات أنصت فيها لخبر كاذب ومشين وغير مفيد».. فخجل التلميذ ووضع رأسه أرضًا ومضي.
وقد سبق القرآن الكريم الجميع حينما قال عز وجل فى سورة (الحجرات): {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.. ليت إعلامنا يسمع ويقرأ ويعى وينفذ!