الإنسانية التى يتمتع بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى المواقف العديدة التى شاهدها الجميع خلال السنوات الأربع الأخيرة فيما يتعلق بمبادرات العفو الرئاسى عن المحكوم عليهم، تدعوننى إلى أن أطالبه باستمرار إصدار مثل هذه قرارات لصالح المحكوم عليهم من الشباب المتحمس الذى يعشق وطنه حتى الثمالة، ويتمنى أن يراه فى أعلى المراتب بين الدول، ربما قادهم حماسهم الزائد والعفوى النابع من غيرتهم على وطنهم وجرأتهم غير محسوبة العواقب إلى هذا المصير المحتوم وهو غياهب السجون!.
وقد نصت معظم دساتیر دول العالم على منح رئیس الجمهوریة حق العفو، عن العقوبات الصادرة فى حق بعض الأشخاص بشرط أن یخدم قرار العفو مصلحة الوطن، أو یسهم فى استقرار المجتمع، كأن یكون المعفو عنه قد قدم خدمات لوطنه، فیصدر القرار كمكافأة له، أو یكون قد دخل السجن بسبب رأى أو اختلاف سیاسى، فیصدر قرار العفو لرفع الظلم أو القهر عنه، وهو ما حدا بالمشرع الدستورى المصرى إلى تنظیم هذا الحق، فنص فى المادة 155 منه على أن لرئیس الجمهوریة بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفیفها، للمحكوم علیهم، ولا یكون العفو الشامل إلا بقانون یقر بموافقة أغلبیة أعضاء مجلس النواب..! فجميع حكام مصر من ملك ورؤساء جمهورية أصدروا المئات من قرارات العفو عن سجناء فى المناسبات الوطنية، والأعياد الإسلامية، ولم يحدث فى تاريخ مصر منذ عهد الملك فاروق الأول، أن صدرت قرارات بأسماء السجناء المقرر العفو عنهم، لكن تصدر القرارات بالشروط الواجب توافرها فى السجناء المقرر العفو عنهم، والمواد القانونية التى تستند إليها قرارات العفو، على أن تتولى النيابة العامة، ووزارة الداخلية ممثلة فى مصلحة السجون تحديد من تنطبق عليهم هذه الشروط، وتلك المواد، وتفرج عنهم مباشرة. لكن الرئيس المعزول محمد مرسى، هو الرئيس الوحيد الذى أصدر فى ولايته القصيرة، 5 قرارات عفو رئاسى عن سجناء بأسمائهم، والتى وصلت إلى 810 أشخاص، فى نحو 5 شهور، وكأنه يطلق سراح الإرهابيين والمجرمين لـ«يحملوا الإرهاب لمصر»، على عكس ما كان يزعم فى حملته الانتخابية قبيل حكمهم الأسود للبلاد التى كانت ترفع شعارًا كذبًا هو «نحمل الخير لمصر»!!!.
وتعد مبادرة العفو التى يتبناها الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرا من أبرز المبادرات التى أدخلت السرور والبهجة فى صدور العديد من العائلات والأسر بعد الإفراج عن ذويهم من الشباب المتحمس تزامنا مع الاحتفالات والأعياد والمناسبات المختلفة التى تمر بها البلاد.
كما أن القانون الجديد نص على العفو عن بعض السجناء ممن قضوا ثلاثة أرباع مدتهم فى القضايا المختلفة، حسب ما قضوه من مدد، والرئيس من وقت لآخر ينظر إلى البعض الشباب الذين غرر بهم فى قضايا تظاهر وما شابه، ما داموا لم يتورطوا فى أعمال عنف أو إرهاب. وهناك العديد من الشباب المنضبط المجتهد الذى حصل على أعلى الشهادات العلمية فى الداخل والخارج، ولكن ربما أخذته الحماسة بكلمات وتعليقات دون قصد أو تعمد وربما لخدمة وطنه فى المقام الأول، فهو مثل ملايين الشباب الذى يبحث عن ذاته وكيفية الحفاظ عليه وعلى استقراره وتقدمه! ومن بين هؤلاء الشباب الطبيب الشاب شادى الغزالى حرب، أستاذ الجراحة المساعد بكلية طب القاهرة، والحاصل على زمالة كلية الجراحين الملكية بلندن ودكتوراه الجراحة من جامعة القاهرة، والذى كان له دور بارز فى ثورة 25 يناير، لا أحد ينكرها هو ومجموعة من الشباب المتحمس الواعى قبل أن يسرقها الإخوان بعد ذلك، وكان من المعارضين لفكرة توريث الحكم فى البلاد، واستمر حماس ودور شادى فى النضال ضد الإخوان أثناء وجودهم فى الحكم، حتى نجحت ثورة 30 يونيو المجيدة فى التخلص منهم نهائيا وعاد الطبيب الشاب إلى عمله بقصر العينى، ولكن استمر حماس شادى فى النقد والإدلاء بالرأى بشكل ربما تشوبه الفجاجة نسبيا، ما أدى إلى القبض عليه واحتجازه فى أحد السجون رهن التحقيق، بتهمة إثارة الرأى العام، ربما أساء الطبيب الشاب استخدام الألفاظ ولكنه نال جزاءه بالسجن منذ شهور، ونتمنى أن يشمله قرار العفو الرئاسى ويشمل آخرين مثله، لأنه سوف ينقذ أسرته وزوجته وأطفاله الذين يعيشون بعيدا عن حضن الأب وعن مستقبله الطبى للطبيب الشاب المنتظر وأبحاثه المستمرة فى مجال الكبد، ولكن الذى يشفع لشادى وغيره أنهم لم تلوث أيديهم بالعنف والدماء.