تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
الدور السياسى للبرلمان فى مصر، مؤلَّف للفقيه الدستورى الأستاذ الدكتور صبرى محمد السنوسي، أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، وقد تم نشر هذا المؤلَّف فى عام 2005 بعد تعديل المادة (76) من دستور 1971، وهذا المؤلَّف فى حقيقة الأمر يتناول أمورًا غاية فى الدقة والحساسية، ولم لا وهو يناقش دور البرلمان السياسي، فالبرلمان فى الأصل هو المُعبِّر الحقيقى عن إرادة الشعب، ويملك عديدًا من الاختصاصات والصلاحيات، والتى يأتى على الرأس منها اختصاصه بسلطة التشريع.
وإذا كان هذا المؤلَّف قد كُتِب فى ظل دستور 1971، إلا أن أهميته تبرز وتزداد كذلك فى ظل دستور 2014 الحالي؛ ذاك أن هذا الدستور قد منح البرلمان سلطات واسعة، ولعل أبرزها دوره فى تشكيل الحكومة، فطبقًا للمادة (146) منه، فإن برنامج الحكومة يجب أن يُعرض على البرلمان، ويجب أن تحصل الحكومة على ثقة أغلبية أعضائه، وكذلك؛ فإن هذا الدستور قد أجاز للبرلمان فى المادة (161) اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كل هذه المسائل توضِّح بجلاء الدور السياسى البارز للبرلمان فى ظل النظام الدستورى المصرى الحالي.
ومؤلَّف «الدور السياسى للبرلمان فى مصر» قد قسمه مُؤَلِّفه إلى بابين، جاء الباب الأول تحت عنوان: الدور السياسى للبرلمان فى ضوء نُظُم الحكم المعاصرة، أما الباب الثانى فعنوَّن له بـ: الدور السياسى للبرلمان فى مصر، فالمؤلف تناول ـ من ناحية أولى ـ الدور السياسى للبرلمان بصفة عامة فى ضوء نظم الحكم المتعارف عليها، ثم تناول ـ من ناحية ثانية ـ الدور السياسى للبرلمان فى مصر فى ضوء النصوص الدستورية والقانونية المنظمة لهذا الدور، ثم ناقش المؤلِّف مدى قيام البرلمان بممارسة وظيفته السياسية، ومدى إسهامه فى رسم السياسة العامة للدولة.
وإذا كان رسمُ السياسة العامة للدولة هو الاختصاص الرئيسى للسلطة التنفيذية متمثلة فى رئيس الدولة والحكومة، فإن المؤلِّف قد وضَّح دور البرلمان فى اختيار أعضاء تلك السلطة، وكذلك دوره فى تقرير مسئوليتها، بل وضَّح إمكانية الحلول محلها أحيانًا فى حال عدم وجودها، وأخيرًا فقد أبرز المؤلِّف دور البرلمان المهم فى حالة الظروف الاستثنائية التى قد تتعرض لها الدولة، كحالة الطوارئ وحالة الحرب.
وإذا كان هذا هو مجمل ما تم تناوله فى هذا المؤلَّف؛ فإن أهم ما جاء فيه على وجه الخصوص - من وجهة نظرى- هو قول مؤلِّفه فى الخاتمة: «يلاحظ أن الدستور قد منح مجلس الشعب سلطة كبيرة فى مجال تعديل الدستور، تفوق السلطة التى يتمتع بها رئيس الجمهورية فى هذا الشأن، من حيث اقتراح التعديل والموافقة عليه، ثم عرضه فى النهاية على الشعب للحصول على موافقته من خلال الاستفتاء، إلا أن مجلس الشعب لم يستخدم حقه فى طلب تعديل النصوص الدستورية التى يطالب الشعب بتعديلها، بل وجدناه على العكس من ذلك يُعدِّل النصوص المقترح تعديلها من قبل رئيس الجمهورية، بما يتفق ورغبة مقدمها، وأحيانًا بما يفوق رغبته، بل وضد رغبة الشعب، وهو ما حدث عند تعديل المادة (76) من الدستور».
والأهمية التى أزعمها لهذه الفقرة مردها: أنه لو استخدم البرلمان سلطاته فى تعديل دستور 1971، والقيام بالإصلاح السياسى أولًا بأول، بجعل نصوص الدستور ملائمة لواقع المجتمع السياسى والاجتماعى والاقتصادي، لكان الوضع قد اختلف كثيرًا عما نحن فيه الآن، فالوثيقة الدستورية التى تنفصل عن واقع الأفراد مآلها حتمًا إلى السقوط، والتجربة فى السنوات القليلة المنصرمة خير شاهد على ذلك؛ فالانفصال عن واقع الحياة وعدم رضاء المحكومين كان السبب فى سقوط دستور 1971 ومن بعده دستور 2012.
كما أنه إذا بدا أن نصًّا أو أكثر من بين نصوص الدستور الحالى فى حاجة إلى التعديل، فلا مانع من ذلك مطلقًا، بشرط الالتزام بقيود التعديل وعدم الانتقاص من الحقوق التى طالما نافح الشعب من أجلها، فالتعديل الدستورى علامة صحة، وتأكيد حق الشعب فى السيادة، وحتى يظل التوافق قائمًا بين نصوص الدستور والظروف التى يعيشها المجتمع، لكل هذه الأمور كانت أهمية المؤلَّف الذى كنا بصدد عرض محتواه.