ذكرني أمر وقف مذيعين والحديث عن دمج قنوات ونسب مشاهدة؛ بعم "زعتر"؛ كنت صغيرا حينما كان يقف بجلباب مهلهل وسط "الجرن"؛ ويصرخ: "ما تفضوها سيرة بقى"؛ لم أكن أدرك أنه يقصد حديث دوائر "الرواكي"؛ والترجمة لغير أهل الريف؛ حلقات يجتمع فيها الأصحاب حول النار؛ وكانت تلك الحلقات بمثابة قنوات فضائية تجد فيها كل أخبار القرية والقرى المجاورة؛ أكثرها عددا هي أحدثها أخبار؛ وكان عم زعتر يتنقل بينها يسمع من هنا وهناك؛ وينقل الأخبار حتى بات ذو شأن في تقييم "الرواكي"؛ التي كانت التسلية الوحيدة في ليالي الشتاء الطويلة؛ لم يكن يفطن زعتر ولا أصحاب الرواكي أن أهل القرية جميعهم باتوا مستمعين؛ ولم يعد هناك من يصنع الحدث.. من يخلق حكايات جديدة.. بطولات وإخفاقات، فباتت الحكايات تكرر كل ليلة حتى أن العيون الشاخصة حول النار نعست؛ ورويدا رويدا هدأ لهيب الحماسة ولم يعد لأصحاب "الرواكي" قدر؛ فما كان من "زعتر"؛ إلا أن يخرج معلنا قراره :" فوضوها سيرة بقى".. ومن عم زعتر لذلك الذي بعتر أموالا في زمن الانفلات وأراد أن يجمعها الآن من على النايل سات؛ وبعيدا عن الأضرار التي ستقع نتيجة لدمج قنوات أو حتى مطبوعات وأقلها تسريح العمال؛ فأنا مع هذه القرارات فقد وصلنا لحالة من الفلس الإعلامي والمهني؛ وافتقدنا حتى حيلة الفارابي؛ أتعرفونها؟ أدرك أنه لا أحد غير القليل يعرفها وإلا ما كان حدث ما حدث لزعتر والذي بعتر؛ وكانت تلك الحيلة ناي صغير يفكه ويربطه بطرق مختلفة فيعزف لحنا مختلفا؛ وذات يوم دخل على أحد الأمراء وكان حوله جوقة كثيرون؛ سخروا من عازف الناي الحكيم ذلك الموهوب الوحيد في مملكة من الأفاقين؛ ناداه الأمير: ما هذه اللعبة في يدك؟ فرد عليه إنها معجزة أستطيع أن أفعل بها كل شيء أغني وأرقص.. أجعل الناس تضحكي وتبكي؛ فقال له الأمير: أنت ساحر إذن؟ باستنكار أجاب الفارابي: بل فنان والفن ليس بالصولجان ولا بكثرة العازفين ولا بعروض الراقصين.
استشاط الأمير غضبا وقال له: أرنا هذا وإن كنت تكذب عذبناك ثم أشار إلى البهلوانات والراقصات ومدعي الموهبة بالسكوت.
فك الفارابي آلته وجمعها وعزف فبكى الأمير والحضور؛ ثم عاد وفكها وجمعها بطريقة أخرى وعزف فضحك الأمير والحضور؛ وفي المرة الثالثة فكها وجمعها وعزف فناموا؛ لذا ظل الفارابي أعلى نسبة مشاهدة حتى الآن.. وللحديث بقية
استشاط الأمير غضبا وقال له: أرنا هذا وإن كنت تكذب عذبناك ثم أشار إلى البهلوانات والراقصات ومدعي الموهبة بالسكوت.
فك الفارابي آلته وجمعها وعزف فبكى الأمير والحضور؛ ثم عاد وفكها وجمعها بطريقة أخرى وعزف فضحك الأمير والحضور؛ وفي المرة الثالثة فكها وجمعها وعزف فناموا؛ لذا ظل الفارابي أعلى نسبة مشاهدة حتى الآن.. وللحديث بقية