أكد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أن بلاده ستقوم بكل ما يمكن
القيام به لرفض توطين الفلسطينيين داخل لبنان، مشددا على أنه سيخوض مواجهة حتى
النهاية سياسيا ودبلوماسيا لتكريس حق العودة للفلسطينيين.
جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها "باسيل"، عقب اجتماعه
مساء اليوم مع سفراء الدول المضيفة والمانحة والمعنية بملف وكالة غوث وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والذي ضم سفراء 15 دولة عربية وأجنبية وقائمين
بأعمال 9 سفارات معتمدة لدى لبنان وممثلين عن الأونروا والاتحاد الأوروبي والأمم
المتحدة.
وأشار وزير الخارجية اللبنانية إلى أن القرار الأمريكي بوقف تمويل
الأونروا، هو قرار سياسي في المقام الأول وليس إداريا أو ماليا، ويأتي ضمن
القرارات والسياسات المعتمدة في الفترة الأخيرة، مشددا على أنه يمس بأسس عملية
السلام.
وأضاف أن هذا القرار يترتب عليه أيضا المساس بالاستقرار والسلام
الإقليميين والدوليين بعد الخطوات المتلاحقة التي تمثلت بالاعتراف بالقدس عاصمة
لإسرائيل وتكريس يهودية الدولة، وبالتالي تكريس الأحادية في المنطقة ورفض الآخر.
وأوضح أن وقف تمويل الأونروا يعني إلغاء لحق العودة وهو حق مقدس
للشعب الفلسطيني، وبالنسبة للبنان فهو أمر دستوري لا يمكن القبول به لأنه يُلغي
لبنان الكيان والوطن.
وقال: "أبلغنا السفراء رفض لبنان لهذا الموضوع وطالبنا المجتمع
الدولي بعدم القبول بوقف إعانة الفلسطينيين، خاصة وأن القرار الأمريكي يعاكس
قرارات الأمم المتحدة التي بنيت عليها عملية السلام وأتت كنتيجة لتهجير
الفلسطينيين وإنشاء دولة مكان دولتهم، وقد تعهد المجتمع بإعانة الشعب اللاجئ إلى
حين عودته إلى بلده".
وأضاف: "ونحن نرى أن وقف الإعانة ومنع العودة ينقضان كل
القرارات الدولية وتعهدات الدول المعنية، وبالتالي فإن رفضنا ورفض الدول المعنية
يجب أن تتم ترجمته إما بالعدول عن هذا القرار أو بأن تلجأ الدول المانحة إلى زيادة
مساهمتها لتغطية النقص لتتمكن الأونروا من الاستمرار بمهامها".
وأكد أن وقف عمل منظمة الأونروا سيكون له عواقب عديدة، من بينها توقف
التقديمات في مجال التعليم، وهو الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى توجهات لا تخدم
السلام ولا التلاقي ولا الحوار، بل تزيد من العنف والتطرف في المنطقة "ونحن
نعرف انعكاس زيادة التطرف على المنطقة والعالم أجمع".
وأشار وزير الخارجية اللبناني إلى أنه استمع إلى مواقف عديدة من
السفراء المشاركين مؤيدة لموقف لبنان ورافضة للقرار الأمريكي، مضيفا: "بل
سمعنا إصرار العديد منهم على الإبقاء على مساهمة بلادهم وزيادتها، وقد اتخذت دول
عدة هذا القرار في وقت قصير بما يحافظ على مجتمع دولي يحترم قراراته ولا يتسبب في
الظلم لأحد".
وقال: "لبنان ينظر بمزيد من القلق والخوف إلى مثل هذه القرارات
في وقت نرى فيه أن الشعب الفلسطيني المحروم من العودة إلى وطنه تتوقف عنه المساعدة
بهدف منع هذه العودة، في وقت يتم إغداق المساعدات على الشعب السوري في الدول
المضيفة له ويتم قطع عنه المساعدة إذا قرر العودة إلى دولته، وهذا يعني مزيدا من
الفرز والتقسيم والدمج وصولا إلى التوطين الذي يرفضه لبنان".
وأضاف أنه إذا لزم الأمر ستعقد اجتماعات لاحقة على مستوى جامعة الدول العربية كما دعت الأردن، أو عقد اجتماع على مستوى وزاري أو رئاسي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا سمحت الظروف وأجندات وفود الدول المشاركة، لمناقشة كيفية الحفاظ على أنشطة الأونروا المهددة بالتوقف لأن في إلغائها تشجيع للتطرف والعنف والإطاحة بآخر مقومات عملية السلام.