الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

5 سبتمبر.. الخروج عن النص الديمقراطي.. والحساب الختامي للمأساة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوم 5 سبتمبر 1981 ليلة مظلمة عاشتها مصر دفع فيها النظام السياسى فاتورة الحساب.
ليلة عطلت الديمقراطية دون سابق إنذار وتصعيد موجة الاحتراب الشعبى بلا أسباب، قيل وقتها إن الديمقراطية لها أظافر وأنياب... واكتشف الشعب أنها تعنى بناء مؤسس برلمانى بلا نواب.
اشتعلت البلدة الآمنة وأصبحت فى ليلة واحدة مجرد هيكل لما يسمى بالحزب الحاكم وتمت تصفية جميع التنظيمات وأغلقت الأحزاب بالضبة والمفتاح.
أرادت القيادة السياسية فى هذه الليلة تأكيد قبضتها على الأمور وكشفت عن حقيقة توجهها السياسى بلا غيوم وضباب.
فى عام 1971 ولمدة أربع سنوات اتجه الرئيس السادات للإفراج عن جماعة «الإخوان المسلمون» وهناك من رموزهم من دخلوا الاتحاد الاشتراكى ودخلوا فى التشكيلات، وكان هناك خط مع الشيخ أحمد المحلاوى وحاول أن يدخل انتخابات التصعيد، إلا هذه اللعبة لها محترفوها، حيث تتميز سيدى جابر بكوادر متحالفة ورأس الدائرة المحاسب نبيل صقر وله تجربة كعضو تحت القبة وزامله فتحى عبد ربه، ثم خاض صقر انتخابات مجلس الشعب ضد الوزير مصطفى أبو زيد المدعى العام الاشتراكى وسانده التليفزيون بالبيانات التى يلقيها عن تفاصيل معركة سميت «مراكز القوى» وفشل صقر لحسابات معروفة، أدت لتنازله عن عدم الترشيح وفاز مع الدكتور السيد على الذى أصبح وكيلًا لمجلس الشعب، وإثناء المهندس سيد مرعى بأعمال أمانة الاتحاد الاشتراكى حديث العديد من اتصالات قيادات الإخوان تحت «المظلة الأبوية» حتى انتخابات 1976 التى أجراها اللواء ممدوح سالم فى مناخ يستظل بروح التسامح برعاية السادات، الذى أقدم على التعددية الحزبية وتحديد ثلاثة أحزاب هى حزب مصر الاشتراكى العربى وعلى يمينه الأحرار ويساره التجمع الوطنى التقدمى، وتولى قيادة المعارضة عضوان من ضباط ثورة يوليو، هما اللذين تعامل معهما ما يقرب من ربع قرن الأستاذ خالد محيى الدين ومصطفى كامل مراد ورفض الطلبات المقدمة من «الإخوان المسلمون» والناصريين، فإن انتخابات 1976 بنزاهتها أعطت للقوى السياسية طاقة متجددة رغم معدل تدخل المرشحين كان هامشيًا لكن تميز التصويت بالنزاهة بدرجة تكون قياسية سبقها نداءات لتأسيس المنابر تحت مسمى حزب الوسط وانعقدت اجتماعات قصر عابدين وأقسموا أن هذا هو حزب الرئيس، وجاء كامل مراد بتتويج مشواره السياسى، حيث فشل فى أن يكون وزيرًا للتجارة وباع رحلة العمر ونضال السلاح زميله أحمد شهيب فى التنظيم لإرضاء السادات، ليكون موضع ثقة وتزامنت الإطاحة بأحد زملائه أيضًا فى قطاع القطن زكريا توفيق، حيث كتب تقريرًا بأن صحفيًا قال إن هناك استدعاء تم للمحافظ ممدوح سالم، لكى يصبح وزيرًا وتولى التحقيق المستشار عدلى حسين وقتها فى واقعة، تابع خطواتها السادات فى حضور النائب العام، وتشاء الأقدار أن يتولى زكريا توفيق منصب وزير التجارة وعضوية مجلس الشعب عن الجيزة، بينما كامل مراد عن مصر القديمة، وقام بتأسيس شركتين للبواخر وأطلق عليهم (جيهان1، جيهان2) بأموال القطاع العام وتشييد «قصر القطن» على عكس حزب التجمع، حيث تعرض فى بدايته لعقبات بتأسيسه، بل حاولت تيارات أن تتصدر المشهد، ثم تولى الأستاذ عبد الحليم منصور الذى لم يحالفه التوفيق فى مهامه لإلغاء حزب مصر بكوادره القيادية، وتعرض الحزب لهشاشة معتمدة بعد أن تزايد نفوذ المهندس عثمان أحمد عثمان الذى اقترب من السادات فى دوائر صناعة القرار فى مراحله العميقة، فبدأت معارك برلمانية تحت القبة أدارها المهندس محمود القاضى باقتدار، وبعد سلسلة من المصادمات حضر الرئيس اجتماعا مغلقا مع مجموعة، مثل عبده مراد وزكى لطفى وفوزى العمدة حول اقتراحهم بمد الدورة، فرفض السادات، وكان يتجاهل وجود القاضى، وفاجأ الجميع قائلًا: «يا محمود يا قاضى هى مصر بلد عائلات.. أم بلد مؤسسات.. مش فيه نائب رئيس ورئيس وزراء» فاستطاع القاضى بذكائه أن يرد مشيرًا إلى خطاب تلقاه من محمد الليثى الصحفى ومستشار المهندس عثمان أحمد عثمان تناول وقائع ضد الأداء بقطاع المقاولات وبنى عليها طلب إحاطة، ثم استجوابا لكنه كان أذكى وتجاهل ورد قائلًا: يا سيادة الرئيس.. أنا لم أكن أعلم أن الوقائع التى وصلتنى عن طريق عبد اللطيف البغدادى، وهذه الواقعة لم يعلق عليها السادات اعتبر الموضوع قد أغلق.
أجريت انتخابات 76 وفاز القاضى وبدأ أمام السادات تحد، حينما أبلغت الأجهزة أن معارضين يتقدمهم محمود القاضى والمستشار ممتاز نصار وأحمد طه يقومون بإقامة سرادق فى ساحة الحسين وتحول لمنظومة هجوم على الحكم، ورغم أن القاضى هو الذى فاز على والد كمال حسين عام 57 وكلف كامل مراد أن يقوم بتزوير الصناديق وانتهزت القوى السياسية الإجراءات التى اتخذتها حكومة ممدوح سالم «عملية الإصلاح»، واندلعت مظاهرات 17و18 يناير 1977 أى بعد أقل من شهرين على انعقاد البرلمان ودخل الساحة بعد ذلك حزب الوفد، بعد أن اكتمل النصاب من أعضاء مجلس الشعب ودخل الوفد أكبر معركة دارت فى شوارع الجمرك وأقيم سرادق شهير أمام مسجد أبوالعباس ورصدت أجهزة التنصت، لدرجة أنه قيل إن السادات تواجد فى قصر رأس التين ليتابع كلمة فؤاد سراج الدين وأن النافخين فى النار روجوا بأن سراج الدين جاء ليعلن قيام الملكية، لدرجة أن هذا السلوك استنكره رجال الضبط، وفوجئ صباح اليوم التالى بشكوى من هذه المجموعة تنسب إليه تهمة إفساد المؤتمر، وأنه ينتمى لأحزاب الإقطاع، وتوالت إجراءات إسقاط العضوية البرلمانية بداية من الشيخ عاشور نصر وقبلهم أبو العز الحريري، ثم محمود القاضي.
تصور النظام أنه حقق استقرارا نسبيًا بتأسيس حزب العمل الاشتراكى لتحقيق التوازن، بل إن السادات نفسه كان ضامنًا، وفجأة تغيرت الأوضاع ونشطت المساجد فى السلام والقائد إبراهيم والشيخ كشك وضباط الثورة والساسة واشتعلت المعارك بعد تزوير 1979 وأراد عثمان ألا يصدع رؤوس المصريين بالديمقراطية، لكنه اهتم بالتنمية الشعبية وأعاد تشكيل الحزب واختار المحافظين، منهم عبد المنعم عمارة، فإن الهدف هو السيطرة على قوى السيادة الاجتماعية وتغيير وجه المجتمع وتحالف مع الإخوان، الذين تحالف جناح منهم معه اقتصاديًا وسياسيًا كجماعة واضحة، ومهنيًا مثل نقابة المهندسين، وبهذا جمع عثمان حول مائدة الإسلاميين، بحيث تكون عناصرها بين التسييس والمتهمين، وأمام تصاعد الغضب وتطاير الشرر جمع «1500 سياسيًا» فى ليلة واحدة يوم 5 سبتمبر وبعد شهر بالضبط دفع السادات وحده الثمن فى يوم مجده مرتديًا بدلة الشرف، والغريب أنه رغم شدة حذر تميز بها مبارك... إلا أنه لم يستفد من هذا الخطأ ولكن بأسلوب آخر.