.. فى نهاية ديسمبر عام ٢٠١٢ جاء إلى مصر «أخطر رجل فى الشرق الأوسط»، ويطلق عليه لقب «مستر إكس الشرق الأوسط» ويطلق عليه أيضًا (عين القُط)، ويوصف بأنه (الشخص الوحيد الذى من الممكن أن يتسبب فى حرب عالمية ثالثة)، رجُل يهدد العواصم العربية ويقول (قريبًا سنأتى إليكم بعد أن سيطرنا على ٤ عواصم عربية) ويطلق الأمريكان عليه لقب (حاچى)، إذن من هذا الرجُل؟، مهلًا، إنه ليس «أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم داعش الإرهابى» ولا «أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى».
.. إنه «قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيراني، الرجُل الأكثر أهمية فى إيران بعد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية»، بل إنه الأكثر تأثيرًا من الرئيس الإيراني.. «قاسم سليمانى» الذى بدأ حياته «عاملًا للبناء» يتولى تدريب وتمويل ودعم حركة الجهاد الإسلامى فى غزة، وبعض الفصائل الفلسطينية المسلحة وتخضع بعض هذه الفصائل تحت أمرته مباشرًا نتيجة علاقاته الوطيدة مع قياداتها التى يستدعيهُم فى (طهران) ويُوتمرون بأمره.
.. جاء «قاسم سليمانى» إلى مصر فى زيارة سرية، بدعوة من «خيرت الشاطر» و«محمد مرسى» بالرغم من اعتراض كافة الأجهزة الأمنية والسيادية، وأقام «سليمانى» فى أحد فنادق مصر الجديدة بهدف (تشكيل حرس ثورى إخوانى يُضاهى الحرس الثورى الإيرانى) وحضر اللقاء «عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية» و«محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان» و«محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد والمتحدث باسم الجماعة»، وكان المقصود من التعاون مع «قاسم سليمانى» هو قيامه بمُساعدة الإخوان فى تشكيل حرس ثورى إخوانى وتشكيل جهاز مخابرات جديد مُوازٍ تسيطر عليه جماعة الإخوان بعيدًا عن أعيُن الأجهزة السيادية المصرية.
.. «سليمانى» لم يأتِ بمفرده بل أتى معه وفد رفيع المستوى من كبار مسئولى الحرس الثورى الإيرانى والمخابرات الإيرانية.. بعد أن أشاع الإخوان أن أجهزة الأمن فى مصر ترفض الموافقة على الكشف عن طريقة وأسلوب مراقبة جماعة الإخوان أثناء حكم نظام مبارك.. وقد اعترض اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية وقتها على هذه الزيارة وقام بإبلاغ «مرسى» شخصيًا باعتراض الأجهزة الأمنية على وجود «سليمانى» داخل الأراضى المصرية.
.. وفى الوقت ذاته كانت السلطات الإيرانية قد رحبت بالزيارة وفضلت اغتنام الفرصة لممارسة دور فى مصر على غرار دورها فى (٤) عواصم عربية وهى بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت، ومن أجل استكمال الدور الخفى الذى لعبته خلال أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ لإحداث فوضى بالبلدان العربية تستفيد منها إيران لتحقق أطماعها فى المنطقة بالتعاون مع كل مِن «قطر وتركيا».
.. الغريب أن «قاسم سليمانى» على عكس ما يظُن البعض من أنه يعادى الأمريكان ويتوعد الإسرائيليين ويعد اليهود بالحرق لكنه فى الحقيقة لديه علاقات قوية جدًا مع «توم دونيلون مستشار أوباما للأمن القومى».. «سليمانى» المسئول عن: تطوير وتسليح حزب الله فى لبنان وتدريب وتمويل كتائب وفصائل فلسطينية، كما أنه يُسيطر على جميع الميليشيات الشيعية المسلحة فى العراق ومنها «كتائب النُجباء، سرايا الخرسانى، منظمة بدر، عصائب أهل الحق»، والتسليح والتخطيط لـ «الحوثيين» فى اليمن، والتسليح والتخطيط لـ «ميليشيا عمار بن ياسر، ولواء الحمد» فى سوريا.
.. والأخطر من كل هذا: يعمل «سليمانى» على تنفيذ مخطط إيران وهذا المخطط هو:
١_ القضاء على أعداء إيران وتعزيز نفوذ وتأثير إيران فى الشرق الأوسط.
٢_ إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط لما يلائم المصالح الإيرانية.
.. ويستخدم «سليمانى» طريقتين فى تحقيق ذلك وهما:
_ ( الطريقه الأولى ): استخدام القوة العسكرية وتسليح أنصاره وتدريبهم عسكريًا.
_ (الطريقة الثانية): اغتيال المُنافسين والخصوم السياسيين.
.. تعلم قيادات الإخوان الدرس من «سليمانى» وأدركوا جيدًا أنه لا بد لهم أن يبدأوا فى اغتيال خصومهم وتسليح جميع عناصرهم من أجل السيطرة على كافة مقاليد الحكم فى مصر، ليس هذا فقط بل إنه بعد انتهاء الزيارة كشف «جلال كنجى المرجع الدينى الإيرانى المُعارض» عن معلومات غاية فى الخطورة عن حقيقة ما حدث أثناء زيارة «سليمانى» للقاهرة وقال نصًا (إيران خططت مع جماعة الإخوان لكى تكون الحكومة المصرية بالكامل من العناصر المنتمية للإخوان وجعل هذه الحكومة كيانًا عسكريًا على غرار ما يحدث فى إيران، لأن إيران تسعى لـ«جر مصر والتلاعب بها» لتمرير أهداف وصية «خمينى» ولذلك لا بد من تخليص مصر من هذا التآمر الإخوانى، لأن إنقاذ مصر من حكم الإخوان نعمة لم ينعم الله بها على المصريين فقط، بل إنها نعمة علينا نحن الإيرانيين أيضًا).
.. خلال تلك الفترة كان مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة فى عز سطوته، كل يوم احتفال أو ندوة أو لقاءات بين القوى السياسية من المنتمين للإخوان والتابعين لهم مع «مُجتبى أمانى القائم بالأعمال الإيرانية بالقاهرة»، مناسبات عديدة يتم الاحتفال بها منها الذكرى السنوية السنوية للثورة الإيرانية بحضور قيادات الإخوان وبعض السياسيين والإعلاميين وجميعهم من المحسوبين على الإخوان.. وفى الوقت نفسه سمح «محمد مرسي» لإيران بتكريم أُسر شهداء أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وإعطائهم مبالغ مالية طائلة بعد استقبالهم فى (طهران).