ربما ارتأت الحكومة أن ضغط العمل على الموظفين وعددهم ما يقرب من 6 ملايين موظف وعامل، والذين يبذلون جهدا متواصلا في خدمة المواطنين ولا يعطلون لهم مصلحة وربما يسعون إلى إنجاز مهام المواطنين بعيدا عن المشكلات الروتينية والإدارية التي تضخمت بها دولاب الحكومة، وأن أوقات راحتهم قليلة ربما لا يجدون خلالها أوقات للتسامر والتباكي ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك أو تقشير البصل وتجهيز طبيخ الأولاد أثناء العمل أو تناول الطعام في أوقات العمل والصلاة طوال الوقت، وعدم وجود موظفين مثل مدام عفاف التي لم تحضر اليوم أو ذهبت إلى مأمورية أو مطالبة المواطن أن يحضر غدا لأن السيستم "بايظ"، وتعمد بهدلة المواطنين من أجل الحصول على "الوينجز"– وهذا ما يحدث في معظم الأوقات- فطرحت الحكومة فكرة منح العاملين بالجهاز الإداري للدولة إجازة ثلاثة أيام "الخميس – الجمعة – السبت" بدلا من يومين حاليا، ليس هذا فحسب بل وقام بالفعل الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بتوزيع عدد من الاستمارات لتوزيعها على عدد من مباني المحافظات، وعدد من المصالح الحكومية الأخرى، لمعرفة أراء العاملين بها حول زيادة أيام الإجازات الأسبوعية، فمصر تمنح الإجازات تحت عناوين عدة، منها على سبيل المثال "الإجازات السنوية، الإجازات المرضية، وإجازة الحج، والإجازات الرسمية، والإجازات الأسرية، وإجازة خاصة للمرأة وقت الولادة".
مجرد طرح الفكرة جعل هناك حالة القلق لدى الموظفين إزاء تلك القرارات، التي ربما يكون لترشيد الاستهلاك خاصة في الكهرباء والمياه ووقود السيارات، التي تستخدمها بعض المصالح والوزارات الحكومية، لتخفيف العبء المالي العام على الميزانية العامة للدولة في إطار خطة الترشيد العام، وتوفير العديد من الموارد، إضافة إلى تخفيف الضغط العام وزحام المواصلات في الصباح، ووقت خروج العاملين من مصالحهم الحكومية، وهو ما سوف يسهم في حل أزمة المرور.
ومثل هذه القرارات الحكومية ربما تكون بداية لتقليص أعداد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، كما يعتقد الكثير منهم وربما تؤدى إلى تقليص رواتبهم الشهرية، ولكن في الحقيقة أنه من بين قرارات صندوق النقد الدولي الذي منح الحكومة المصرية قرض ١٢ مليار دولار، هو تخفيض أعداد الموظفين بشكل تدريجي من خلال تطبيق قانون الخدمة المدنية الذي أقرته الحكومة، وربما هو ما تخطط له الحكومة خلال الأيام المقبلة، ولكن القيادة السياسية حريصة على أن تحافظ على مصدر رزق ومعيشة كل المواطنين ودون أن يلمسهم سوء.
والغريب أن مصر تحتل المرتبة الخامسة عالميا في الإجازات التي تعد من مشكلات وأزمات مجتمعنا في المناسبات المختلفة والأعياد، والتي تجعل الدولة والناس في حالة ركود تام وإغلاق للمتاجر والصيدليات والمستشفيات بسبب الأعياد وهذه أشياء غير موجود في البلاد المتقدمة والمتخلفة على السواء ولكنه للأسف الشديد يحدث في مصر والدليل إجازة العيد الأخيرة، فما بالك بأن تطرح الحكومة إجازة 3 أيام يعني العمل لمدة 4 أيام فقط في الأسبوع و16 يوما في الشهر وهذا غير منطقي ناهيك عن الدراسة التي قامت بقياس فترة عمل الموظف توصلت إلى 15 دقيقة في اليوم تقريبا فلماذا إذن نقلص أيام العمل له.
الأمر الآخر هل سيتم تخفيض لرواتب من منطلق علي قد شغلكم يكون راتبكم؟ وهذا بلا شك سيحدث ارتباك غير مقبول في حياة هؤلاء الموظفين وأسرهم.
وأظن –وليس كل الظن إثم- أن الإجازة ثلاثة أيام هو بداية الانهيار الجزئي للجهاز الإدارى للدولة بالكامل، بالرغم من وجود كم هائل من الإجازات سنويا، حيث هناك الإجازة الأسبوعية "الجمعة والسبت" فضلا على الإجازات الرسمية كل عام والتي تبدأ بعطلة عيد الميلاد المجيد "7 يناير من كل عام" ثم عيد الشرطة وعيد ثورة 25 يناير، ورأس السنة الهجرية الأول من المحرم بالتقويم الهجري، والمولد النبوي 12 ربيع الأول بالتقويم الهجري، فضلا على عيد تحرير طابا 19 مارس وعيد تحرير سيناء 25 أبريل، وعيد العمال الأول من مايو، وشم النسيم الأول من برمودة بالتقويم القبطي، وعيد ثورة 30 يونيو , وثورة 23 يوليو، وعيد القوات المسلحة السادس من أكتوبر، وعيد الفطر الأول والثاني والثالث من شوال بالتقويم الهجري، ووقفة عرفات التاسع من ذي الحجة بالتقويم الهجري، وعيد الأضحى من العاشر إلى الثالث عشر من ذي الحجة بالتقويم الهجري، إضافة إلى ما يستجد من أحداث عند الدولة، والإجازات التي يقوم بها العاملين بالدولة "العارضة والاعتيادى" الأمر الذي يعطل المصالح الحكومية أمام المواطنين لفترة كبيرة .
أعتقد أن كثرة الإجازات الحكومية تعتبر ظاهرة سيئة تسبب هدرًا غير مبرر، ولا تساعد على تحفيز الاقتصاد وجذب المستثمرين.
ربما كان من الطبيعي أن يحتاج الموظف إلى الراحة والإجازة لأن القيلولة هي التي تعطي مزيدا من النشاط للإنسان، لكن لا ينبغي الإسراف في الإجازة التي تؤدي إلى التبلد والكسل"، كما أن البيئة التي تكثر فيها الإجازات بأنواعها سواء الرسمية أو المرضية تعد بيئة غير جيدة للأوضاع الاقتصادية فى البلاد.