السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بالوعات المجاري والمحليات وقتل الأبرياء!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غرقت «ساندي» الطفلة ذات الـ٤ سنوات، ومعها رفيق براءتها «عبدالرحمن ـ ٦ سنوات» فى بالوعات مجارى بالسويس، التى حزنت عليهما كمدًا بسبب الإهمال والتراخى والفساد.. حدث ذلك قبل وقفة عيد الأضحى بيوم واحد!!
ولعل الصورة متكررة، ومع أول أيام عيد الأضحى غرق عاملان شقيقان فى بالوعة أثناء عملهما فى كسح المجارى، بمدينة رشيد بالبحيرة، وقد أصبحت حالات الموت فى المجارى بالمحليات ظاهرة مخجلة ومخزية وجريمة لا تغتفر.
ولعل المتابع لإحصائيات ضحايا البالوعات والغرق فيها، يدرك حجم المأسى التى تتم فى المحليات، لا فرق بين «براءة الطفولة - شبابًا - شيوخًا - نساء ورجالا» بعد أن أصبحت البالوعات مصيدة لموت الأبرياء من المواطنين فى كل المحافظات، لا فرق بين قبلى وبحرى، ومدن القناة، وحضر وريف للأسف الشديد.
وإذا كانت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى تمتلك ٤٥ ألف كم، من أطوال شبكات الصرف الصحى التى تم بناؤها من أموال الشعب المصرى، إلا أن هذه الشبكة أصبحت تعانى الإهمال وانعدام الصيانة الدورية، بالإضافة لمعاناة ٤٠٠ محطة صرف صحى بطول البلاد وعرضها من عدم وجود الماكينات وقطع الغيار أو حتى معدات الأجهزة والإصلاح.
هذا غير المناطق المحرومة من الصرف الصحى أصلًا، والتى تصل إلى أكثر من ٣٥ ٪ من حجم نصف القرى والعزب التابعة للمحافظات والتى لا يوجد بها صرف صحي.
وإذا كانت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، والتى تأسست بالقرار الجمهورى رقم ١٣٥ لسنة ٢٠٠٤، وتعمل وفق القانون ٢٠٣ لسنة ٩١ وتضم ٢٥ شركة فرعية تخدم جميع محافظات الجمهورية الـ«٢٧»، والتى تعتبر المسئولة عن إصلاح وصيانة وتوفير الخدمات من مياه شرب وصرف صحى، بل والمسئولة عن تحسين مستوى الخدمات.
إلا أنه على أرض الواقع، الشركة وتوابعها تعانى من الإهمال وأصبحت شركات «جباية» تحقق ما تريده للمستهدف من زيادة إيراداتها خصوصًا بعد ارتفاع أسعار الخدمات بما يزيد على أكثر من ٥٠٪ خلال الفترة السابقة، مما حمل المواطنين أعباء مالية ضخمة على الفواتير، وللأسف مع انخفاض وتدنى الخدمات وتزايد ظواهر غرق الشوارع والميادين الرئيسية والحوارى بمياه المجاري، فى المدن والمراكز والأحياء والقرى مع انتشار الزواحف والفئران والحشرات الضارة، وتفاقم تلوث البيئة ومخاطرها على الصحة العامة.
يضاف إلى ذلك الانقطاع شبه المستمر لمياه الشرب، فضلا على ارتفاع الأسعار وقلة الإتاحة والجودة مما يؤثر على السكان فى المنازل والمنتجين فى المصانع والمطاعم والمخابز وغيرها، وأخيرًا ظاهرة قتل وغرق الأطفال والمواطنين الأبرياء فى بالوعات الصرف بالمجاري.
فى حوادث سيئة ومخجلة فى زمن وعالم وسائل الاتصال الحديثة والكمبيوتر والفضائيات، وقد كشفت تصريحات العديد من رؤساء شركات المياه والصرف التابعة فى المحافظات، وعبر بيانات المتحدث الرسمى للشركات القابضة، أن سرقة أغطية البالوعات التى شملت المحافظات جميعها فى الوجهين البحرى والقبلى ومدن القناة وحتى القاهرة الكبرى مع تزايد معدلات السرقات لتصل فى بعض المحافظات إلى سرقة ٢٥ غطاء يوميًا.
وقد بلغت حالات السرقات للبالوعات وفقا للمتاح من الأرقام بالمحافظات ١٥٠٠ غطاء، تم سرقتها فى أسوان تليها المنيا ١٢٠٠، الدقهلية ١٠٠٠، الإسماعيلية ٥٤٨، سوهاج ٢٤٨، أما القاهرة بها ٣٥٠ ألف غطاء صرف صحى وتم سرقة ١٢٢ غطاء خلال ٣ أيام.
لا فرق بين مناطق «حلوان – شبرا – المعادى – المرج – مدينة نصر – مصر الجديدة» وبمعدل يزيد على سرقة ٤٠ غطاء يوميًا قيمتها تقدر بملايين الجنيهات، وفى إحصائيات غير رسمية لغياب الإحصاء الدقيق لحالات السرقات لأغطية البلاعات، وهناك تقديرات بأن عددها يصل عشرات الآلاف من البالوعات المسروقة.
وإذا علمنا أن غطاء الصرف الصحى للبلاعة الواحدة يكلف ما يقرب من ثلاثة آلاف جنيه، ويصل وزنها من ٥٠ – ٦٠ كيلو يقوم اللصوص بسرقتها وبيعها خردة بسعر الكيلو ١٥ جنيها أى يتم بيعها بـ ٧٥٠ جنيها للغطاء الواحد، وأحيانًا بنصف سعرها.
إن إعادة تركيب أغطية جديدة يكلف الشركة القابضة وتوابعها الملايين من الجنيهات، إن الأمر جلل وخطير ويجعلنا نتساءل:-
• أين دور المحافظات والمحليات وإدارة الصرف الصحى ومديريات الإسكان؟
• أين دور الشركات التابعة للمياه والصرف الصحى فى المحافظات وتحمل مسئوليتها فى مد وصيانة وإحلال وتجديد الشبكات وحمايتها والمتابعات الدورية عليها؟
• أين دور الأمن العام فى الحفاظ على المرافق العامة وخطورة عدم حماية أمن الصرف الصحى وشبكاته، حيث إن السرقات تتم علنًا ويتم تصويرها، وهناك العديد من البلاغات من المواطنين والتصوير على عينك يا تاجر على مواقع التواصل الاجتماعي؟
• أين خطط الإحلال والتجديد وشراء المستلزمات السلعية وقطع الغيار لخطوط الشبكات؟
• هل هناك حماية للعاملين بالصرف من ناحية معدات الأمن الصناعى والوقائية وصرف الملابس الملائمة، مع تحسين الأجور والمرتبات وصرف بدل الأغذية لهؤلاء العاملين بالصرف الصحى، الذين يتعرضون للمخاطر الشديدة والموت خنقًا وغرقًا فى بالوعات الصرف؟
• أين تدريب العاملين بالصرف الصحي؟
• أين الرقابة والمحاكمة لتجار الخردة من منعدمى الضمير الذين يشجعون ويتسترون على تلك التجارة غير المشروعة والتى انتشرت بفضل الربح الحرام؟
• أين دور مجلس النواب وفى القلب منه لجنة الإدارة المحلية التى تحتاج إلى اجتماع عاجل وسريع لبحث هذا الملف الشائك رقابيًا وتشريعيًا لمواجهة ظاهرة قتل الأبرياء بسبب مصائد الموت فى بالوعات المجاري؟
• أين خبراء الإسكان والمرافق؟ وأين شرطة المرافق وكل أطراف العملية؟
إن تطبيق اللامركزية وتطبيق الديمقراطية بشكل صحيح وتفعيل استراتيجية مواجهة الفساد والإهمال، وانتخابات المجالس الشعبية المحلية هو المدخل الصحيح نحو التنمية لبلادنا، دافعًا عن كرامة الإنسان المصرى الذى يستحق حياة أفضل بعد ثورتين.