ربما كانت الرقابة على الجامعات الخاصة شبه معدومة فى السنوات الأخيرة بالرغم من حالات الفساد الإدارى التى شهدتها هذه الكيانات خلال السنوات الأخيرة فى غيبة من متابعة وزارة التعليم العالى أو المجلس الأعلى للجامعات، ونشرت الصحف والمجلات العديد من الأحداث التى تدق ناقوس الخطر على العملية التعليمية الجامعية برمتها والتى تستأثر الجامعات والمعاهد الخاصة فيها بأعداد كبيرة للغاية خاصة فى الكليات العملية وبعض الكليات النظرية بمصروفات تتعدى مئات آلاف الجنيهات دون أن يتلقى الطلاب فيها تعليمًا حقيقيًا بل مجرد شهادات تشتري!
وفى الحقيقة هذه الكيانات الجامعية الخاصة تتلقفهم على شوق حار وانتظار وصبر جميل حتى يمارسوا عليهم جباية دفع مبالغ مالية وأموال كرسوم تفوق الجامعات الحكومية بعشرات الأضعاف وفى الحقيقة لا تجد تعليمًا حقيقيًا بالمعنى فى معظم هذه الجامعات الخاصة، وإنما مجرد شراء شهادات والسلام، وهذا ما يحدث ربما فى معظم الجامعات الخاصة التى لا تتوانى عن فرض رسوم ما يسمى بقائمة الانتظار مع توقيع ولى الأمر بعدم أحقيته فى استرداد الأموال التى دفعها للطالب عند تقديمه لكلية ما ولم يستطع الدخول إليها بسبب المجموع ربما أو عدم كونه لائقًا لها الأمر الذى يؤدى إلى إهدار أموال بالآلاف وربما بالملايين من أولياء الأمور دون عائد حقيقى للأسرة وإنما مزيد من الضغوط وإنما مكاسب ومغانم كثيرة تحصل عليها بعض هذه الكيانات فى غيبة وزارة التعليم العالى والمجلس الاعلى للجامعات الخاصة!
على أى حال فلا حديث يعلو فى مصر فوق حديث القضاء على الفساد فى الجامعات الخاصة والمطالب المتكررة بمحاربته والتصدى له من أجل النهوض بالمستوى التعليمى الجامعى فى مصر والخروج من الأزمات التى لازمت المجتمع المصرى طوال سنوات، والتى من أبرزها ملف التعليم العالى!
وينبغى مناقشة قضايا الفساد فى بعض الجامعات الخاصة بكل وضوح وصراحة حتى نضع أيدينا على العلة والأزمة الحقيقية فى تراجع مستوى التعليم الجامعى فى مصر فلا بد من التحقيق حول الفساد فى الرسائل العلمية وما بها من عوار ونقص والنقل منها تحت نظر وأعين بعض أعضاء هيئة التدريس، وسبوبة مناقشات رسائل الماجستير والدكتوراه التى تتم كل يوم بالعشرات الرسائل بين زملاء القسم الواحد بالتبادل على طريقة «شيلنى وأشيلك» وما بها من مجاملات وعندما تقيم هذه الرسائل تجد معظمها لا تصلح!
وعن الدروس الخصوصية داخل الجامعات المصرية حدث ولا حرج والتى أصبحت منتشرة أكثر من الثانوية العامة، وملف إعادة التصحيح داخل بعض الكليات للمواد من قبل الطلاب وفساد كنترولات الكليات النظرية والعملية على السواء فلا رقابة على كل هذا وذاك، ناهيك عن مشكلة التحرشات الجنسية بين الطلاب والطالبات وبين أعضاء هيئة التدريس والطالبات داخل الجامعة، وكثيرًا ما كانت هناك قضايا ضد أساتذة جامعة تحرشوا بطالبات، وأيضًا ملف الدراسات العليا وتنظيم عملية قبولها داخل الكليات، وهى أيضًا يشوبها المجاملات والصداقات، وتحكم أعضاء هيئات التدريس عليها! وعن سوء التقييم فى التدريس والتصحيح وأسلوب الامتحانات، ونظام التدريس العقيم، والمدن الجامعية ومشكلاتها التى لا تنتهى، وملف التغذية داخل الجامعات والمدن الجامعية!
ناهيك عن قيام بعض الجامعات الخاصة ببيع الوهم للطلاب وادعاء وجود بروتوكولات تعاون مع إحدى الجامعات الأجنبية معها من أجل الحصول على شهادات من الخارج، وهى ليست حقيقية فى واقع الأمر وإنما حيل لكسب مزيد من الأموال للجامعة، وهناك جامعات تقبل مجاميع منخفضة جدًا لكليات كبرى كالطب والهندسة والعلاج الطبيعى والإعلام دون أن تكون لديها وسائل تدريبية وتعليمية وتجارب ومعامل من أجل تدريب الطلاب بشكل عملى ومنضبط وسليم! وجامعات أخرى تفرض على طلابها دفع مصروفات إضافية تحت مسمى مشروعات تخرج فى السنة الأخيرة، وهى تعد ضمن مصروفات الجامعة الشاملة، لكن الجامعات والمعاهد تبدع فى جلب الأموال وتتحايل على القانون أحيانًا من أجل الحصول على أموال الطلاب دون وجه حق!
ومع ظهور وانتشار الجامعات الخاصة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضى، وهناك مليارات الجنيهات مكاسب شخصية فى خزائن هذه الجامعات ربما لا تعلم الدولة عنها شيئًا، ولا إلى أين تذهب وفى أى شيء يتم توظيفها وربما هذا الفساد لن ينتهى فى يوم وليلة، وإنما يحتاج وقتًا كبيرًا، ومنذ من أربع سنوات حتى الآن لم تتوقف جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة فى مكافحة الفساد الإدارى الذى يأكل جهود التنمية المجتمعية ومنه الفساد الجامعى الخاص الذى بدأ منذ ما يقارب ربع قرن حتى الآن دون تقييم حقيقى للدور الذى قام به فى التعليم الجامعى أو ضبط ممارستهم الخطيرة على مستقبل البلاد والعباد والأجيال المستقبلية!