السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

يوم انتصر المصريون في موقعة قناة السويس الجديدة (3-3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ردًا على حرب الفتاوى التى أطلقتها «الجمعية الشرعية» فى المساجد التى تسيطر عليها فى أغسطس 2014، والتى كانت تقضى بتحريم شهادات استثمار «قناة السويس» الجديدة، قامت مديريات وزارة الأوقاف بالمحافظات بتنفيذ قرارات وزير الأوقاف الصادرة بتحريرِ المساجدِ من براثن «الجمعية الشرعية» التى استغلتها الجمعية فى بثِ فكرِها الدعوى المتطرف المناوئ للدولة، وخاصةً بعد تورط أئمتها وتوظيف المنابر فى اتجاهٍ معين، وإصدار فتاوى تُحَرِم ما أَحَلتُه المؤسسةُ الدينية الرسمية.
وبدأت مديرية أوقاف القاهرة تنفيذ قرار وزير الأوقاف بضم مساجد «الجمعية الشرعية» بالقاهرة إليها وتعيين خطباء عليها تابعين للوزارة، يؤدون الصلوات، وقامت المديرية، بتحرير محاضر ضم لمسجد خامس الخلفاء الراشدين بالمطرية. وشملت القرارات فى أول يوم ضم مساجد جزيرة دار السلام بمنطقة دار السلام، ومسجد عباد الرحمن بحارة اليهود بالموسكى ومسجد السنية بدرب السكة الحديد بالبساتين ومسجد على بن أبى طالب بالترولى بالمرج، ومسجد زهرة الإسلام بالمطرية.
وقام الدكتور عبدالناصر نسيم وكيل أوقاف الجيزة بمعاينة وضم مساجد شهيرة بالجيزة على رأسها مسجد الاستقامة بميدان الجيزة ومسجد المنيرة بامبابة ومسجد الحرمين بوراق العرب دعويًا، وتعيين أئمة تابعين للوزارة على المساجد وتحريز صناديق التبرعات ومصادرتها لصالح الوزارة فى مساجد هى الأبرز والأكبر بالجيزة، مع منع منتسبى الجمعية الشرعية من الخُطبِ والدروسِ والإمامة وجمع التبرعات بالمساجد.
وأشارت الوزارة إلى أن قرار الضم جاء تأكيدًا على منهجها بقصر الدعوة على المتخصصين، وخطورة اقتحام غير المتخصصين للدعوة والفتوى.وأفصحت الوزارة عن تجاوز أحد خطباء «الجمعية الشرعية»، وهو الشيخ محمود حسين أحمد فى خطبة الجمعة بمسجد على بن أبى طالب بالمطرية مفتيًا بحُرْمَةِ شهادات الاستثمار وأنها ربا، مؤكدةً أن ذلك لم يكن موضوعًا للخُطبة أصلًا.
وأكد وزير الأوقاف، د. محمد مختار جمعة، أن قيام أحد الصناديق التابعة للعاملين بالأزهر الشريف باتخاذ قرار بشراء شهادات استثمار فى مشروع قناة السويس، بمبلغ 250 مليون جنيه، ثم قيام أحد الصناديق التابعة للعاملين بالأوقاف باتخاذِ قرار بشراء شهادات أخرى فى المشروع بمبلغ 400 مليون جنيه، إنما هو بيان وفتوى عملية وتطبيقية لمشروعيتها باعتبار ذلك مشروعًا قوميًا يعود نفعه على الوطن كله، ويتجاوزه إلى ما فيه مصلحة الإنسانية».
ولا شك أن لكلِ حربِ عواقبها، وحين تضع الحربُ أوزارَها، لا بُدَ من منتصرٍ ومهزومٍ، ورغم أن الحربَ غيرُ شريفة؛ حيث تم استدعاءُ الدين من قبل الإسلاميين لكى يواجهوا الدولة المصرية، ويقوضوا فرصة انطلاقها للأمام لاستشرافِ المستقبل خلفَ قائدٍ آمنت به بلا حدود، ومنحته ثقةً غير مسبوقة فى انتخاباتٍ رئاسيةٍ حرة. 
لقد أرادها الإسلاميون حربًا ضد هذا القائد لتقويضِ مشروعِه الإصلاحى من أجل الوطن، لأنهم رأوْا فيه عدوًا لمشروعهم «الإسلامي» المزعوم، رغم أن الشعبَ المصرى رأى فيه بطلًا وزعيمًا خَلَصَهُم من براثنِ جماعةٍ وحركاتٍ وتنظيماتٍ تنعت نفسها بالإسلامية والإسلامُ منها بَرَاء. وحتى الذين خرجوا أو انشقوا عن هذه الجماعات والحركات والتنظيمات ولحقوا ببيان الثالث من يوليو مثل حزبِ «النور» الذراعِ السياسية للدعوةِ السلفية، قام بالتحالف ضد الدولة والرئيس فى حرب الفتاوى ليحارب الدولة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسى بُغية الحصول على مكانةٍ ومزايا خاصة وأرضيةٍ جديدة فى المشهد السياسي، رغم أنهم يجب أن يفهموا أنه بعدَ سنة حكمِ جماعة «الإخوان» الإرهابية الأسود، لا مكانَ للإسلام السياسى على الخريطة السياسية المصرية.
وهكذا.. ورغم تحالف كل هذه القوى التى تنعت نفسها بالإسلامية ضد الدولة والرئيس، ورغم تآمرها على مستقبل مصر ومشروعِها القومى المتمثل فى قناة السويس الجديدة وما ستحققه لمصر وأبنائها من خيرٍ وفير فى المستقبل، وما تبثه فى نفوسهم من أملٍ وتفاؤلٍ افتقدوه طوال السنوات الماضية المضطربة وسط الأنواء والعواصف التى ضربت مصر، رغم ذلك كله فإننى أقول إن الدولة المصرية والشعب المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسى والمؤسسة الدينية الرسمية المعتدلة قد حققوا نصرًا غير مسبوق على الإسلاميين وذلك للأسباب التالية:
(1) إن الشعب المصرى الواعى لم يُعر أدنى انتباهٍ لفتاوى الإسلاميين ضد شهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديدة، وتدفقت الحشودُ بالآلاف على البنوك ومكاتب البريد لكى تبادر باقتناءِ هذه الشهادات ليس طمعًا فى الفائدة العالية التى تحققها، ولكن رغبةً فى الحصول على شهادةِ انتماءٍ لهذا الوطن، وشهادةِ حبٍ لقائدِه. لقد كان ردُ فعلِ الشعبِ المصرى مفاجئًا للجميع، سواءً للاقتصاديين أو الإعلاميين أو حتى مراكز الأبحاث الوطنية، لدرجةِ أن البعضَ قام بتقدير المدة التى سيتم تغطية مبلغ الـ60 مليارًا قيمة الشهادات فى ثلاثةِ أشهر على أقل تقدير، فإذا بالشعب المصرى العظيم كعادته يصنع المفاجأة بتغطية هذه الشهادات بمبلغ 64 مليار جنيه فى ثمانية أيام عمل.
(2) إن عدمَ التفات الشعبِ المصرى لفتاوى الإسلاميين يُجَسِدُ ثقةَ الشعبِ المصرى فى دولته التى تم استردادُها بعد أن سرقها الإخوانُ وحواريوها بعد ثورة 25 يناير، وثقةَ الشعبِ المصرى فى قائدِه ورئيسِه. لقد كان إقبالُ الشعبِ على شراءِ شهادات القناة، وتلبيةُ نداءِ القائد بالمشاركة فى هذا المشروع من أجلِ مصر بمثابةِ استفتاءٍ على شعبيةِ الرجل التى يزعم الإسلاميون أنها قلت بعدَ رفعِ أسعار الوقود وارتفاع أسعار بعض السلع، رغم أنهم كان يجب أن يدركوا أن هذه مجرد أوهام، وإلا كانت بعض فئات الشعب قد انضمت لهم فى مسيرات حركة «ضنك» الإخوانية التى تشكو من ارتفاع الأسعار بُغية المتاجرة بظروف المصريين الاقتصادية الصعبة. لقد آثر المصريون أن يتحملوا آلامَ الحاضر من أجل أن يستشرفوا آمالَ المستقبل، وهذا ما لا يفهمه الإسلاميون عن الشعب المصرى الذى عاش منذ قديم ولايزال على ضفتى النيل وفى قلب الدلتا يغرس البذور وينتظر بعد شهور موسم الحصاد.
(3) انتصرت المؤسسةُ الدينية الرسمية المتمثلةُ فى الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء على الإسلاميين فى حربِ الفتاوى لأولِ مرةٍ على الأرجح منذ صعود هؤلاء الإسلاميين، ففتاوى الإسلاميين لم يتم السكوت عليها، بل إن التجاوب معها كان لحظيًا بإصدار فتاوى مضادة تتسم بالوسطيةِ والعقلانيةِ والتجديد، وتُبينَ للناسِ ما أخفاه عنهم الإسلاميون من أمورِ دينهِم بغيةَ السعى لتخريبِ دُنياهم، وناشدت المواطنين استقاء الفتاوى من الجهات المنوطة بالفتوى، كما ساهم العاملون بالأزهر ووزارة الأوقاف فى شراءِ حصةٍ من الشهادات ليقطعوا الطريقَ على من يُفتى بحُرْمَةِ هذه الشهادات، كما تم فرضُ سيطرة وزارة الأوقاف على بعض المساجد التى يسيطر عليها أصحابُ الفكرِ المتطرف.
إن معركة فتاوى شهادات استثمار مشروع «قناة السويس» الجديدة ربما كانت معركةً لم يشعر بها كثيرون لكنها معركة مهمة ومواجهة نوعية قامت بها الدولة والشعب المصرى والمؤسسة الدينية الرسمية وانتصروا فيها انتصارًا ساحقًا على الإسلاميين وفتاواهم المُغرضة، ولكن يجب أن نعلم جميعًا أن الانتصار فى هذه المعركة لا يعنى أننا كسبنا الحرب؛ فحربُ الفتاوى لا تزال مستمرة، وقد عاود الإسلاميون -وسيعاودون- الكرةَ علينا فى مواقع أخرى، ويجب أن نكون مستعدين لهم فى كل الأوقات.