تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أنا فلاح
مصر بلادي.. فلسفتي
لا أنا جاحظ ولا واعظ ولا مفتي
بمحراتي أشق الأرض لجل العرض يتستر
وفاسي تسوي طوب الحد لجل القد يتمخطر
وبحباب الندى النازلة على جبيني بتتسطر
نروي الحب يصبح غصن ويزهر
أنا فلاح ومصر بلادي.. فلسفتي
وليه ما أمشي وأرفع راسي في العالي
وموالي صدى جهدي وأفعالي
يحاكي الدنيا عن أصلي وسلسالي
من الأهرام لغاية سدنا العالي
خضعت الأرض لإرادتي وسلطاني
وغنى الليل بزمارتي في ودياني.
على فحيح "سبرتاية القهوة" وفي ضوء مآذن المساجد؛ جلسنا نجتر الذكريات، نقلب صفحات الماضي؛ وإذ بنا نقف عند زجال قلما يجود به الزمان.. تذكرنا موقفه في التوجيهية وقتما كان يخوض الامتحان فسجل حينها اعتراضه على نظام التعليم وكأنه كان يشعر بقدوم الانهيار فكتب يا وزير التعليم كيف سيخرج علماء ومفكرين من نظام تعليم يدرس للطلبة "شرشر نط كل البط"؛ رسالته وصلت آنذاك لوزير التربية والتعليم وكان رده فصل الطالب محمد محمد محمد الجمل من التعليم نهائيا؛ خرج الزجال من أسوار المدرسة إلى الكون الفسيح كانت شهرته "أيوب" وقد كان له منها نصيبا كبيرا.. كان نبيا رسالته الكلمة لكن أحدا لم يعي ما يحمله في صدره فحاربوه لكنه كتب عن كل شئ.. أرخ غرق الدولة في السداح مداح.. أراد أن يغير الواقع وكان الحرف قد أتاه طوعا وبات في يده سهلا لينا، لكنه كان وحيدا أمام سطوة رجالات الدولة، ولأنه كان عنيدا دخل مضمار السياسة بجواد خياله فتعثر في السبق، فالمقامرة والمغامرة كانتا غير محسوبتين، كان هذا الزجال من الممكن أن يكون أبنوديا نتحاكى به إذا رواغ الحياة ولو قليلا، لكن ربما لظروف اجتماعية وسياسية فقد بوصلته، فالتهمت قواه المشكلات، هذا الزجال تطلع أن يكون له دورا سياسيا وخيل إليه أن موهبته وحسه وحبه لأهله مؤهلات كافية لذلك، فدخل في براثن السياسة كمرشح لمجلس الأمة وبرغم إيمان العوام به إلا أن اللعبة منذ القدم كان لها أصول، فنالت منه الخسارة ولم يخرج صوته المعارض أبعد من صدره، ربما لأنه لم يكن على الأقل متلقي جيدا لهذا الصوت، وأخذته العزة بالموهبة أن يقول لا وسط موجة عاتية من الانصياع، صدح كبلبل وسط نعيق صارخ دون أن يشكل مجتمعا يصغي ويسمع ويعي صفيره، لم يتمكن زجالنا أن يسترد خطوته الأولى، كانوا يحرقون حوله الأرض، بات مطاردا كنبي، اتهموه بالشطط.. سرقوا منه حلمه، كان يكتب عن الوطن.. عن الأمل عن الغد.. وأثير الإذاعة يجر البلاد إلى «الطشت قالي»، لم يفطن إلى البحث عن أرض أخرى وقوم آخرين ربما سيدوه عليهم وعاد بعد اكتمال حلمه،.
كتب عم أيوب دواوينه بخط يده وتركها ربما يأت بعده من يطبعها وينشرها ويعطي هذا الزجال العظيم حقه. لكن هذا لم يحدث حتى الآن رغم أن الأجيال تتناقل سيرته وأبياته متباهين أن هذا الرجل مرا يوما من هنا وترك أثرا يقتفى وتجربة تتحمل الأخذ منها على قدر المستطاع.. ولا أنسى نصيحته لي في آخر أيامه حينما كتبت بعض الأبيات وجلست أتلوها عليه وهو منصت يومئ برأسه ويقول يظهر إن عرق الإبداع في العيلة جاي من الأخوال ثم تابع: «أنت مبتلى بالحرف فصفي ذهنك له.. واصنع منه فكرة لا سيفا.. ليس عيبا أن تنسحب مؤقتا من معركة حفاظا عليه وهذا مالم أفعله أنا لكني تعلمت الدرس.. الموهبة هبة من الله لك فلا تبيعها ولا تعطيها لمن لا يستحق.. تذكر جيدا أني كنت هنا قبلك فأذكرني.. ونصيحتي لك الكتاب أهم من الولد.. فلا تغادر الحياة دون أن تترك اسمك على كتاب.. وللحديث بقية.