فى اللحظة التى اقتربت من نفس عمره حين غادر الحياة، قبل ذكرى رحيله بأيام فى 25 يونيه الماضى، وقعت لقطات «يوتيوب» له مصادفة! شَعُرت بروحه تَغمُرنى! سألنى: هل تذكرينى؟! قلت: نعم، لكن...؟! رد بثقة: الحقيقة لا تأتى لأحد، إذا أردت معرفتها، فاذهبى إليها بنفسك!.
كنت نسيت أيامى الحلوة، انغمست بكل طاقتى فى دراسة فنون الترجمة، التى أحببتها وأحببت كل أساتذتى! ابتعدت بكتبى وأقلامى وأحلامى! غرقت فى القراءة، البحث عن سبب للوجود! ربما لأن رتابة الحياة التى تغيب عنها الدهشة أو عجزى عن إبادة قوى الشر فى هذا العالم يقتلنى!.
بدت الرحلة معقدة جدًا، لكن سرعان ما تبددت الغيوم، وسطعت الشمس!.
لم يكن الوصول إليها صعبا! إننا نملك فى الجزء النقى من ذواتنا بوصلة إلهية، تقودنا إلى الحقيقة، فإذا أردنا ملامستها، علينا أن نتبع الطريق الشائك إليها!.
هو موهبة خارقة! يغنى ويرقص كأنه يتنفس! أحبَّ الأطفال؛ لأنه حُرِم من طفولته! ساعد المرضى والفقراء فى كل العالم! تجاوزت موسيقاه فوارق الأجيال، وحدت بين كل الثقافات! صنع نجاحه الأسطورى فى وقت بلا عولمة مثل الآن! لا يوجد شخص قروى أو يعيش فى غابات الأمازون لا يعرفه! كسب قلوب منافسيه قبل معجبيه!.
يقول فى كتابه «حلم الرقص»: (إن «الخلق» هو الطريقة التى يعبر بها الوعى الإنسانى عن نفسه! إن العالم الذى نعيشه هو «رقصة الخالق»! أكاد أبصر فى طُرْفة العين حركة الراقصين! حين أرقص أشعر بشىء مقدس يلامسنى! فتحلق روحى، تتوحد مع كل ما فى الكون! أصبح القمر والنجوم، العاشق والمعشوق، المُنتصر والمهزوم، السَّيد والمُستعبَد، المُنشِد والأغنية، العالِم والمَعْلوم! أصيرُ جزءًا من «رقصة الخلق الأبدية»! التى يلتحم فيها الخالق بالمخلوق، فتتولد بداخلى الفرحة الغامرة!).
سألته «أوبرا»: (لماذا تمسك بأعضائك الخاصة أثناء الرقص؟!) رد ضاحكًا: (يحدث ذلك بشكل عفوى! أنا عَبْد الإيقاع! تدفعنى الموسيقى لأداء كل حركة دون إرادة منى! أترجمها إلى إحساس ومشاعر! فهدف كل الفنون هو الوحدة بين المادى والروحى، الإنسانى والربانى!).
تعرض لقسوة فظيعة فى صغره ومراهقته من والده! سببت له التعاسة طيلة حياته! دمرا «البهاق» و«الذئبة الحمراء» صبغة بشرته الغامقة، فلجأ إلى «المكياج» ثم اضطر إلى توحيد لونها للأبيض! أجرى عمليتين فى أنفه بعد كسره أثناء رقصة معقدة! اندلعت النيران فى شعره أثناء تصويره إعلان «بيبسى»، أحدثت حروقًا من الدرجة الثانية، فاعتاد المسكنات؛ لتخفيف آلام الجراحة التكميلية الرهيبة بفروة رأسه!.
ادَّعت عائلة تحرشه بولدها عام 1993، فخضع لمعاينات مهينة، هى تكرار مشاهدة وتصوير تفاصيل جسده كاملة من شرطة «لوس أنجلوس»! فدفع ملايين ليَلفُظ هذا الكابوس المفزع!.
ادَّعت أسرة أخرى عام 2003 أنه تحرش بولدها المصاب بالسرطان، الذى تكفل بعلاجه حتى شفى تمامًا! فاعتقل بأصفاد حديدية، سببت أوجاع شنيعة فى يديه وظهره لفترة! ثم فتش 60 جنديا فيدراليا مزرعته بمنتهى الوحشية!.
قرر إثبات براءته للعالم، أو السجن عشرين عامًا! فكشف دفاعه أن العائلة التى اتهمته، لها تاريخ قديم فى الاحتيال! صرف الأم من حسابه مبالغ طائلة! كما اعترفت الأم التى اتهمته بالتحرش بولدها عام 1993 أنها بسببه طلقت من زوجها، لم تر ابنها لمدة 10 سنوات؛ لسفره للخارج؛ ليتجنب الشهادة ضده.
أعلن القاضى براءته الناصعة عام 2005، فسافر «البحرين»؛ لشعوره بعدم الأمان! قرأ فيها كتب عن الإسلام، مهداه من شقيقه المسلم، سمع «الآذان»، سماه «نداء السماء»!.
قال فى خُطْبة شهيرة: (هم يتلاعبون بكتب التاريخ! كل أشكال الموسيقى والرقصات الحديثة من إبداع السُّود! فى لحظة تصدٌّر ألبومى الأكثر مبيعًا فى موسوعة «جينيس»، ادَّعوا أنى غريب الأطوار، شاذ جنسيًا، متحرش بالأطفال، غيَّرت لونى، أفرطت فى تناول المخدرات! هم كاذبون).
وُثِّقت بروفات 50 عرضا، كان يستعد لتقديمها فى لندن عام 2009، بيعت تذاكرها بالكامل! فى فيلم «إنه الحفل الأخير»! لنرى روحًا مبهرة! لكنه رحل قبل من انطلاقها! حين وضع حياته بين يدى دكتور «موراى»؛ ليعالجه من الأرق، فتوقف قلبه بعد جرعة زائدة من مخدر بالغ الخطورة!.
المدهش بعد رحيله أنه حُكِم على الطبيب بالسجن، ثم أفرج عنه، عاد لممارسة الطب؟! اعترف الطفل الذى اتهمه بالتحرش عام 1993 أنه كذب؛ ليجنى والداه المال! انتحر أبو الطفل فى بيته بعد 5 أشهر! نشر مكتب التحقيقات الفيدرالى مستندات براءته كاملة! صرح شخص ما على «يوتيوب» بأنه عميل سرى بوزارة الدفاع الأمريكية، تورط فى عمليات تهدف التحكم بالأمريكان من أصل أفريقى من خلال الموسيقى، أذاع مكالمة مسجلة له قبل وفاته بيوم، يتكلم فيها أسى مُوجِع عن محاولة اغتياله!.
قال شقيقه «جيرمين»: (كل الاتهامات الوقحة التى لاحقته مؤامرة من الحكومة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالى، الذى فتح قضيته 17 عامًا، بلا دليل يدينه! ثم روج لها الإعلام؛ بهدف كسر عزته وكرامته، والقضاء عليه! لكن قلبه البرىء هو ما حرَّره من قبضتهم!).
كانت أغنيته «لقد رحلت مبكرًا جدًا» الرثاء الأروع فى مراسم جنازته التاريخية! إنه «مايكل جاكسون» ملك «البوب» وصانع الفرحة والدهشة الذى لم يتكرر!.