رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيد جديد.. تعالوا نعش معه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كل عام وأنتم بخير، عيد جديد نتمنى أن يكون سعيدًا على الجميع وفي القلب منهم البسطاء المشتاقون للفرح، عيد جديد للتكافل الاجتماعي والتواصل الإنساني بين الأهل والأسرة العائلة التي أصبحت لدى البعض مجرد ذكرى تقفز في الأعياد لإحياء التواصل، عيد جديد لنتبادل التهاني بين الجيران والأصدقاء وزملاء العمل دون حاجز من اسم الديانة مسلم مسيحي الكل يهنئ الكل بعيد جديد وأمنيات قادمة.

فرحة الساحات في الساعات الأولى أول أيام العيد تشير إلى كم هي حاجة الناس للفرحة، تكبيرات وتهليلات وأطفال صغار بملابس ملونة، السعادة النادرة في هذا الزمن جعلتنا نتربص بلحظة مناسبة لنمسك فيها ونحتفل، يحدث هذا في بلادنا ومنطقتنا العربية، فرحة يوم أو يومين في العام وتبقى سحابة القلق والشقاء مسيطرة على الرؤوس طوال العام، حتى في لحظة الاندماج الكامل في تفاصيل العيد يباغتك هم الأيام القادمة وبصعوبة تتخلص منه.

فما الذي حدث لنا لكي نقول بعد كل ضحكة مجلجلة صافية "اللهم اجعله خير"، هل صار الحزن هو الثابت وصار الفرح هو المتغير قليل الحدوث؟ تلك الحالة لا أجد لها تفسيرًا مقنعًا إلا بأننا صرنا نستعذب الألم، نغوص فيه بكل جوارحنا ونعتبر أن الأعياد والبهجة مجرد عارض استثنائي.

نعم أعرف أن أكل العيش مرهق للغاية، وأن الحرب اليومية التي نخوضها من أجل الستر تستنزف الروح والبدن، ولكن بالرغم من هذه المعرفة من المهم أيضًا أن نعرف أن صناعة الفرحة هي ثقافة غائبة عن منطقتنا رغم بساطة أدواتها، فقد نشأنا على سجادة الحزن وأقنعنا أنفسنا بأن البهجة لها ناسها وهم بالطبع غيرنا، فتصير ابتسامتهم حق بينما شقائنا نحن واجب.

عيد جديد وفرصة للتأمل وبحث عن التواصل وصناعة الفرحة، فالعيد ليس مجرد مائدة بها لحوم أو مكالمة تليفون للتهنئة وقضاء الواجب، العيد انغماس كامل ليصبح الكل في واحد فتكون الفرحة أصيلة والسعادة لها أسباب مقنعة، فأخطر ما يمكن أن يواجهه الفرد هو اصطناع السعادة والبسمة الكاذبة.

هذه دعوة صادقة لنرمي كل التزاماتنا خلف ظهرنا ونندفع بكل ما أوتينا من قوة نحو الدوائر الصغيرة المحيطة بنا نأخذ منها ونعطيها، فالأمر بسيط ولن نخسر أكثر مما خسرناه، عيد جديد نريده فرحة متواصلة وسعادة دائمة وسلوك إيجابي قادر على ترميم الأرواح التي تشققت جدرانها مع الزمن، هذا قرار فردي يستطيع كل واحد منا أن يتخذه ولنترك نتائج التجربة لتعلن عن نفسها على مهل.

منذ غياب المضيفة والمجلس والمندرة وغرفة الضيوف في بيوتنا القديمة تكسر الطرق تعذبنا بالغياب، ندفع الثمن كما سيدفعه أبنائنا من الأجيال القادمة، فليس صحيحًا أنه بالتليفون التاتش يحيا الإنسان، ولكن يحيا الإنسان بالمصالحة مع روحه وانفتاحه على الآخرين، ربما فقدت الأعياد بريقها عندما انطفأت أرواحنا لأسباب كثيرة ومتشابكة، وبالرغم من ذلك فإن طريق العودة ليس مستحيلًا، كل عام وكلنا بخير.. وليكن العيد جديد فرصة لبدايات جديدة وتشابك اجتماعي أعمق وتواصل صادق وبهجة دائمة.