من يتصور أن «الدنيا ربيع والجو بديع» فهو مُخطئ، ومن لا يرى معاناة الناس من ارتفاع الأسعار فهو بالتأكيد لا يعيش بيننا، ومن لا يعترف بالفشل الحكومى الذريع فى الرقابة على الأسواق فهو ضميره ميت، ومن يُنكِر حجم التحديات الاقتصادية فهو يُجمِل وجه الحكومة وفى المُقابل: مُن يرى الصورة فى مصر سوداء وقاتمة فهو مُجِحِف، ومن ينظُر بعين واحدة لما يحدث فى مصر فهو ظالم فى تقييمه للأمُور، ومن يَحْكُم على الخمس سنوات الماضية ويُردد المقولة الشهيرة لسعد زغلول «مفيش فايدة» فهو «أعمى» وغير مُحايد فى حُكمِه، ومن لا يرى فى مصر إلا السلبيات ونصف الكوب الفارغ فهو غير أمين وعليه خلِع النظارة السوداء التى يرتديها.
إذن ما المطلوب؟ المطلوب أن نكون مُحايدين فى تقييمنا لأوضاع بلدنا، مؤمنين بأننا نمر بفترة صعبة وعلينا تخطيها بسلام وبالصبر والعزيمة والتحمُل، مُدركين أن مصر لن يبنيها إلا سواعِد أبنائها المُخلصين الذين على استعداد للفداء والتضحية مِن أجلها، واضِعين نُصِب أعيُننا مصلحتها وأمنِها واستقرارها ونتصدى لكل محاولات للنيل منها.
ولماذا هذا المُقارنة؟ لأنه فى الفترة الماضية شاهدت بعض الشخصيات السياسية وبعض المُثقفين وهُم من يُطلق عليهم (النُخبة فى مصر) يُرددون «لُغَة الإخوان» ويُطلقون نفس «شعارات الإخوان» ويتناسون ماحدث فى مصر طيلة السنوات القليلة الماضية بسبب إرهاب وخيانة وأطماع ومُخططات الإخوان، هُم فقط أصبحوا مِثل (الببغاوات) كل هدفُهم العمل على إعادة جماعة الإخوان الإرهابية للمشهد السياسى بأى طريقة، حتى لو خسِر هؤلاء المُحسوبون على النخبة تاريخهم، المُهم عِنِدهم إرضاء الإخوان والسير على نفس طريقهم ونسيان ما فعلوه بمصر وما ارتكبوه من إرهاب
خلال الفترة الأخيرة، فقد الحياد عدد كبير من السياسيين والمُثقفين والكُتَّاب، وظهر بعضهم على حقيقته، بعضهم محسوب على التيار الناصرى ويُطلِق مبادرة كُل هدفها نيل رضا جماعة الإخوان ومُغازلتها والنيل من الدولة المصرية، والبعض الآخر يَخْرُج علينا بتصريحات غريبة وعجيبة يهدِم فيها ثورة ٣٠ يونيو ولا يعترف بها لِصالِح ٢٥ يناير، وآخر يكتُب كلامًا فارغًا للهجوم على القوات المسلحة ويمدح فى الإخوان، وآخر يصُب لعناته على الدولة عبِر قنوات الإخوان بالخارج نِكاية فى النظام الحاكم، ودكتور جامعة مُتخصص فى العلوم السياسية معروف عنه ابتزازه لكل أنظمة الحُكم لعدم توليه عِمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يُشهِر بمصر وجيشها وشرطتها وقضائها ورئيسها ومشروعاتها القومية مُقابل حفنة دولارات من قنوات خارجية، ورجل أعمال قام بتمويل شباب ٦ إبريل مُنذ ٢٠٠٨ وخصص لهم مقرات يَخْرُج علينا ليلًا ونهارًا عبر «تويتر» لسب ولعن كل شيء فى مصر.
إيه الحكاية؟ الحكاية أن هُناك بعض المُثقفين لم يحصلوا على شيء بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وأرادوا ابتزاز الدولة، فلم يستجب لهم أحد، أرادوا المناصِب فلم يحصلوا عليها، ولأنهم اعتادوا على الابتزاز مُنذ سنوات طويلة، فُهم لا يستطيعون العيش بدون الابتزاز، رغم أنهم نكسجية ونكبجية ومعروف عنهم أنهم أصحاب الحناجِر فقط، لم نرهُم يومًا أصحاب أفعال، هُم أقوال فقط، لم يُضبطوا يومًا بالدفاع عن الدولة، لا يرضيهُم نصر أكتوبر العظيم، وسلام الرئيس السادات مع إسرائيل فتح شهيتهم للهجوم عليه، وظلوا طول عصر مبارك رافعين شعار (هاجم أكثر تحصل على امتيازات أكثر)، تاجروا بجمال عبدالناصر، تكسبوا من وراء ناصريتهم، مرة يتحالفون مع حزب الوفد ضد الإخوان، ومرة أخرى يتحالفون مع حزب العمل والإخوان ضد الدولة، ومرة أخرى يعودون للبكاء من غدر الإخوان ويعترفون بأخطائهم، ليعودوا مرة أخرى للتحالف مع الإخوان نكاية فى الدولة
شاهدت برنامجًا تليفزيونيًا لأحد كبار الكٰتاب المعروف عنه انتماؤه للتيار الناصرى وقال نصًا: لابد أن تلجأ مصر للتحالف مع إيران، فظللت مُندهشًا وأضرب كفًا بكف، وأقول لمن حولى من الأصدقاء (لا حول ولا قوة إلا بالله، إن هذا الكاتب الناصرى لم يقرأ نصوص تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى قضايا الإرهاب المتورط فيها شباب وقيادات الإخوان ولم يعرِف أن بعض هذه القضايا كشفت عن وجود مخططات إيرانية مع الإخوان وكشفت عن أن فكرة تفجير خط الغاز فى سيناء هو فكرة إيرانية ومن علم الإخوان وتنظيماتهم تفجير خط الغاز هو مهندس إيرانى، وقامت الدولة المصرية بعد ٣٠ يونيو بطرد القائم بأعمال مكتب إيران فى القاهرة، وهناك قضيتان هامتان متورط فيهما عدد من قيادات الإخوان مع إيران، وأن بعض الصحف الممولة من إيران فى عدد من الدول تُعادى مصر وثورتها فكيف يدعو هذا الكاتب السلطات المصرية لوضع يدها فى يد إيران؟).
كلهم هكذا، لا يقرأون، ولا يعتبرون مصلحة مصر فوق أى اعتبار آخر، يريدون الظهور الإعلامى فى القنوات الأجنبية، لا يتحدثون عن تضحيات الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب، يُغمضون أعيُنهم عن المخاطر التى تهدد مصر، لا يهتمون بما يتم إنجازه، بل إن مُثقف كبير خرج وقال: أُطالب الرئيس بالتوقف عن إقامة العاصمة الإدارية وتوفير الأموال للغلابة، لكن «السيسى» رد فى مؤتمر الشباب وقال: الدولة لم تتحمل أى أموال فى العاصمة الإدارية.
الحقيقة المؤكدة: هؤلاء النفر من المثقفين لديهم عُقدة من انحسار الأضواء عنهم، لذلك أقول لهم «استقيموا يرحمكم الله».