الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نصائح عبدالعال الباقوري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أكثر من ٢٣ عامًا قررت لظروف طارئة أن أسافر للعمل خارج مصر، فقد جاءنى تعاقد للعمل فى صحيفة «البيان» الإماراتية، وفى هذا الوقت كان يرى من حولى أننى فى وضع مهنى مميز، ووضعى المالى جيد قياسا على العمل فى «الأهالي»، التى كان يترأس تحريرها فى هذا الوقت الأستاذ المرحوم عبدالعال الباقوري، ووقتها كنت أعمل فى أكثر من مكتب لصحف عربية.
وسألنى الأستاذ عبدالعال، لماذا تسافر فى هذا الوقت، فوضعك جيد ومستقر ماليا، كما أن الأفق يشير إلى أن مصر مقبلة على مرحلة إعلامية جديدة، مع دخول عالم الفضائيات، فمن الممكن أن تجد لك مكانا فى هذا الزخم المتوقع، والذى كان لم يبدأ بعد، وزاد وقال: التوقعات تشير إلى أن مصر ستدخل عالم القطاع الخاص الصحفى والإعلامي.
رددت عليه: الظرف طارئ، ومنزلى سرق، وتم تجريده من كل شىء، فاللصوص كانوا قد سطوا على بيتى الخاص الجديد، وظلوا يسرقونه على مدى ١٠ أيام، طيلة فترة «أجازة المصيف»، وذلك فى عام ١٩٩٥ أو ١٩٩٦، ولم يتركوا شيئا ذا قيمة إلا وسرقوه، وأصبح وضعى صعبا، ولا مفر من السفر، حيث جاء عرض جريدة «البيان»، مصادفة ومواكبًا لهذا الحادث، وبترشيح من أصدقاء بينهم الأستاذان محمد الشبه، وأحمد عبدالتواب، مع صديقهما المشترك الأستاذ حسين أنور رئيس قسم الاقتصاد بـ«البيان» وقتها.
وبعد جدل ومناقشة نصحنى المرحوم الأستاذ عبدالعال، فى حضور المرحوم الأستاذ لطفى واكد رئيس مجلس إدارة «الأهالى» فى هذا الوقت، أن أضع هدفا محددا فى السفر، وهو ادخار ١٠٠ ألف جنيه أعيد بها ما ضاع وإعادة تأسيس بيتى المسروق، وأعود على الفور، ووقتها وافق هو والأستاذ لطفى واكد على إجازة دون راتب لمدة عام قابلة للتجديد لعام آخر، وقال: لا تتأخر عن «قطار الصحافة» الذى يلوح فى الأفق.
وكان فى هذا الوقت الأستاذ عبدالعال عائدا لتوه من الإمارات بعد ١٢ عاما عمل خلالها فى جريدة «الاتحاد» الظبيانية، التى التحقت للعمل بها لاحقا فى سنوات الغربة ومكثت فيها ١٧ عاما، وزاد الباقورى من نصائحه، قائلًا، لا تكرر تجربتى فى طول السفر، فقد فاتنى القطار فى كثير من الفرص فى بلاط الصحافة المصرية، و«الأهالى» صاحبة فضل علىّ فى منحى منصب رئيس تحرير، لم أنله فى مؤسستى الأم «دار التحرير» «الجمهورية».
وسافرت إلى الإمارات، ولكن كانت هى الرمال المتحركة سمة الغربة والالتزامات تزيد، مع اصطحاب العائلة، ومرت السنون، وفى كل مرة نلتقى وأستاذنا الباقوري، يسألنى: ما القرار، أرد: الأولاد فى التعليم، والالتزمات تزيد، وكانت الدنيا قد تغيرت فى مصر، وأصبح العمل فى بعض المؤسسات أفضل من أى سفر أو اغتراب، ولكنه النصيب، ووجود كل فرد ضمن «شلة»، أو قربة أصحاب الحظوة.
وفى سنة ما قررت العودة وتحديدا فى ٢٠٠٤، وطلبت النصيحة من المرحوم الصديق عبدالعال الباقوري، والأستاذ الصديق رياض سيف النصر، والذى كان يتولى مدير تحرير «الأهالى» وقتها، فكان رد «الباقوري»: القطار فات وخرج من المحطة، وركب من ركب، وما زال هناك العشرات بل المئات، يحاولون اللحاق به، ربما يجدون مكانا، ودورك قد يأتى بعد هؤلاء، فكف عن قرار العودة.. والذى اتخذته بعد ١١ عامًا أخرى.
رحمك الله يا صديقى وأستاذى عبدالعال الباقوري، فلم أسمع بآخر نصائحك وهى «الصحفيون لا يمكن أن يكونوا مستثمرين ناجحين، حتى فى مهنتهم» وهذه قصة أخرى ربما يأتى وقت وأرويها.