اعذروني إن أجبرتكم على قراءة حواديت من زمن مضى، فلم نصنع حواديت جديدة في هذا الزمن لنحكيها، منذ سنوات وجميعنا يجلس أمام شاشة الزمان ينتظر عودة إرسال الحياة لكن ذلك لم يحدث، فأنا مشغول عن أبنائي وأصدقائي وحبيبتي بالركد خلف لقمة العيش، وأبنائي انشغلوا عني بأفلام الكرتون، وحبيبتي تركتني وباتت تطارد الباعة على النواصي لتعرف أيهم يبيع «الطماطم» بسعر أقل، لذا لم يبقى أمامي سوى أن أستعيد ضحكات مضت وأرغرغ بها حلقي لعل ما أنا فيه يكون غصة وتزول.. وإليكم الحدوتة الـ«4».. «أبو رجل مسلوخة أكل الوزة».
«كتب عنه الكثير ففي كل قرية له شخصية وفي كل بلد له حكاية.. لأنه.. ليست له جنسية ولا لغة محددة.. ولا يعرف أحدا هيئته.. لكن كل ما استطعت أن أتوصل إيه بعدما قرأت كل الحكايات.. أنه ذلك الذي يرتعد من يقظة النائم وصحوة العقل.. كان له أدواته ليسيطر على قريتنا، ومن هذه الأدوات الرجل الطيب «عم موافي»، فلا تكرهوا «عم موافي» ولكن أشفقوا عليه.. ولا تنسوا أنكم من أهل القرية وكنتم دوما جزءا من الحكاية»
خطفني النوم إلى مشهد أجلس فيه أمام شيخ الكتاب وأنا أتهته فيضربني «بالزخمة»، فبكيت وارتجفت، هزتني جدتي وهي تقول مالك؟، قلت لها أسمع خربشة «قط» في الخارج، أخشى أن يكون «أبو رجل مسلوخة» الذي يأكل الأطفال، قامت من نومتها وجلست وضمتني إلى صدرها، وقالت لي: «أبو رجل مسلوخة.. إيه بس؟ ده كانوا بيضحكوا علينا.. وإحنا بنضحك عليكم عشان تخافوا وما تخرجوش الشارع بالليل، أنا هقولك الحكاية عشان ما تخافش لكن ما تقلهاش لحد».
ذات يوم كان عمك «موافي» رحمة الله عليه، يسقي الأرض ليلا، وكانت حواديت العفاريت قد انتشرت بين الناس، حتى صدقناها جميعا، وآمنا أن بعض الحمير ربما تكون من الجن، أو أنها كانت بني آدميين وحينما غضب الله عليهم سخطهم لحمير، وهكذا بعض القطط، والكلاب، رأى عمك «موافي» أنه أثناء «فتحه السد» لخرير الماء، خيال رجل طويل يقف أمامه، لم يستطع بنظره الوصول إلى وجهه، لكن صاحبنا كشف عن إحدى رجليه فرآها عمك «موافي» مسلوخة، فترك الفأس وأخذ يبكي ويجري لا يلتفت ورائه.. والخوف يا ولدي يجعل الحمار أسرع من الحصان، وصل عمك «موافي» إلى داره.. يلهث فاستعجبت زوجته، وفزعت من سعاله وتفله المستمر، فأخذت تسأله وتلح عليه.. ولما تماسكت أوصاله حكى لها عما رآه، وحتى لا يفقد هيبته أمامها، أخبرها أنه دفع «أبو رجل مسلوخة» بقوة في صدره، فطار لأبعد من مترين ثم سقط على الأرض، ونهض وجرى من أمامه، لكنه خشى أن يكون معه «عياله» فلا أحد يعرف إذا كان أبو رجل مسلوخة متزوج وله أسرة أم لا.
انتشر الخبر في القرية، وخرج عمك «موافي» في الصبح مشمرا عن ذراعيه، «بعد أن عمل لنفسه طاست الخطة سرا»، متباهيا أن «أبو رجل مسلوخة» فر من أمامه، حينها أصبح عمك موافي الفلاح البسيط حديث القرية، ولاقى هذا الأمر استحسانا في نفسه فأخذ يمر على كل جمع يجلس يحتسي معهم الشاي، ويحكي لهم عما فعله مع «أبو رجل مسلوخة» الذي يهدد القرية، ويتمادى في أن الناس ليس لها حق أن تخاف من رجل ضعيف يسير في الليل خوفا من أن يراه الناس، ويزيد بأن «أبو رجل مسلوخة» لديه حاسة شم الخوف، فإذا ما قابل أحد وشم خوفه التهمه، أما إذا شم فيه الجرأة والشجاعة ارتجفت أوصال «أبو رجل مسلوخة» وزادت دقات قلبه ومن الممكن أن يموت هو من الخوف، وزاد عمك «موافي» من النصائح وهو يصرخ ويلوح بيده في الهواء: «الجبناء يهربون من الخطر، والخطر يهرب من الشجعان.. من لم يجد في نفسه الشجاعة فليجلس في بيته»، أخذ الرجال بنصيحة عم موافي وكل في داره أحضر أولاده، وأخذ يردد على مسامعهم كلمات عن الشجاعة ورباطة الجأش وعدم الخوف حتى لو قابلهم «أبو رجل مسلوخة»، ولأنه في صخب المواكب تطمس معالم الحقيقة، ويصبح الوهم واقعا.. بات وجود «أبو رجل مسلوخة» أمرا دامغا.
بعد ليلتين اطمئن فيهما أهل القرية وخرج العيال ليلعبوا في شوارعها، كانت إحدى النساء تستحم في ضوء «اللمبة الصفيح» وخرجت تطل من «طاقة الدار» وشعرها منكوش فانعكس ظلها على جدار أمام الدار، شاهد «العيال» الخيال ففزعوا، وصرخوا.. وجروا إلى ديارهم يستغيثون بآبائهم وينادون على عم موافي البطل الذي يخافه «أبو رجل مسلوخة».
تثاقل عمك موافي في الإجابة حتى تجمع أهل القرية، وذهب الجمع إلى حيث رأى العيال «أبو رجل مسلوخة»، وخشيت «جارتنا» أن تقول أن ظلها الذي كان على الجدار فتسخر النساء منها، فخرجت لتقسم وتؤكد رواية «العيال» وأنها رأته وأخذت تدلي بأوصافه، وصدق عم موافي على كلامها، قائلا: تمام هو ده «أبو رجل مسلوخة.. نفد من إيدي ابن اللئيمة» بس أنا مش هسيبه.. حتما هدور عليه وأجيبه.. أكيد خاف لما ناديتوا وقلتوا يا عم موافي.. عشان كده لو حد فيكم شافه تاااني يتسحب بالراحة.. ويجي يقولي وما يصرخش.. ولو لقاه هيهجم عليه يقول في وشه عم موافي»، أومأ الجميع بالموافقة على تعليمات عم موافي ونام أهل القرية هذه الليلة يأكل الأرق مضاجعهم.
حتى استيقظوا على صراخ خالتك «عسلية»: «الوزة بتاعتي ضاعت.. أبو رجل مسلوخة كل الوزة»
خطفني النوم مرة أخرى من بين جدتي.. فوضعتني بجوارها.. ونامت هي الأخرى.. وأعدكم أن نكمل القصة حالما نستيقظ..
«كتب عنه الكثير ففي كل قرية له شخصية وفي كل بلد له حكاية.. لأنه.. ليست له جنسية ولا لغة محددة.. ولا يعرف أحدا هيئته.. لكن كل ما استطعت أن أتوصل إيه بعدما قرأت كل الحكايات.. أنه ذلك الذي يرتعد من يقظة النائم وصحوة العقل.. كان له أدواته ليسيطر على قريتنا، ومن هذه الأدوات الرجل الطيب «عم موافي»، فلا تكرهوا «عم موافي» ولكن أشفقوا عليه.. ولا تنسوا أنكم من أهل القرية وكنتم دوما جزءا من الحكاية»
خطفني النوم إلى مشهد أجلس فيه أمام شيخ الكتاب وأنا أتهته فيضربني «بالزخمة»، فبكيت وارتجفت، هزتني جدتي وهي تقول مالك؟، قلت لها أسمع خربشة «قط» في الخارج، أخشى أن يكون «أبو رجل مسلوخة» الذي يأكل الأطفال، قامت من نومتها وجلست وضمتني إلى صدرها، وقالت لي: «أبو رجل مسلوخة.. إيه بس؟ ده كانوا بيضحكوا علينا.. وإحنا بنضحك عليكم عشان تخافوا وما تخرجوش الشارع بالليل، أنا هقولك الحكاية عشان ما تخافش لكن ما تقلهاش لحد».
ذات يوم كان عمك «موافي» رحمة الله عليه، يسقي الأرض ليلا، وكانت حواديت العفاريت قد انتشرت بين الناس، حتى صدقناها جميعا، وآمنا أن بعض الحمير ربما تكون من الجن، أو أنها كانت بني آدميين وحينما غضب الله عليهم سخطهم لحمير، وهكذا بعض القطط، والكلاب، رأى عمك «موافي» أنه أثناء «فتحه السد» لخرير الماء، خيال رجل طويل يقف أمامه، لم يستطع بنظره الوصول إلى وجهه، لكن صاحبنا كشف عن إحدى رجليه فرآها عمك «موافي» مسلوخة، فترك الفأس وأخذ يبكي ويجري لا يلتفت ورائه.. والخوف يا ولدي يجعل الحمار أسرع من الحصان، وصل عمك «موافي» إلى داره.. يلهث فاستعجبت زوجته، وفزعت من سعاله وتفله المستمر، فأخذت تسأله وتلح عليه.. ولما تماسكت أوصاله حكى لها عما رآه، وحتى لا يفقد هيبته أمامها، أخبرها أنه دفع «أبو رجل مسلوخة» بقوة في صدره، فطار لأبعد من مترين ثم سقط على الأرض، ونهض وجرى من أمامه، لكنه خشى أن يكون معه «عياله» فلا أحد يعرف إذا كان أبو رجل مسلوخة متزوج وله أسرة أم لا.
انتشر الخبر في القرية، وخرج عمك «موافي» في الصبح مشمرا عن ذراعيه، «بعد أن عمل لنفسه طاست الخطة سرا»، متباهيا أن «أبو رجل مسلوخة» فر من أمامه، حينها أصبح عمك موافي الفلاح البسيط حديث القرية، ولاقى هذا الأمر استحسانا في نفسه فأخذ يمر على كل جمع يجلس يحتسي معهم الشاي، ويحكي لهم عما فعله مع «أبو رجل مسلوخة» الذي يهدد القرية، ويتمادى في أن الناس ليس لها حق أن تخاف من رجل ضعيف يسير في الليل خوفا من أن يراه الناس، ويزيد بأن «أبو رجل مسلوخة» لديه حاسة شم الخوف، فإذا ما قابل أحد وشم خوفه التهمه، أما إذا شم فيه الجرأة والشجاعة ارتجفت أوصال «أبو رجل مسلوخة» وزادت دقات قلبه ومن الممكن أن يموت هو من الخوف، وزاد عمك «موافي» من النصائح وهو يصرخ ويلوح بيده في الهواء: «الجبناء يهربون من الخطر، والخطر يهرب من الشجعان.. من لم يجد في نفسه الشجاعة فليجلس في بيته»، أخذ الرجال بنصيحة عم موافي وكل في داره أحضر أولاده، وأخذ يردد على مسامعهم كلمات عن الشجاعة ورباطة الجأش وعدم الخوف حتى لو قابلهم «أبو رجل مسلوخة»، ولأنه في صخب المواكب تطمس معالم الحقيقة، ويصبح الوهم واقعا.. بات وجود «أبو رجل مسلوخة» أمرا دامغا.
بعد ليلتين اطمئن فيهما أهل القرية وخرج العيال ليلعبوا في شوارعها، كانت إحدى النساء تستحم في ضوء «اللمبة الصفيح» وخرجت تطل من «طاقة الدار» وشعرها منكوش فانعكس ظلها على جدار أمام الدار، شاهد «العيال» الخيال ففزعوا، وصرخوا.. وجروا إلى ديارهم يستغيثون بآبائهم وينادون على عم موافي البطل الذي يخافه «أبو رجل مسلوخة».
تثاقل عمك موافي في الإجابة حتى تجمع أهل القرية، وذهب الجمع إلى حيث رأى العيال «أبو رجل مسلوخة»، وخشيت «جارتنا» أن تقول أن ظلها الذي كان على الجدار فتسخر النساء منها، فخرجت لتقسم وتؤكد رواية «العيال» وأنها رأته وأخذت تدلي بأوصافه، وصدق عم موافي على كلامها، قائلا: تمام هو ده «أبو رجل مسلوخة.. نفد من إيدي ابن اللئيمة» بس أنا مش هسيبه.. حتما هدور عليه وأجيبه.. أكيد خاف لما ناديتوا وقلتوا يا عم موافي.. عشان كده لو حد فيكم شافه تاااني يتسحب بالراحة.. ويجي يقولي وما يصرخش.. ولو لقاه هيهجم عليه يقول في وشه عم موافي»، أومأ الجميع بالموافقة على تعليمات عم موافي ونام أهل القرية هذه الليلة يأكل الأرق مضاجعهم.
حتى استيقظوا على صراخ خالتك «عسلية»: «الوزة بتاعتي ضاعت.. أبو رجل مسلوخة كل الوزة»
خطفني النوم مرة أخرى من بين جدتي.. فوضعتني بجوارها.. ونامت هي الأخرى.. وأعدكم أن نكمل القصة حالما نستيقظ..