حركة الإخوان المسلمون لها علاقة بالعنف؛ ليس فقط على مستوى الفكرة التي أسس لها مرشدها الأول حسن البنا في نهاية العشرينيات من القرن الماضي، وإنما على مستوى «التنظيم» أيضًا، فمؤسسها الأول وضع نواة النظام الخاص أو ذراعها العسكرية عندما اشتد عود «التنظيم» بعد عشر سنوات من نشأة «الجماعة»، وتحديدًا في العام 1939 بقيادة عبدالرحمن السندي.
ووضع البرامج التربوية لهؤلاء المقاتلين وبثّها عبر عشرات الرسائل والمقولات التي ما زالت تحتل عقول «الجماعة» وتدعو إلى استخدام القوة عندما لا يجدي غيرها! وضع المؤسس الأول برامج تربوية للذراع العسكرية والمنتمين إليها وعَنْوَن ذلك بقوله: «رسالتي إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين» فعمّمها غيره من المرشدين الذين أتوا بعده على كل عموم «صف الإخوان»، وضربوا بعرض الحائط كلامه في نهاية رسالته «أما بقية الإخوان فلهم دروس أخرى ومحاضرات تناسبهم» فتمّ عسكرة التنظيم.
وُلدت فكرة العنف على يد المؤسس الأول حسن البنا، فهو مَن أنشأ النظام الخاص ومات دون أن يأخذ قرارًا بحله، ونجح في تغذية عقول أتباعه بالأفكار التي تدعوهم لاستخدام العنف بمسميات، منها «القوة» و«الجهاد»، حتى إنه جعل شعار «الجماعة» «والموت في سبيل الله أسمى أمانينا»، ووضع سيفين متقاطعين شعارًا للجماعة، بينهما كتاب الله، معتقدًا أن هذا يدعوه لذاك، وكأنه يرى ضرورة شرعية في هذا العنف وهدفًا ترجمه في رؤى «التنظيم» ولذلك فشِل لاحقوه في تحييد «الجماعة» أو «الفكرة» بعدما عسكرهما.
لم تمت فكرة العنف التي وضع بذور فكرتها حسن البنا ونثرها عبر رسائله، وبخاصة رسالة المؤتمر الخامس الذي أقر فيه استخدام العنف ولكن بحدود، «الجماعة» لم تخاصم العنف يومًا ما ولكنها كانت ترى وقته، ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي جرى ظرفه حديثًا عندما دشنت الجماعة حركتي «سواعد مصر.. حسم» و «لواء الثورة»، فأنشأ د. محمد كمال، الرئيس السابق للجنة الإدارية العليا للجماعة، والتي كانت تتولى شئون «التنظيم» في الداخل بعد هروب أغلب قيادات «الجماعة» وحبس باقي القيادات على ذمة قضايا متهمين فيها، نفس الرجل كان عضوًا لمكتب الإرشاد، ولذلك من الخطأ أن نقول إن هذه الميلشيات تابعة للجماعة؛ لأنها في حقيقة الأمر معبرة عن «الجماعة» وأفكارها، كما أنها نبتة شرعية للتنظيم.
قرار نشأة الخلايا المسلحة التابعة للجماعة حديثًا لم يكن عفويًّا وإنما تم بقرار من ذي صفة، رئيس اللجنة الإدارية العليا وعضو مكتب الإرشاد، وكان بموافقة كل المكاتب الإدارية للجماعة، بما يعني موافقة العقل الجمعي لأفراد الجماعة، وهو ما يؤكد رسوخ فكرة العنف التي زرعتها رسائل حسن البنا ومَن تبعه من القيادات التي كانت تضع المناهج التربوية فيما بعد.
حركة حسم ترجمة فعلية لأفكار «الإخوان» ومؤسسهم الأول حسن البنا، لا يمكن حصرها في إطار التحولات السياسية التي مرت بها البلاد أو ما تعرضت له «الجماعة»، فهذه الحركة مع مثيلاتها هي إعادة إنتاج للنظام الخاص، فضلًا على أن أفكار «البنا» تجد مسارها نحو التطبيق والترجمة عبر هذه الحركات المسلحة.
لم يكن لجماعة أن تصف نفسها بأنها جماعة «دعوية» بينما هي تستخدم العنف وتمارسه دون رادع أو وازع، وترى أنّ ممارستها للعنف رد فعل؛ فطالما وجد الفعل «العنف» فحتمًا هي جماعة عنيفة بغضّ النظر إذا كان ممارستها للعنف جاء متأصلًا كما فعل النظام الخاص أو جاء كردّ فعل، كما تتغنى الجماعة في أدبياتها بخصوص ما حدث مع حركة حسم، فإذا وجد الفعل فلا أثر كبيرًا للفعل.
تنتشر عشرات الخلايا المسلحة للإخوان في الداخل والخارج، بعضها يستخدم العنف المسلح مثل «حسم» وبعض الحركات الأخرى في الداخل أيضًا، والبعض الآخر يحمل الأفكار على كتفه لمن يهوى خارج القُطر المصري، فمِن تحت عمامة الجماعة خرج تنظيم قاعدة الجهاد وتنظيم ما يُسمى الدولة الإسلامية «داعش»، وكل التنظيمات المتطرفة، فهي غطاء داعم لكل الأفكار المتطرفة بلا استثناء.