الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أرض بلا خريطة... وخريطة بلا أرض!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عادت مرة أخرى الأدبيات السياسية المستهلكة للظهور على أرض الواقع ويتردد على الأسماع اصطلاح «الشرق الأوسط الجديد» واصطلاح «خارطة الطريق» وذريعة الاستخدام الكيماوى وهى ذريعة الذئب فى الفتك بالحمل.
عاد القالب القديم لشكل العدوان على المنطقة منها ما هو ثلاثى أو رباعى والغرض أولًا وأخيرًا التفكير الجدى فى تفكيك العالم العربى فى إعادة سايكس بيكو الجديدة، ونقل نظام الأبرتهايد من جنوب أفريقيا ليصبح (أبرتهايد الصهيوني) ضد العالم العربى فهم يريدون أن تصبح أرضنا بلا خريطة مباحة لإسرائيل فهى دولة ليست لها حدود ووضع خريطة بلا أرض، فهذه الخريطة تعتمد على تفتيت الدول وإلغاء حدودها المقدسة وتتحول الدول العربية إلى ولايات عربية أو إمارات صغيرة بلا تاريخ وبلا جغرافيا، لكن فشل الضربة الثلاثية تعنى الكثير أرادوها قمة الذل والخضوع والمهانة والخنوع والتنازلات لكن الإرادة العربية أثبتت أن شمس العروبة ستظل فى أوج توهجها وشمسها فى سطوع صور لهم الغرور أن العرب احترفوا دائمًا أمام الاختبارات الصعبة السجود والركوع.
أثبت الشارع العربى أنه رائع قوي يقلب الكوارث إلى صمود لايعرف سوى التضحيات والفدائية بعيدًا عن الصراخ والعويل وسلاح الدموع.
ترجمت القمة أنها فعلًا لأهل القمة لا حدود لأزمات المنطقة لكن سلاح الحكمة القيادية استطاعت أن توجه الرسالة أن العرب لم يرتموا فى ساحة التسويات الهشة أو أنهم تحولوا من مجرد عنصر فاعل فى تقرير مصيره إلى صاحب قرار فأصبح هذا الكيان الخامل عنصرًا فاعلًا قادرًا على مواجهة أى محاولات لتفكيك مضمون التضامن العربى وتوحيد الصف العربى وليس تنظيم عملية التنازل الممنهج التى يتمناها الجالس على كرسى الحكم فى البيت الأبيض وأعوانه وعيونه فى البيت العربى الذين يعملون تحت رايته بلا خجل أو حياء، وأن ما حدث تحديدًا تعرف أى مسئولية تاريخية تقع على عاتقها لذلك لم يصل حجم التراخى والتخاذل الحد الذى يشكل صدمة للرأى العام العربى الذى أصبح من العناصر النشطة فى المعادلة السياسية، ومازلت نذكر المبادرات الرخوة التى تهاونت فى حقوق الأمة وقضيتها الأولى فلسطين، والتى وصلت إلى درجة جعلت العالم العربى وتحديدًا دولة القناة التى أعلنت بصراحة من خلال مواقفها والحسابات السياسية أنها تعتبر إسرائيل هى الدولة الشقيقة، أما سوريا فهى العدو التاريخى لها لدرجة أن كل الضربات الأخيرة انطلقت من قواعدها دون أن ترتدى (برقع الحياء).
ومهما كان حجم الخطأ فى قرار طرد الدولة من مقعدها فى الجامعة العربية وتسليمها لمجموعات المفاوضين فى ساحة القتال، وهذا الإجراء مولته وأشرفت على التسليح المضاد لنظام الحكم الذى وفرته قطر والتى يطلق عليها الساسة (إنها إمارة من غاز).
هذه القمة كما أملت الأمة العربية للإفراج عن الحصار على الإدارة الوطنية للشعب الفلسطينى رغم التحدى الواضح من ترامب الذى دخل البيت الأبيض «برجله الشمال» معلنًا أن عيد أمريكا هو إعلان تهويد القدس.
إن اللامبالاة الأمريكية تجاه ما تتعرض له دول عربية من تحديات مثل الأردن الصامدة أمام زلزال الحروب فى سوريا والعراق وطوفان اللاجئين وجنون الإرهاب الداعشى فإن هناك الأطماع الواضحة لإسرائيل من ضم الضفة وأطروحات أخرى مثل حلم تركيا لتأسيس جمهورية السلطان لتكون استنساخًا للخلافة العثمانية المريضة فى حياتها والمعذبة تاريخيًا فى مماتها، وهناك أطروحة أخرى وهى «الهلال الإيراني»، وهناك أيضًا خطوط حمراء أولها أنه لايوجد بديل لحل الدولتين ودعم وحدة العراق وسوريا واليمن وبذل كل الجهود فى استئصال الإرهاب وهى معركة تخوضها مصر بكل شجاعة وبسالة ليس فقط نيابة عن الأمة العربية ولكن عن العالم كله.
فقد بلغ الإرهاب المزعوم من عواصم أوروبية وعربية وغيرها إلى تحقيق نتائج سلبية سواء فى تخريب مدن أو اقتصاد دول وعشرات الألوف من اليتامى والأرامل من أبناء وزوجات الشهداء والخوف من الخطر الأكبر. إن استمرار هذا الدعم قد يؤدى إلى نشأة جيل كامل من اللاجئين والذين سيتحولون إلى قنابل موقوتة وألغام تفجر البنيان المؤسسى للعالم العربى المتصدع، وهذه نقطة مفصلية تنتظر الشعوب كلها موقفًا حاسمًا من قادته إزاء تلك المواجهات.
والاتصالات بين ترامب وقادة العرب الذى بدأها بشعور ودى لكنه انقلب مائة وثمانين درجة، فلابد على العمل فى عدم سقوط (القضية المقدسة) وهى القضية الفلسطينية ودعم الرئيس محمود عباس أبومازن الذى يتعرض موقفه للمزايدة والمناقصة والبحث عن بديل بعد أن أصبح رئيس السلطة بلا سلطة.
إن ظاهرة (الأخوة الأعداء) أو حروب الأخوة التى أساءت إلى الأمة العربية بأكثر مما أساء إليها الغزاة والطامعين، فهناك دعاوى خبيثة تقول وتردد بقوة إن أهل القمة أصبحوا يعيشون خارج إيقاع العصر وأفكارهم هى تكرار للغة التى يتحدثون بها فى بداية القرن الماضى، ولم يدخلوا أى تحديث على المفاهيم التى تحكمهم والثوابت العربية التى فقدت تاريخ الصلاحية.