الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

المواطن والدستور والببلاوي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا ينكر أحد أن مسودة دستور 2013 حملت عددًا من المواد التى تدعم الحقوق والحريات العامة للمجتمع، ودعم حقوق الإنسان، والاعتراف بضرورة التزام الدولة بحقوق الأقباط والمرأة والشباب والمعاقين والمسنين، وتجريم التعذيب، وإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز، وإلزام مجلس النواب القادم بإقرار قانون للعدالة الانتقالية، وتخصيص نسبة 4% من ميزانية الدولة للتعليم، ولكن!
الدستور نظريًا يعترف بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وسوف تصبح لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها، وتعزيز المساواة بين المرأة والرجل، ووضع تمثيل مناسب للمرأة في المجالس النيابية والوظائف العامة والهيئات القضائية، والتأكيد على أن التعذيب جريمة لن تسقط بالتقادم، وحظر التهجير القسري، والتوسع في التزام الدولة بحقوق المعاقين والمسنين، والاعتراف بحق المزارعين في تعويضهم بشكل مناسب وشراء المحاصيل منهم وفقا لأسعار السوق والحفاظ على الرقعة الزراعية، وغيرها من الحقوق المهمة التي تفتح باب الأمل في نفوس المصريين.
من الناحية العملية هناك مشكلة كبيرة في كيفية تحويل النصوص الواردة في الدستور إلى واقع مُعاش يلمسه المواطن، فالحملات الدعائية المكثفة من جانب القنوات الفضائية ووسائل الإعلام والأحزاب يتطلب معها قدر من الحيطة والحذر، فليس من المعقول أن تستمر هذه الحملات المكثفة ورفع سقف طموحات المواطن من الدستور، حتى يصحو على عجز حكومة وترهل أجهزة الدولة، ويتحمل الرئيس وحكومته الثمن.
مطلوب تعقل في دعوة المواطنين للاستفتاء، ومصارحتهم بحقائق الأمور، والتأكيد على أن المجتمع سيجنى ثمار الدستور فور توفر الإرادة السياسية والرغبة في النهوض بالمجتمع والاعتراف بحقوق المواطنين، وإنهاء إرث الاستبداد والفساد الذى تفشي في البلاد.
مطلوب ضمانات حقيقية من الدولة بأنها ستعيد للمواطن كرامته وحقوقه، وستعمل جاهدة على تعويضه عن كل الانتهاكات التي تعرض لها خلال العقود الماضية، والتأكيد على أن هناك عقدًا جديدًا قد بدأ، وأن المواطن المصري سيجد كل احترام وتقدير وتكريم في وطنه الذى حُرم منه لعقود، وأن الماضي لن يعود مرة أخرى، وأن عقارب الساعة لن تعود للوراء.
مطلوب شفافية واحترام لعقل المواطن، ووقف استخدام كلمات على نوعية "أفضل دستور"، "أهم دستور في تاريخ مصر"، وغيرها من الكلمات التي اعتاد عدد كبير من أعضاء لجنة الخمسين على استخدامها، ووصف الأمور في نطاقها الطبيعي، فالدستور المنتظر الاستفتاء عليه اجتهد أعضاء لجنة الخمسين في إعداده وصياغته، مثلما قامت اللجنة المكلفة بإعداد دستور 1971، دستور 1954، ودستور 1923، ولكن يبقى الأهم هو تحويل النصوص الدستورية إلى واقع مُعاش، وعلى مجلس النواب القادم معالجة أوجه النقص في المسودة الحالية، فالكمال لله وحده!
اللجنة تتباهى بتخصيص نسبة للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، وفقًا للمادة 19، إلا أن البرازيل تُعد من الدول التى تخصص نسبة أكبر للتعليم، حيث يتضمن الدستور البرازيلي عشر مواد مُفصلة توضح حقوق المواطن في التعليم من المادة 205 وحتى المادة 214، وتخصيص ما لا يقل عن 18% من ميزانية الدولة لتطوير التعليم، وتصل في بعض البلديات والمناطق الاتحادية إلى 25%.
اللجنة تفتخر بالمادة 11 التي تنص على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور، بينما توجد هذه فى الدستور المغربي حسب المادة 19، وكذلك البند الأول من المادة 5 من الدستور البرازيلي، والفقرة الثالثة للمادة 9 بدستور جنوب إفريقيا.
أعضاء اللجنة يبررون النص على الحالات التي يتم فيها محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وفقًا لنص المادة 204، في حين أن أغلبية دساتير العالم لا تنص على محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وأن القضاء العسكري يقتصر على العسكريين فقط، وهناك دول تقتصر فيها محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في زمن الحرب فقط! 
لجنة الخمسين مجموعة من البشر يجتهدون ويخطئون، والدستور فيه مواد جيدة، ولكن أيضًا هناك مواد بحاجة إلى تعديل، والأهم من هذا وذاك وقف حملات تضليل المواطن ورفع سقف طموحاته طالما ظل أمثال الدكتور عصام شرف وحازم الببلاوي يتولون منصب رئيس الوزراء، فهم شخصيات في غاية الطيبة، ولكن سياساتهم فاشلة بلا حدود!