الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ثورة يوليو وحركة المحافظين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صحيح أن جذر تاريخ المحليات فى بلادنا ممتد ويرجع إلى فجر تاريخ الحكومات المصرية منذ عام «١٨٦٦- ١٨٧٩» منذ أنشئ مجلس شورى النواب بقانون البلديات والمديريات.
ولكن يظل الأهم واللافت للنظر أن ثورة يوليو بقيادة الرئيس «جمال عبدالناصر» كانت لها البعد الأهم والجدير بالانتباه والاهتمام منذ صدور القانون رقم ١٢٤ لسنه ١٩٦٠، والذى يعتبر القانون المؤسس للإدارة المحلية فى تاريخ مصر الحديث منذ أكثر من ٥٨ عامًا.
وقد جاء القانون الخاص بتنظيم الإدارة المحلية متوافقًا مع دستور ١٩٥٦، خصوصًا مواده العشر التى تنص على أهمية تقسيم الجمهورية إلى محافظات ووحدات محلية لها شخصيتها الاعتبارية.. مع أهمية وجود المجالس المنتخبة للرقابة ودورها فى التعاون والمشاركة من أجل التنمية المحلية، وهى المواد من (١٥٧) وحتى (١٦٦) فى ذلك الدستور، وقد انعكس ذلك على توجهات ثورة يوليو نحو التوسع فى اللامركزية الجغرافية، وظهر ذلك من الاهتمام بحركات المحافظين التى صدرت فى عهد الرئيس عبدالناصر، وإذا كانت أول حركة للمحافظين فى مصر صدرت فى ثورة يوليو كانت بتاريخ ١١ سبتمبر ١٩٦١ أى بعد صدور القانون بأقل من عام.
فقد شملت الحركة الأولى للمحافظين تعيين ٢١ محافظًا، شملت كل المحافظات فى ذلك الوقت فى طول البلاد وعرضها؛ حيث محافظات «القناة- قبلى وبحرى، والقاهرة الكبرى».
ثم صدر بعد تلك الحركة قرار جمهورى بإنشاء ٣ محافظات جديدة «البحر الاحمر- الوادى الجديد- ومرسى مطروح» لتصبح المحافظات وترتفع من ٢١ إلى ٢٤ محافظة.
كما اهتمت ثورة يوليو فى عهد الزعيم «ناصر» بإصدار ١٩ حركة محافظين لتسيير أعمال المحافظات وبحث خدمات المواطنين بها، منها ٣ حركات واسعة للمحافظين؛ حيث شملت عددًا كبيرا بتعيين المحافظين أو نقلهم بين المحافظات المختلفة.
حيث صدرت الحركة الأولى الواسعة للمحافظين فى ١١ سبتمبر ١٩٦١ لتشمل تعيين ٢١ محافظًا، ثم الحركة الثانية فى نوفمبر ١٩٦١ أى بعد ٣ أشهر لتشمل ٢٤ محافظًا منهم ١٢ محافظًا جديدًا، ثم تأتى بعدها الحركة الثالثة فى أكتوبر ١٩٦٥، والتى جاءت متواكبة مع تعيين حكومة زكريا محيى الدين، وقد ضمت حركة المحافظين الثالثة ٨ محافظين جدد.
ويضاف إلى هذه الحركات الواسعة لتعيين المحافظين ١٦ حركة أخرى محدودة للغاية سواء بتعيين محافظ واحد أو اثنين أو أكثر أو بالتنقل والتغيير والتبادل بين محافظة وأخرى.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام بحركات المحافظين فى عهد عبدالناصر وثورة يوليو، والتى شملت تعيين ٦١ محافظًا خلال عشر سنوات من عمر حكم الزعيم الخالد «ناصر» منذ سبتمبر ١٩٦٠ وحتى سبتمبر ١٩٧٠.
كما اهتم الزعيم عبدالناصر بالزيارات الميدانية والتاريخية لكل محافظات الجمهورية.. مهتمًا بالأعياد الوطنية والتاريخ الوطنى لكل محافظة، كما كان مهتمًا باللقاءات الجماهيرية والخطب المباشرة مع أبناء كل محافظة متعايشًا مع أبنائها وقياداتها فى مناسبات مختلفة، شملت افتتاح مشاريع خدمية أو إنتاجية وحتى توزيع الأراضى على الفلاحين.
كما كان هناك اهتمام بما يسمى بعيد «الإنتاج السنوى»؛ حيث تكريم المنتجين من العمال والفلاحين وصغار الموظفين لتحفيزهم من أجل التنمية والإنتاج.
كما شهدت حركات المحافظين فى عهد الرئيس عبدالناصر أنها لم تكن تقتصر على تعيين المحافظين من أوعية القوات المسلحة والشرطة فقط، ولكن كانت منفتحة أيضا على القيادات التى تعمل فى العمل السياسى والمدنيين حيث تم تعيين عدد كبير من المحافظين من بينهم:
د. فؤاد محيي الدين الذي كان يشغل أمينًا للاتحاد الاشتراكى فى القليوبية، وتم تعينه محافظًا للشرقية «١٩٦٨»، ثم محافظًا للإسكندرية عام ١٩٧٠، والذى أصبح بعد وفاة عبدالناصر رئيسًا لوزراء مصر.
- محمود أمين عمر أمين الاتحاد الاشتراكى لمحافظة أسوان، والذى صدر قرار بتعيينه محافظًا لأسوان داخل بلده عام ١٩٦٨.
- المهندس عبدالمجيد عبدالفتاح عضو مجلس الشعب عن الوادى الجديد، وقد تم تعيينه محافظًا للوادى الجديد بلده أيضًا.
- أحمد كامل الذى كان يشغل موقع أمين الشباب؛ حيث تم تعيينه محافظًا للمنيا ثم الإسكندرية.
هذا غير المدنيين الذى تم تعيينهم محافظين، منهم:
- المهندس عبدالخالق الشناوى محافظًا للفيوم «٦٣ – ٦٥».
- دكتور محمد محب عميد كلية الزراعة محافظًا لسوهاج «٦٨».
- دكتور محمد متولى موسى سكرتير المجلس الأعلى للجامعات محافظا للمنوفية.
- محمد توفيق السيد من رجال التعليم محافظًا للفيوم.
- على فوزى يونس من الإدارة المحلية محافظا للفيوم «٦٥».
- عبدالفتاح على أحمد كان سكرتيرا عاما من قيادات الإدارة المحلية محافظا لكفر الشيخ «٦٧».
عمومًا ستظل ثورة يوليو وعلاقتها بحركات المحافظين والمحليات حلقة مهمة وأصيلة من حلقات التنمية المحلية، والتى لا بد من الارتكاز عليها واستخلاص دروسها نحو حركة محافظين أفضل وأرقى، خصوصًا ونحن فى انتظار حركة محافظين منذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى للولاية الثانية، والذى أصدر من قبل حركتين للمحافظين الأولى، والتى كانت تعتمد على أكثر من ٩٠ ٪ منها من المدنيين ومن أوعية جديدة، وعكس الحركة الثانية التى اعتمد أغلبها على العسكريين من القوات المسلحة والشرطة وبعض المدنيين.
إننا فى المرحلة المقبلة ونحن نتحدث عن اللامركزية وتطبيق أفضل من أجل ديمقراطية المشاركة الشعبية علينا أن نتطلع إلى:
- اختيار أفضل للمحافظين يعتمد على القدرات والسمات الشخصية والفهم للمحليات وطبيعتها.
- الاعتماد على السمعة العامة والشخصية للمحافظ وسلوكه العام عبر مسيرته العلمية والوظيفية.
- ألا يتم الاعتماد على التقارير للجهات السيادية وحدها فى تقييم أو ترشيح المحافظين للعمل.
- أولوية التعيين فى المحافظات تكون للمحافظين من أبناء المحافظة، والذين لهم قدرات لمواجهة الفساد وتحسين الخدمات التى يعانيها المواطنون ولديهم رؤية وتصور لتطوير محافظتهم.
- أهمية التدريب للمحافظين ورفع قدراتهم من ناحية فهم المحليات بكل تفاصيلها وتحدياتها، فضلًا عن الثقافة القانونية والإلمام بتفاصيل ومفردات كل محافظة يعمل فيها المحافظ.
- أهمية اختيار المحافظين بعيدا عن المنغلقين على أنفسهم والرافضين والكارهين لمشاركة المجتمع المحلى أو الاستماع لآرائه وأفكاره نحو تطوير محافظتهم ومجتمعهم.
ولعل الأهم هو إصدار قانون الإدارة المحلية الغائب، ونتمنى أن يكون المحافظون بعد ذلك بالانتخاب من أجل احترام الاستحقاق الدستورى بانتخاب المجالس المحلية، ومن أجل المشاركة والمراقبة والمحاسبة، ومن أجل تطوير وتنمية بلادنا نحو مصر التى نريدها أفضل بإذن الله.