الشائعات وسيلة من الوسائل التي تستغلها بعض الأطراف التي تضمر الشر للوطن بغية تهييج الرأي العام وإثارة المشاكل ونشر السلبيات غير الحقيقية، ولعل الشائعات ظهرت خلال الفترة الأخيرة بصورة كبيرة مؤسفة إلى الحد الذي يحمل معه تساؤلات حول أسبابها وسبل مواجهتها خلال الفترة المقبلة.
ويمكن القول إن الشهر الحالي وحده ظهرت فيه العديد من الشائعات أبرزها الشائعات المتصلة بوزارة الزراعة حيث خرجت شائعة استيراد مصر البيض من الصين كما ظهرت شائعة انتشار وباء الجلد العقدي في محافظات مصر وسط أرقام غير حقيقية عن معدلات الإصابة، كما خرجت شائعات أخرى حول طرح الحكومة أسماك مصنعة بها بلاستيك من الصين وخطيرة على صحة المواطنين وهو ما تكرر قوله بالنسبة للأرز المكون من بلاستيك أيضًا كما انتشرت شائعة أخرى حول انتشار شائعة حقن البطيخ بمواد مسرطنة.
وهو ما فندته وزارة الزراعة بأن مصر لديها اكتفاء ذاتي من البيض كما انها لم تستورد أي أسماك أو أرز من الصين كما أن مصر لا تستورد البيض من الخارج بل ونقوم بتصديره لأن هناك اكتفاء ذاتي منه كما ان مرض الجلد العقدي لم يتحول إلى وباء وهو ما نفاه وزير الزراعة مؤكدا على أن نسبة الاصابة كانت محدودة وداخل ثلاث محافظات فقط وتم تحجيم المشكلة بعد ذلك بالسيطرة عليها والتخلص من انتشار المرض على حد قوله.
ولم يقتصر الأمر على أروقة وزارة الزراعة فحسب وإنما طالت الشائعات شارع المعز لدين الله الفاطمي حيث ادعت عدد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من خلال صور وهمية لشارع المعز لدين الله الفاطمي تفيد بإزالة الأرضية الخاصة به ورصفه بالأسفلت وهو ما تأكد خطأه حيث أن الشارع مازال كما هو ولم يتم تغيير شكله بعد.
ولعل ما يزيد الأمر تعقيدا هو إعلان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري خلال الأشهر الأربعة الأخيرة أن المجتمع المصري شهد نحو 53 ألف شائعة بمعدل 118 شائعة مجهولة المصدر في يوم واحد، لافتًا إلى أنه خلال هذه الفترة بث أكثر من 700 شائعة تتعلق بالجانب الحكومي.
قال الدكتور عبدالحميد زيد، أستاذ علم الاجتماع، إن الشائعات ما هي إلا وسيلة من الوسائل التي يستغلها بعض المنتفعين أو الراغبين من الانتفاع وراء نشرها مضيفا أنها تزداد وتنتشر في المجتمع حسب أهمية الموضوع بجانب الغموض الذي يحاط به، فكلما كان هناك نقص في المعلومات أو أهمية الموضوع كلما كان هناك زيادة للشائعات وتأثيرها على المجتمع.
وتابع أن هدف الشائعات الأساسي هو محاولة قلب الحقيقة وإيهام المواطنين بأن هناك وضع متأزم وهو أمر طبيعي في ظل وجود استقطاب مجتمعي بين المواطنين واختلاف في الرؤية فتحاول بعض الجهات أو حتى بعض الأفرد استغلال الشائعة لتحقيق أغراض معينة، مشيرا إلى أنها تكون كثيرة في المجتمعات التي يوجد بها استقطاب سياسي وبالمجتمعات التي يوجد بها درجة من الوعي المنخفض.
وأكد على أن حل مشكلة انتشار الشائعات يكمن في تفعيل دور مؤسسات الدولة من خلال تقديم الشفافية في إعطاء المعلومات المختلفة مع ضرورة شرح واقع المشكلات وحقيقتها بصورة تفصيلية وهو ما سيكون كفيل بمواجهة تلك الشائعات.
ومن جهته قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن الشائعات ليست ظاهرة مستحدثة ولا جديدة على مجتمعنا، حيث أنها ظاهرة قديمة الأذل ولكن ما زاد حدتها خلال الفترة الماضية هو ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها التي يلجأ لها البعض من أجل بث الشائعات التي يحاول أن يضفيها صفة الحقيقة من أجل إثارة البلبلة ونشر الفوضى.
