لا تخلو شوارع باريس منذ الصباح الباكر من بائعي أعلام "الأزرق"، كما يسمونه هنا في فرنسا، زحف عشرات الآلاف منذ الصباح للشوارع الرئيسية للعاصمة باريس، حيث يستعدون للاحتفال بفوز فريقهم وحصوله على كأس العالم للمرة الثانية في تاريخه، وكأنهم كانوا متأكدين من فوز الديوك.
الجميع زحفوا من كل صوب وحدب، صاحب البشرة السوداء والداكنة، والأبيض والأشقر، اليهودي والمسيحي والمسلم، ذوي الأصول الإفريقية، وذوي الأصول العربية، وذوي الأصول الآسيوية، وأبناء أوروبا، جميعهم يحملون أعلام بلادهم، فرنسا العظمى، ويهتفون في الشوارع والساحات والميادين: تحيا فرنسا، فيفا فرانس.
إنها بلاد الحرية والديمقراطية والإخاء والمساواة، تلك التي احتضنت الجميع بلا تمييز، وترقى بها الجميع بلا تمييز، ووصل إلى سدة الحكم فيها شاب لم يتجاوز الأربعين عامًا.
شيء مفرح نتمنى أن نراه يومًا ما في بلادنا التي سبقتهم لذلك منذ عشرات السنين، عندما وصل جمال عبد الناصر إلى سُدة الحكم وهو لم يتجاوز بعد الثلاثين من عمره، في ظروف مختلفة نعم، ولكنها ظروف تكررت في كل أنحاء العالم بما فيها فرنسا أيضا، في عام ١٧٨٩ عندما قامت الثورة الفرنسية التي يحتفل الفرنسيون بها كل عام في الخامس عشر من يوليو، ووصل بسببها شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره إلى سُدة الحكم ليصبح إمبراطور فرنسا، إنه نابليون بونابرت، تلك الثورة التي فتحت الطريق للشاب ماكرون للوصول إلى السلطة بعد نابليون بمائتي عام ويزيد.
لكننا ننسى، كان أول مجلس نواب نشأ في الشرق كله في مصر، عام ١٨٦٦، بنينا الأوبرا ونظمنا الجيوش، ولعبنا في كأس العالم عام ١٩٣٤ في الدورة الثانية للكأس مباشرة.
نحن بالفعل أمة عظيمة ودولة عريقة شاء من شاء وأبى من أبى، تعرضنا لوعكة مخطط لها من قبل آخرين، لكننا تغلبنا عليها وسوف نفيق نهائيا من تبعاتها ونتائجها عما قريب، وساعتها لن يلحق بنا أحد، وسنحقق المعجزة التي تليق بنا نحن المصريين.
مبروك لفرنسا، هارد لك كرواتيا، وإلى الأمام بلادي الحبيبة، آملًا في أن نراك مثل تلك البلدان في المستقبل القريب.