استهدفت دراسة د. أحمد عبدالكافى عبدالفتاح مدرس الصحافة بكلية التربية النوعية جامعة المنيا، رصد العلاقة بين تعرض سكان محافظة شمال سيناء للمواد المنشورة عن الأحداث الإرهابية فى مواقع الصحف الإلكترونية المصرية، والصمود النفسى الناتج عنه، وطبق الباحث دراسته على عينة عمدية متاحة قوامها (١٣٢) مبحوثًا من سكان المحافظة من مستخدمى الإنترنت، واستخدم الباحث موقع «فيسبوك» فى إرسال الاستمارات على المجموعات الموجودة على الموقع.
وقد اختار الباحث سكان شمال سيناء نظرًا لما يعكسه الواقع الذى تعيشه المحافظة، وأيضًا لموقع المحافظة المتاخم للحدود الجبلية الشرقية والبحرية الشمالية، والتى تستخدمها العناصر الإرهابية للتسلل إلى داخل الحدود المصرية بشمال سيناء.
اتضح من الدراسة أنه بالنسبة لعينة الذكور، تصدر سبب متابعة الصحف الإلكترونية (تتابع الأحداث بشكل سريع وفوري) الترتيب بنسبة بتكرار ٣٨ ونسبة مئوية ٥٥.٩٪، بينما جاءت (للحصول على المعلومات) فى الترتيب الثانى بتكرار ٣٢ وبنسبة ٤٧.١٪، واحتلت (لتميزها بالمصداقية). وبالنسبة لعينة الإناث جاء أيضًا سبب المتابعة (تتابع الأحداث بشكل سريع وفوري) فى الترتيب الأول بتكرار ١٠ وبنسبة ٣٧٪، وفى الترتيب الثانى جاء السبب (للحصول على المعلومات) بتكرار ٨ ونسبة مئوية ٢٩.٦٪. ويفسر الباحث حصول سبب المتابعة (تتابع الأحداث بشكل سريع وفوري) على الترتيب الأول لما تتميز به الصحف الإلكترونية من المتابعة والتحديث الفورى المستمر وسهولة نشر الأحداث لحظة بلحظة.
وقد حازت (شبكات التواصل الاجتماعي) كوسيلة للوصول إلى الصحيفة الإلكترونية على الترتيب الأول بتكرار ٥٩ وبنسبة ٦٢.١٪، بينما احتلت (محركات البحث) الترتيب الثانى بتكرار ٤١ وبنسبة ٤٣.٢٪، وفى الترتيب الأخير جاء الوصول المباشر للموقع بتكرار ٢٤ ونسبة ٢٥.٣٪. ويرى الباحث حصول طريقة الوصول للصحف الإلكترونية (عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي) يرجع لانتشار مواقع التواصل بين كل الفئات والأعمار، ولكونها مصدرًا أساسيًا للحصول على المعلومات فى شمال سيناء.
كما تصدرت (الهواتف الذكية) قائمة الأجهزة التى يستخدمها المبحوثون فى متابعة الصحف الإلكترونية بتكرار ٥٧ وبنسبة ٦٠٪، وجاء الكمبيوتر الشخصى فى الترتيب الثانى بتكرار ٢٨ وبنسبة ٢٩.٥٪، وفى الترتيب الأخير جاء جهاز (الآيباد) بتكرار ٨ وبنسبة ٨.٤٪. ويرى الباحث أن حصول الهواتف الذكية على الترتيب الأول نظرًا لانتشارها الواسع بين أفراد المجتمع بكل فئاته لسهولة حمله، وأنها تعمل بتقنية عالية تمكنها من الوصول إلى مواقع الإنترنت.
وقد تصدرت درجة اهتمام المبحوثين بمتابعة المواد المنشورة عن الأحداث الإرهابية (بدرجة كبيرة جدًا)، وجاءت فى الترتيب الأول بتكرار ٣١ وبنسبة ٣٢.٦٪، وفى الترتيب الثانى جاءت (أهتم بدرجة كبيرة) بتكرار ٣٠ وبنسبة ٣١.٦٪، بينما جاء الترتيب الأخير من نصيب أولئك الذين يهتمون بمتابعتها (بدرجة ضعيفة) بواقع ٤.٢٪. ويرى الباحث حصول درجة الاهتمام بمتابعة المواد المنشورة عن الأحداث الإرهابية بالنسبة لكل من الذكور والإناث (العينة الكلية) (بدرجة كبيرة) على الترتيب الأول، وحصول (أهتم بدرجة ضعيفة) و(نادرًا ما أهتم) على الترتيب الأخير، لما تشغله الأحداث الإرهابية من تفكير مجتمع شمال سيناء وسيطرة هذه الأحداث على مجريات الأمور بالنسبة لهم.
وبالنسبة لرؤية المبحوثين لطريقة عرض المواد المتعلقة بالحوادث الإرهابية فى الصحف الإلكترونية، احتلت عبارة (تركز على طابع الإثارة فى عرضها للأحداث) الترتيب الأول بنسبة ٢٧.٦٪، وتليها (تتسم بالجرأة فى عرض الأحداث) فى الترتيب الثانى بنسبة ٢٦.٣٪، ثم جاءت (الأحداث الإرهابية لا تأخذ مساحة كافية فى هذه الصحف) فى الترتيب الثالث بنسبة ٢٥.٩٪، بينما جاءت عبارة (تمتاز بالوضوح فى عرض الأحداث) فى الترتيب الأخير ٢٠.٩٪. ويرى الباحث حصول رؤية المبحوثين أن الصحف تركز على طابع الإثارة فى عرضها للأحداث على الترتيب الأول، قد يرجع إلى أن الصحف الإلكترونية تركز بدرجة كبيرة على طابع الإثارة سواء بالصور أو الفيديوهات المصاحبة للمواد المنشورة عن الأحداث الإرهابية.
وبالنسبة لشعور المبحوثين عقب تعرضهم للأحداث الإرهابية بالصحف الإلكترونية، فقد حصلت عبارة (أشعر بالخوف الشديد من المستقبل) على الترتيب الأول بالنسبة للعينة الكلية للذكور والإناث بتكرار ٣٨ وبنسبة ٤٠٪، واحتلت (أشعر أنى عرفت ما أريد) الترتيب الثانى للعينة الكلية «ذكور وإناث» بتكرار٢٧ بنسبة ٢٨.٤٪. ويرى الباحث حصول العبارة (أشعر بالخوف الشديد من المستقبل) على الترتيب الأول للذكور والإناث عينة البحث، نظرًا لما تحمله الأحداث الإرهابية من مخاوف تتمثل فى صور للضحايا وانفجارات مدوية ويتم تغطيتها فى الصحف الإلكترونية.
وبالنسبة لمقياس الصمود النفسى الذى تم تطبيقه على المبحوثين، حيث جاءت عبارة (متابعتى للأحداث بالصحف تزيدنى كراهية للإرهاب) فى الترتيب الأول بنسبة ٨١.٤٪، واحتلت عبارة (متابعتى للأحداث الإرهابية يجعلنى أشعر بمسئولية كبيرة تجاه مجتمعي) الترتيب الثانى بنسبة ٨١.٣٪، وفى الترتيب الثالث جاءت (متابعتى للأحداث الإرهابية فى الصحف الإلكترونية تجعلنى أقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية) بنسبة ٨١.٢٪، تليها عبارة (أشعر بالراحة النفسية كلما قرأت أخبار القبض على الإرهابيين) فى الترتيب الرابع بنسبة ٨١٪، وتليها عبارة (طريقة عرض الصحف للأحداث الإرهابية تزيد من مسئوليتى نحو الوطن) فى الترتيب الخامس بنسبة ٨٠.٢٪، بينما احتلت عبارة (تزداد آمالى فى حل القضية كلما قرأت عن هزائم الإرهابيين) الترتيب الأخير.
ويرى الباحث من خلال قراءة نتائج مقياس الصمود النفسى أن متابعة المبحوثين للأحداث بالصحف تزيدهم كراهية للإرهاب، وحازت على الترتيب الأول، يؤكد أن الصحف الإلكترونية ترصد وتنشر الأحداث بطريقة واقعية تجعل أفراد العينة يشعرون بكراهية للإرهاب كلما قاموا بمتابعتها، وأيضًا (متابعتى للأحداث الإرهابية تجعلنى أشعر بمسئولية كبيرة تجاه مجتمعي) فى الترتيب الثانى، وهو ما يؤكد أن عرض الصحف للأحداث يوضح المسئولية الكبيرة على كل أفراد المجتمع لمشاركة الوطن فى الأوقات العصيبة، وفى الترتيب الثالث جاءت (متابعتى للأحداث الإرهابية فى الصحف الإلكترونية تجعلنى أقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية)؛ لأن طريقة عرض الصحف للأحداث الإرهابية تُشعر أهالى سيناء بضرورة تقديم مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية. وفى الترتيب الأخير جاءت عبارة (تزداد آمالى فى حل القضية كلما قرأت عن هزائم الإرهابيين)، وهى نتيجة طبيعية، فكلما تنشر الصحف أخبار وصور القبض والقتل للإرهابيين، يشعر أهالى سيناء بأن القضية فى سبيلها للحل، وأنهم فى سبيلهم للخلاص من هذه الأحداث.
حمى الله مصر من الإرهاب والإرهابيين، وجعل أهلها فى رباطٍ إلى يوم يُبعثون، وألهمهم الصمود فى وجه القتلة وسفاكى الدماء.