تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
الفريق أول محمد رفعت إبراهيم عثمان جبريل، من أعظم الضباط فى تاريخ جهاز المخابرات المصرية، وُلد سنة ١٩٢٨م، فى محافظة البحيرة، مركز كوم حمادة، قرية شبرا أوسيم، وتوفى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٩م، انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار قبل ثورة يوليو، ثم انضم إلى المخابرات العامة المصرية بعد إنشائها، وكان تخصصه مكافحة النشاط الإسرائيلى، وتولى عدة مناصب فى الجهاز حتى أصبح مدير مقاومة الجاسوسية، ثم رئيسًا لهيئة الأمن القومى، ثم وكيلاً لجهاز المخابرات، وتم تكريمه بمنحه نوط الإمتياز من الطبقة الأولى والثانية.
وفى آخر التصريحات للثعلب قبل وفاته عن أهم وأخطر العمليات التى قام بها، قال جبريل عن أخطر عملية قام بها، وهى مهمة استلام «باروخ مزراحى»، وإيصاله لمصر للتحقيق معه والضغط به على إسرائيل، المهمة التى قالوا عنها «إن إسرائيل قامت بإرسال وحدات كاملة وراء هذا الضابط المصرى لإنقاذ الجاسوس»، ولو ألف مجلدات صنعت مئات من الأفلام الأمريكية لن تسرد جزءًا مما حدث ولانستطيع أن نخوض فى ذلك لأنها تندرج تحت بند السرية، وبعد أن أخبرتكم عن درجة خطورة هذا الضابط الإسرائيلى، سأخبركم بالتفصيل ماذا حدث له بعد القبض عليه، وبعد استجوابه إلى أن تمت المقايضة به فى ضربة قوية لجهاز المخابرات العامة.
عند وصول الجاسوس ضابط المخابرات الإسرائيلى مصر كان يستعد فى داخله بتجهيز الخطة البديلة له ليدلى بها فى التحقيقات من اسم جديد وشخصية وهمية جديدة مثل الذى قام بتأليفها فى اليمن، وأثناء التحقيقات معه قام رئيس التحقيقات بسؤاله عن اسمه فقال القصة الوهمية التى اختلقها عن حياته كخطة بديلة فى حال القبض عليه، وبعد عدة ساعات قال له المحقق لقد قامت زوجتك بوضع مولودها الآن، وهو بحالة جيدة جدًا يا باروخ، وفى هذه اللحظة فقط إنهار الجاسوس وجلس واعترف بكل شيء بأدق التفاصيل وسرد أخطر المعلومات، وكانت تلك أقوى البطولات التى حققها جهاز المخابرات المصرية، وتم إيداعه زنزانة رقم «٦» بسجن مصر، وهو فى حالة نفسية سيئة جدًا، وبعد انتصار أكتوبر ٧٣ أدرك أنه انتهى تماما، وزادت حالته سوءًا عندما وصل إليه فى ٤ ديسمبر ٧٣ أن المخابرات المصرية رفضت مقايضته بالعقيد السوفييتى وضابط الكى جى بى (يورى لينوف) المُعتقل فى إسرائيل بتهمة التخابر والتجسس لصالح المعسكر الأحمر، وبعد ذلك فى ٣ مارس ١٩٧٣ سمع خطوات غير عادية أمام باب زنزانته، ودخل السجان قائلاً له باحتقار: استعد يا جاسوس سيتم الإفراج عنك غدًا، وبعد أذان فجر اليوم التالى تحركت من أمام بوابة السجن قافلة سيارات تحمل لوحات دبلوماسية زجاجها مغطى بستائر سوداء وتقدمتها سيارة تحمل شعار الصليب الأحمر، واستغرقت رحلة سير القافلة ٤ ساعات إلى أن وصلت شاطيء قناة السويس وعبرت الممر المائى عن طريق أحد الجسور المتبقية بعد حرب أكتوبر إلى شبه جزيرة سيناء وكان الجاسوس ينكمش فى رعب خلف الستائر السوداء ولا يدرك مصيره وتوقفت القافلة وتمت مقايضته بـ٦٥ فدائيًا فلسطينيًا من سكان الضفة بالإضافة لاثنين من رجالنا، وكان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى أدلى ببيان عنهم قائلاً: إنهم نفذوا عمليات فدائية وأنشطة تجسس فى غاية الخطورة لصالح المصريين.
وكانت تلك آخر تصريحات الثعلب البطل الذى وافته المنية ١٤ ديسمبر ٢٠٠٩م عن عمر يناهز ٨١ عامًا.
وتظل مصر عظيمة بأبطالها ورجالها العظماء.
تحيا مصر