تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
هل يشعر المصريون أو حتى بعضهم بالندم على المشاركة فى ثورة الـ٣٠ من يونيو؟!، هل يتمنى النادمون من المصريين عودة الجاسوس مرسى وحكم عصابته؟!، لماذا لا يمتد شعور الندم إلى ما تسمى بثورة ٢٥ يناير؟!، هل تشمل مشاعر اليأس والإحباط والغضب من دولة الـ٣٠ من يونيو مجموعات من المصريين من غير المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية ومشتقاتها؟!
فى مقاله المعنون «النادمون على الـ٣٠ من يونيو» والمنشور بجريدة «الشروق» صباح الأربعاء الماضي، ألمح الكاتب الصحفى عبدالله السناوى إلى أن مشاعر الندم على المشاركة فى الثورة على الدولة الدينية تجتاح فئات وشرائح اجتماعية مختلفة، وأن هذه المشاعر لا تقتصر على المنتمين للجماعة الإرهابية أو المتعاطفين مع أفكارها وتصوراتها.
ورغم حرصه على نفى شعور الشعوب بالندم على ثوراتها إلا أنه حذر مما أسماه بفورات الندم التى تغيب فيها الحقائق، ويسود فيها اليأس من المستقبل.
وفيما لم يخبرنا الكاتب ما إذا كان النادمون يتمنون عودة يوم من أيام مرسى الزاهرة والعامرة بالخيرات، حرص على أن يعطى انطباعًا بأن حالة الإحباط والكآبة شعور يسود عموم البلاد لافتًا إلى أن الندم على ثورة الـ٣٠ من يونيو أحد تجلياتها، وأن هذه الحالة بالإضافة إلى استدعاء سياسات مبارك من الماضي، قد وجها ضربتين قاصمتين لشرعية يونيو.
لا يمكن قراءة وفهم مقال الكاتب عبدالله السناوى من حيث كونه تعبيرًا عن وجهة نظر شخصية، فهو يعكس بصورة أو أخرى رأى سائد بين مجموعات صغيرة من الناصريين، وبعض الحركات الفوضوية أمثال الاشتراكيين الثوريين، وما تبقى من عناصر متحالفة مع الجماعة الإرهابية.
كما لا يمكن التعامل مع وجهة النظر هذه باعتبارها تمثل عموم الناصريين واليساريين فى مصر، بمعنى آخر هى لا تعبر سوى عن مجموعات متناهية الصغر محدودة التأثير.
فى ذات الوقت لا يمكن إنكار تولد مشاعر من الغضب والضيق لدى غالبية المصريين بسبب معاناتهم من الآثار السلبية لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وعدم اتخاذ الحكومة لإجراءات جادة للتخفيف من حدة هذه الآثار، وقد كتبت فى هذه الزاوية غير مرة، منتقدًا تقاعس الحكومة وتخاذلها فى هذا الشأن ومثلى كثيرون كتبوا فى مقالاتهم وأعمدتهم الصحفية.
لكن هل يعنى الاختلاف مع سياسات وبرامج الحكومة، ولو كان جذريًا الطعن فى شرعية الدولة؟!، فى نهاية الأمر نحن نختلف تحت مظلة دولة الـ٣٠ من يونيو.
من الطبيعى ألا يفرح المصريون ويهللوا لارتفاع الأسعار وخفض الدعم، لكنهم يدركون أيضًا أن ثورتهم فى الـ٣٠ من يونيو قامت من أجل استعادة الدولة من عصابة لا تؤمن بالوطن أصلاً، ومشاعر الغضب دفعت البعض للندم ليس على الـ٣٠ من يونيو وإنما على ما تسمى بثورة يناير، أى أن المصريين يدركون بمعنى أو آخر أن الماضى بسياساته المعيوبة لم يختطف ثورة الـ٣٠ من يونيو، ولم يتم استدعاؤه كما أكد كاتبنا فى مقاله المشار إليه.
هى مجرد مشاعر تعكس الضجر من التفاوت الكبير فى أسعار السلع بين زمن مبارك وعصر السيسي، ومع ذلك تدرك الغالبية أن ثمة ثمن يجب أن يدفع من أجل التغيير للأفضل، وإلا ما معنى مشاركة أكثر من ٢٥ مليون مواطن مصرى فى استحقاق الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟!
على أى حال هناك ما يفسر مشاعر الندم العارمة التى باتت واضحة سواء فى مقال كاتبنا الكبير، أو فى خطاب بعض المجموعات الناصرية فقد اعتقدوا أن مشروع عبدالفتاح السيسى سيحاكى مشروع جمال عبدالناصر، فلما كان مشروع السيسى مختلفًا فى سياساته وخططه وتفاصيله لاختلاف الزمن أصابهم اليأس والإحباط والشعور بالكآبة، رغم أن مشروعى عبدالناصر والسيسى لم يختلفا على الهدف، وهو بناء دولة مدنية حديثة تتمتع بكامل استقلالها الوطنى فى قرارها السياسى والاقتصادي.
لذلك إذا كان هناك من يجب عليه الشعور بالندم فهذا التيار الذى لم يبذل حتى اللحظة جهدًا يذكر فى مراجعة التجربة الناصرية لما لها وما عليها.
إلى المحبطين والنادمين.. قبل أن تندموا على الـ٣٠ من يونيو عليكم أن تعتذروا للشعب المصرى عن تحالفكم مع جماعة الإخوان الإرهابية فى زمن مبارك من خلال حركتى كفاية و٦ أبريل وغيرها من الأطر السياسية، دون أن تطلبوا من الجماعة الاعتذار عن تاريخها الدموى ونقض أدبياتها الداعية للإرهاب، فأنتم بذلك كنتم بمثابة أكبر بوق دعائى للجماعة وأفكارها المسمومة.
عليكم أن تندموا لأن فيكم من لا يزال يعتقد فى أن جماعة الإرهاب فصيل سياسى وطنى ينبغى مصالحته.
هناك وقائع وأفعال لا تحصى تستحق الندم والخجل، لكنكم لن تفعلوا، والأسباب كثير