تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
«روميو وجولييت» هى أبرز قصص الحب التراجيديّة، وهى رائعة من روائع الكاتب الإنجليزى «ويليام شكسبير»؛ فقد أبدع فى كتابتها إبداعًا لا يقلُّ عن إبداعه فى كِتَابة مسرحيته «أنطونيو وكليوباترا»، ولعل القاسم المشترك بين القصتين أنهما بُدِئتا بالحب وانتهتا بمأساة، مثلهما فى ذلك مثل كثير من قصص الحب التى يمتلئ التاريخ بها.
والفارق بينهما هو أن قصة «أنطونيو وكليوباترا» مستمدَّة من الواقع، أما قصة «روميو وجولييت» فمستمدَّة من الأساطير؛ فقد نشأت قصة حب «أنطونيو وكليوباترا» فى زمن الحرب بينهما، لقد جاء الفارس «أنطونيو» من هناك، من وراء البحار، جاء من روما أرض النور والثقافة آنذاك، جاء إلى هنا، إلى مصر أرض الحضارة، وما أن رأى مَلِكَتَها «كليوباترا» حتى عشقها، هكذا كان تلاقى الثقافة والحضارة، الفارس والملكة، «أنطونيو وكليوباترا»، وتستمر قصة عشقهما حتى تحدث المأساة، ويموتان منتحرين من أجل بعضهما.
أما قصة «رميو وجولييت»، فمستمدَّة من الأسطورة البابلية «بيراموس وثيسبي»؛ فقصة «رميو وجولييت» كما صوَّرها «شكسبير»، تحكى أن شابًّا وفتاةً قد أحبَّا بعضهما حبًّا جمًّا، ولكنهما كان ينتميان إلى عائلتين يتغلغل العداء بينهما؛ فيقرران أن يتزوَّجا سرًّا، وبعد الزواج يرحل «رميو» عن مدينة «جولييت»؛ لأنه قتل أحد أفراد عائلتها فى مبارزة بينهما، ولم يستطع العودة؛ ففى عودته القتل المُحتَّم من قِبَل عائلة «جولييت»، ثم تقوم عائلة «جولييت» بإجبارها على الزواج، وهم لا يدركون أنها متزوجة من «روميو»... وتستمر الأحداث حتى يموتا منتحرين من أجل بعضهما فى مشهد تراجيدى مأسوي.
فى حين أن الأسطورة البابلية «بيراموس وثيسبي» تحكى أن الشاب «بيراموس» كان يسكن بجوار الفتاة البابلية الجميلة «ثيسبي»، وقد أحبا بعضهما منذ الصغر، وظلا يكبران ويكبر حبُّهما معهما، وحينما أرادا أن يتزوجا، وقفت تقاليد العائلة أمام ارتباطهما؛ فقررا الهروب من المدينة إلى البراري، واتفقا على أن يكون اللقاء تحت شجرة التوت، ذات الأوراق الخضراء والثمار الثلجية البيضاء.
وفى ليلة الهروب ذهبت «ثيسبي» إلى شجرة التوت، ولكنها لم تجد «بيراموس»، فانتظرته فى رهبة البرارى وحدها حتى يأتي، وفى أثناء انتظارها شاهدت أسدًا يخرج من بين الأشجار مُتَّجهًا نحو النبع ليشرب، ويبدو أنه كان قد تناول فريسته للتو؛ حيث كانت الدماء تتساقط من أنيابه، وحينما شاهدت «ثيسبي» ذلك المنظر، أسرعت فى خطاها كى تختبئ فى مكان بعيد، ولكنها وهى تجرى سقط وشاحها، وحينما مرَّ الأسد قام بنشب أنيابه فيه، حتى مزقه تاركًا آثار دماء فريسته عليه.
وحينما وصل «بيراموس»، لم يجد سوى وشاح «ثيسبي» ممزقًا ملطخًا بالدماء، ثم رأى آثار خطوات الأسد من العرين إلى النبع، فتوهَّم أن الأسد قد افترسها بسبب مجيئه متأخرًا، فانهال «بيراموس» على الوشاح يحتضنه ويقبِّله بحرارة، ودموعه الملتهبة تحرق وَجْنَتَيْه، ثم اتجه نحو شجرة التوت قائلًا لها: «إنك الآن سترتوين من دمي»، واستل سيفه وطعن نفسه طعنة بين الضلوع، فسالت دماؤه تروى شجرة التوت حتى تحولت ثمارها البيضاء إلى اللون الأحمر.
وحينما عادت «ثيسبي» وجدت ثمار التوت قد تغير لونها من الأبيض إلى الأحمر، فاندهشت من ذلك الأمر، حتى سمعت أنينًا بالقرب منها، فنظرت؛ لتجد حبيبها صريعًا على الأرض محاطًا بدمائه، فسارعت واحتضنته بين ذراعيها؛ فرمقها «بيراموس» بنظرة هى الأخيرة، إنها نظرة الوداع.. ثم تُرَدِّد «ثيسبي» كلماتها الأخيرة، وتقول: «أنا وعدتك ألا يفرق بيننا سوى الموت، أما الآن فحتى الموت فلن يفرِّقنا»، ونزعت السيف من بين ضلوعه، وأسكنته فى سويداء قلبها، كى تموت بجواره.
يا لها من نهاية مؤسفة!! وكأننى أرى «عِشْتَار»، قد منحتهما الحب والعشق فى لحظة صفاء وحنان منها، وتركتهما حتى تمكَّن العشق من قلبيهما، ثم راحت تنتزع رُوُحهما بلا رحمة.. لماذا فعلتِ ذلك يا «عشتار»؟! هل لأن لكِ من اسمك نصيبًا، فأول الاسم: «عِشْ» والنصف الثانى منه (تار)، فالنصف الأول يرمز إلى الحب والحياة، والآخر يرمز إلى الحرب والموت، هكذا أنا أتصور.. ولكن أتدرون من «عشتار»؟ إنها إلهة الحب والحرب عند البابليين.. أنا الآن أشتم عَبَق التاريخ من بلاد الرافدَيْن، فـ«سومر» و«بابل» أرض الأساطير.. وأرض الجمال.. وبداية التاريخ.