الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محمد صلاح.. واللامبالاة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محمد صلاح.. ولد على ضفاف الدلتا، ونشأ ككل أبناء جيله على أصوات جولة من جولات المعركة الطاحنة بين الطوب النارى والطين اللبن. بين الأخضر السخى الذى ظل صامدا سبعة آلاف عام حتى جاءت حفنة من السفلة وحولوا كل شيء إلى الأصفر الحاقد. وسط كل هذه الإخفاقات والانكسارات الخاصة والعامة لا بد أن يعثر المرء على قشة يعبر بها المراحل الموحلة.. حيث فى أجواء كتلك لا يملك أى أحد أى شيء سوى العثور على قشة أوالسقوط فى فخاخ الكآبة والانسحاب.
بالنسبة لى رأيت أن ثمة قشة يريد أن يواجه بها مو صلاح السقوط الأخير على يد «راموس» هذا الطاعن فى الكراهية، وما صاحب ذلك من ألم ممزوج بالقهر- حيث لا شيء يقف وراءه إلا الحب.. حب الجماهير. لكن يؤسفنى أن أقول إن هذا الحب لم يكن كافيا لمواجهة الروائح الكريهة للبداوة - ومع كل ذلك كان عليه إهداء الفرح لمائة مليون مصري، وحوالى ثلاثمائة مليون عربي.. وبما أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فلم يكن أمام الجميع غير الاحتفاء بوردتين قدمهما الشاب من كل قلبه.
مو صلاح كان يتوقع حدثا غير الحدث، ونتائج غير النتائج. الإصابة وكل ما حدث من عبث لم يكن سهلا على شاب مثله يرغب فى النجاح ووضع نفسه وبلاده فى عين اهتمام العالم المتغطرس.
هل كنت تتوقع ما حدث؟. بالطبع لا. لكن للأسف حدث، وبما يفوق التوقعات الأكثر سوءا!
ترى هل كل ما حدث ونعلمه، وغيره لا نعلمه، هو ما دفع «مو» صلاح إلى اللجوء إلى اللامبالاة..أو بالأحرى إلى «فن اللامبالاة» لمارك مانسون. هل «اللامبالاة» هى حيلة اللاعب العالمى للهروب من هذا الواقع أو على الأقل تعلم طرق مواجهته؟!. هذا ما تخيلته عندما عثرت على صورة متداولة على صفحات الأصدقاء بمواقع التواصل الاجتماعى لمحمد صلاح وهو يقرأ كتاب مارك مانسون.
إذا ها هو «مو» صلاح يمسك بالكتاب ولكن أى صفحة أو فقرة وصل لها اللاعب المحبوب؟ هل وصل مو صلاح إلى الفقرة التى يقول فيها مانسون: «هذا الواقع ليس عادلا، وليس نتيجة غلطتك أنت». حسنا. هل هنا ستزيد ثقة «مو» أكثر فى نفسه ويتيقن أن الخطأ الذى يقف وراء ما حدث من انسحاق بائن لم يكن خطأه.. وإنما كما أرى ويرى الكثيرون معى خطأ النظام المسئول عن المنظومة التى طالتها الاتهامات من قبل القاصى والداني. تذكر: أنت أيضا ربما تقع فى ورطة مثل هذه لكن عليك أن تلتفت لما يقوله مانسون: الزم اللامبالاة وتعلم فنونها!
أشعر أن مو صلاح لا يكترث كثيرا بالمال إذ يقدم الكثير لوطنه وأبناء بلدته، وهذا فى رأيى ليس لأنه يمتلك الكثير - فكم من الأغنياء يبخلون بشربة ماء- وإنما لكون صلاح كغيره من الحقيقيين يرى المجد فى المجد نفسه لا فيما يحققه من مال. وهذا ما يقوله مارك مانسون: « التجربة هى الثروة الحقيقة».
إصابة صلاح بقدر ما كانت موجعة كانت مخيفة للجميع - إذ كيف للفرعون الصغير أن يتغيب عن ساحة المباراة.. بدونه سينهار كل شيء!- تعافى «مو» سريعا أو تحامل على نفسه من أجل مجده وشعبه، وطوال هذه الفترة المرعبة لم يبادر بأى هجوم من أى نوع نحو اللاعب الذى أًصابه وتقبل الأمر بسماحة، كما لم يظهر ولو مرة واحدة خارج إطار التواضع والأدب الجم، الأمر الذى يجعل منه نقيضا لمنافسه اللدود «رونالدو» الذى يلكم المعجبين بقبضة يده ويلقى بميكروفون المذيع فى الماء لحظة أراد الحصول على حديث معه وهو يمر بمحازاة نهر. يستغرب البعض هذا الأمر.. لماذا التواضع مع كل هذه الشهرة؟ ويحب البعض هذه الصفة ويثنون عليها.. لكن مع أى الفريقين يميل رأى مارك مانسون: «فلنعمل على أن يكون لدينا كلنا شعور طيب». وفى النهاية يقول مانسون لـ«مو» صلاح ولنا جميعا: «فلنكن صادقين: السيئ سيئ وعلينا أن نتعايش مع هذا»!