تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
طالعنا فى الفترة الأخيرة الكثير من الأخبار والتقارير التى تتحدث عن أن الدين العام وصل لأعلى مستوياته، وأن الحكومة السابقة اقترضت مبالغ تتجاوز ما اقترضناه طوال تاريخنا، فهل هذا حقيقى؟ ومتى نقول إن الديون وصلت لمرحلة خطرة؟ وما هى هذه الخطورة تحديدًا ومقدارها؟
أولا: يجب أن نعرف أن غالبية دول العالم تقريبًا تستدين وتقترض بداية من الولايات المتحدة أغنى دولة فى العالم وصولاً لأفقر دول العالم، علاوة على أن ديون أى دولة فى أى عام هى الأعلى على الإطلاق طوال الوقت بالنسبة لتاريخها كما أن الديون ليس لها أى معنى كقيمة أو كرقم ثابت بل لا بد أن يتم نسبتها إلى عامل محدد ألا وهو الناتج المحلى الإجمالى فهو أهم مؤشر لقياس قوة الاقتصاد.
وهنا أود توضيح أن الدين الداخلى هو قروض تقترضها أجهزة الموازنة العامة (الحكومة) «بالجنيه المصرى أو العملة المحلية عمومًا» لسد عجز الموازنة، وهو مصطلح نسمعه كثيرًا ولكن ما معناه؟
معناه أن المصاريف أكبر من الإيرادات بمعنى أن دخلك ٢٠٠٠ جنيه ومصروفاتك ٢٥٠٠ جنيه، الفارق بينهما يسمى «عجز» وإذا عكسنا الرقمين يصبح المسمى «فائض».
وهنا يجب طرح بعض الأرقام لتوضيح الصورة:
- ديون مصر الداخلية حاليًا حوالى ٣.٧ تريليون جنيه.
- الناتج المحلى الإجمالى لمصر حوالى ١.٢ تريليون جنيه.
- إذن نسبة الدين الداخلى إلى الناتج حوالى ثلاثة أضعاف تقريبًا.
- الحكومة تملك ودائع بالقطاع المصرفى حوالى ٥٤٠ مليار جنيه تقريبًا.
- إجمالى الودائع غير الحكومية فى القطاع المصرفى المصرى حوالى ٢.٩ تريليون جنيه.
أما الدين الخارجى فهو قروض تقترضها أجهزة الموازنة العامة (الحكومة) «بالعملة الصعبة» لسد عجز الموازنة وسداد الالتزامات الأجنبية على الدولة المصرية، وهو حاليًا حوالى ٨٢ مليار دولار تقريبًا، وهو مقسم لنوعين دين حكومى ودين خاص، والذى يعنى قطاعًا خاصًا وجهات غير حكومية.
من الأرقام السابقة نطرح تساؤلاً: هل نسبة الدين العام بالعملة المحلية خطرة آم آمنة؟ نسبة الخطر تكون فوق الـ ٦٠٪ إذن هى نسبة خطرة.
هل نسبة الدين الخارجى الحكومى بالعملة الصعبة خطرة أم آمنة؟... آمنة جدًا.
وهنا يجب أن نلقى نظرة على نسب الدين العام لبعض الدول المتقدمة والنامية بعملتهم المحلية حتى نعرف موقعنا ولا تخدعنا الأرقام فنجلد أنفسنا.
اليابان = ٦٠٪ البحرين = ٦٥٪ اليونان = ١٧٤٪ قطر = ٥٥٪ إيطاليا = ١٢٤٪ أمريكا = ١١٤٪ فرنسا = ٢٢٢٪ بريطانيا = ٤٠٦٪، إسرائيل = ٣٣٪، رومانيا = ٦٧٪، سلوفينيا = ٧٨٪، تركيا = ٥٥٪.
عمومًا فإن أى اقتصاد يتعرض لصدمات قوية يأخد نفس الإجراءات التى اتخذتها مصر، وذلك بسبب الاضطرابات والفوضى فارتفعت نسبة الديون لأعلى من الزيادة الطبيعية، وأصبحت تزيد بمعدل أسرع من معدل زيادة الناتج المحلى الإجمالى، وذلك بعد استنزاف كل احتياطياتنا وانهيار قدرة تحمل الاقتصاد ما بين ٢٠١١ مع اندلاع أحداث يناير و٢٠١٥ مع سقوط الطائرة الروسية.
أيضًا موضوع أن الديون هى الأعلى فى تاريخ مصر وهى تعادل إجمالى ما اقترضته مصر طوال تاريخها طبيعية وموجودة فى أى دولة فيكفى أن نعلم أن ديون أمريكا هذه السنة كسرت حاجز الـ٢٠ تريليون دولار.
أما ديون تركيا الخارجية فقد بلغت ٤٤٠ مليار دولار، فحزب العدالة والتنمية الحاكم استلمها مديونة بحوالى١٢٠ مليار دولار تقريبًا، ما يعنى أنها زادت بمقدار ٣٢٠ مليار دولار أى أكبر من إجمالى قروض تركيا طوال تاريخها وهذه هى الديون الخارجية فقط، ورغم ذلك لم تحدث أى كوارث بالعكس حصل تنمية وتطور وهذا هو حال الديون فى أى دولة فى العالم.
الفارق الوحيد بين الحكومة الحالية والحكومات السابقة أنها استهدفت تخفيض الدين العام لنسبة ٩٧٪ .
بالفعل نحن أمام تحدٍ كبير، وعلينا العبور بوطننا من الأزمة المستمرة على مدار عقود، فإما أن نكون أو «نكون» فخيار الفشل لا يجب أن يكون موجودًا فى قاموس مفرداتنا.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.