السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صفر الخروج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى عام 2004، حصلت مصر على أكبر صفر فى تاريخها، وهو «صفر المونديال»؛ حيث كانت قد تقدَّمت بملفها إلى الاتحاد الدولى لكرة القدم من أجل تنظيم كأس العالم لعام 2010، وقد كانت تتنافس فى ذلك مع المغرب وجنوب أفريقيا، وفى أثناء ذلك كان يؤكد المسئولون أن المنافسة محسومة لصالح مصر، ورُفع شعار أنه «لا منافس أمام تاريخ مصر وحضارتها».
واستيقظتْ مصر فى يوم إعلان النتيجة على الاحتفالات والأغانى الوطنية، حتى كانت الصدمة التى هبطت بمعنويات الشعب «من سابع سما إلى سابع أرض»؛ فقد حصلت جنوب أفريقيا على ثقة الاتحاد الدولى لكرة القدم فى تنظيم المونديال بأغلبية 14 صوتًا، فى حين حصلت المغرب على 10 أصوات، أما مصر فقد حصلت على صفر!!
وفى الحقيقة؛ فإن هذا الصفر كان يعنى أصفارًا أخرى كثيرة؛ فهو يعنى أن مصر صفر فى الطُّرق، صفر فى الخدمات، صفر فى التنظيم، صفر فى الإدارة، وهى الأمور التى أكَّدها الاتحاد الدولى لكرة القدم آنذاك، فقد قال: إنَّ الطُّرق والخدمات والإدارة المصرية لا تصلح لتنظيم مثل هذا الحدث، وكان هذا فضيحة لمصر بكل المقاييس.
وفى هذا العام، «وبعد أن نفخ اللـه فى صورتنا»، صعدنا إلى كأس العالم بعد غياب ثمانية وعشرين عامًا، ورفعنا شعار: «لما نقول الفراعنة الدنيا تقوم تسمعنا»؛ ولكننا حصلنا كذلك على صفر عظيم، إنه «صفر الخروج» من الدور الأول، فلم نتمكن من الحصول حتى على نقطة واحدة، رغم أن مجموعتنا لم تكن بالقوة التى تنبغي، وكأنَّ «الصفر علينا هو المكتوب»، وأعتقد أن هذه الأصفار لا يمكن أن يتحمَّلَها إلا أولو القوة والبأس من أمثالنا، فالصفر قَدر الزعماء والعظماء!!
كما أننا نتحدث عن عدم صعودنا لكأس العالم منذ ثمانية وعشرين عامًا، وكأننا قبل ذلك كنَّا مُقيمين فيه بموجب تصريح دائم، فنحن بالأساس ومنذ انطلاق تلك البطولة فى عام 1930، لم نصعد سوى ثلاث مرات، وكانت المرة الأولى سنة 1934 فى إيطاليا، والمرة الثانية كانت كذلك فى مونديال إيطاليا 1990، حينما أحرز مجدى عبدالغنى هدفًا ليس له مثيل، وكان مونديال روسيا فى هذا العام هو المرة الثالثة، وفى كل مرة كنا نخرج من الدور الأول.
وللعلم؛ فإن البطولة قد أُقِيمت منذ انطلاقها فى عام 1930 وحتى الآن عشرين مرة، وعدد الفرق التى فازت بالبطولة حتى الآن ثمانى فرق، والمنتخب البرازيلى هو المنتخب الأكثر تتويجًا بهذه الكأس؛ حيث فاز بها خمس مرات، يليه المنتخبان الإيطالى والألمانى اللذان أحرزا البطولة أربع مرات، أما منتخبا أوروجواى والأرجنتين فقد حصلا عليها مرتين، بينما فازت منتخبات إنجلترا وفرنسا وإسبانيا بالبطولة مرة واحدة.
ثم إننا نحن العرب، رغم الهزائم ورغم خروج جميع فرقنا العربية من الدور الأول، نتحدث عن «الأداء المشرف»، و«الخروج المشرف»، وإننى أتساءل: ما معنى الخروج المشرف؟ وهل خروج مصر -على سبيل المثال- من التصنيف العالمى للتعليم يمكن أن نسميه «خروجًا مشرفًا»؟!
ما هذه الروح الانهزامية التى نتحدث بها؟ لماذا نشعر نحن العرب دائمًا بالدونية؟ لقد أصبحنا عالةً على العالم فى كل شيء، أصبحنا فى ذيل الأمم، لا أرى مجالًا نتفوق فيه على الأمم الأخرى، أريد مجالًا واحدًا نستطيع أن «نَبُذَّ» غيرَنا فيه.
بالمناسبة؛ فإن للفعل «بَذَّ» فى اللغة معنيين، الأول: بَذَّ الشخصُ أقرانَه، أى تفوق عليهم، والثاني: بَذَّ الشخصُ، أى ساءت حالتُه ورثَّت هيئتُه، ونحن لم نستطع أن نأخذ بالمعنى الأول، فأخذنا بالثاني، ولا ضَيْر فهو أحد المعنيين!! إنها الحقيقة.. لم نستطع أن نتفوق؛ فساءت حالتنا ورثَّت هيئتنا!!