تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
اشتعلت – كالعادة- مواقع التواصل الاجتماعى بخبر عودة المفصولين من الضباط الملتحيين بحكم نهائى من القضاء الادارى، بين مؤيد ومعارض، بين ممتعض وسعيد، بين مرتاب ومستاء.
ولكن فى ذلك الحكم أبعاد كثيرة كلها تنم عن رصانة الدولة المصرية اليوم التى تزداد يومًا بعد يومٍ، فبداية لماذا نتناسى أن أحكام القضاء المصرى الشامخ بمنأى كبيرعن السياسة؟ فحقًا أن دولة اليوم هى أشد عداءًا للفاشية الدينية والتجارة باسم الدين وهى دولة مدنية تجمع كل أفرادها تحت مسمى "المصريين" لا غير، ولكن تعود القضاء المصرى أن تكون أحكامه حيادية نزيهة مستندة للقوانين والتشريعات ومرجعيتها الوحيدة هو الدستور لا الموقف السياسى ولا النظام القائم.
فأول دلالة لذلك الخبر – دون تأييد شخصى أومعارضة – يؤكد على نزاهة القضاء المصرى ومرجعيته الدستورية فحسب.
البعد الثانى:- وهو بعد قرار القضاء والزام المؤسسات عودة أولئك الضباط وتقبلهم يدل على قوة الدولة المصرية وقوة مؤسساتها التى لا تخشى أحدًا مهما كان هواه السياسى أو مرجعيته الدينية ولكن التفرقة بين الجميع على أساس احترام الدستور والقانون وعدم مخالفة النظام بشكل غير مشروع أو تجاوزه بل تستطيع ردع أى شخص يتجاوز فى حق الدستور والقانون المصرى بأقصى العقوبات الممكنة، فان لم تكن السلطة التنفيذية قوية لما تقبلت المؤسسات عودة هؤلاء.
البعد الثالث وهو البعد الفلسفى لتلك القضية، فأولئك الضباط ارتاب منهم الجميع اليوم لانهم ملتحون ولكن ما بالنا باللحية الداخلية ؟ فكم من شخص نراه اليوم ليس بلحية ولا يفصح حتى عن أهوائه السياسية ولكن فى معاملاته اليومية والعملية نرى هويته تفصح عن نفسه.فكم من ملتح بعد رحيل الاخوان نزع لحيته الخارجية ولكن لم يتخل عن لحيته الداخلية ،فأى منهما الأخطر على المجتمع ؟ ولكن ربما برجوع ذلك الملتحى الظاهر يكشف النقاب عن الملتحى الذى يحيا الان فى الظل بعيدًا عن الأنظار.
ان رحى الحرب الحقيقية تدور فى سكون الخلايا النائمة التى تكن كل الكره والحقد للدولة المصرية التى تنجح وتزداد نجاحًا اثر قرارت رجالها الشرفاء، هى التى تدور فى ظل صمت المتأمرين واختباءهم وراء التجارة بالام الناس
فذلك المتظاهر بحب الوطن والمؤيد للنظام ولكنه فى محاوراته ومحادثاته يحاول تهييج الرأى العام بالتجارة بالام المجتمع المصرى وتشويه صور الاصلاح الاقتصادي وبثها فى صورة مغلوطة وكأن الدولة هدفها تعذيب الشعب لا اصلاح مستقبله !
لا أحد يتمنى عودة الوجه الاخوانى بأى شكل للمجتمع المصرى ولكن أحيانًا الأمر الواقع يفرض نفسه على المشهد ويكون عثرة أمام القضاء والمجتمع فى انٍ واحد وهنا لابد أن يتعامل معه القضاء بكل حيادية وأن يتعامل معه النظام السياسى والمجتمع بكل مهنية وذكاء.