لم تغب النساء عن مونديال كرة القدم لهذا العام كما أعوام سبقت، فصورهن تملأ صفحات السوشيال ميديا، كما وأن الناقل الرسمى «الفيفا» لم يُقصر حاملو كاميراتها فى اقتناص وجوههن فى حالات النصر والهزيمة لفرقهن، مستعرضا جمالهن الممثل لشتى بقاع العالم ما انحاز إليه ذكورنا العرب بين ذائقة الاستعراض المنحازة لهن بمقابل التشفى ورمى النعوت لنساء العرب مقارنة وتحسرا! النساء المشجعات من ملأن مدرجات مونديال روسيا جالسات بين الأطفال والشباب، بموازة النساء المشاركات فى إدارة مهمات متعددة لأجل إنجاح أداء المهرجان ولسن من روسيا فقط، وفى القنوات الرياضية، خرجت علينا الإعلاميات المتخصصات يبرزن مهارتهن فى مطبخ أخبار المونديال، كما ومديرات لحوارها عقب مباريات الفوز والخسارة، وفى برامج متوالية سنلمح منهن من تسلط الضوء مقتنصة أبرز ما انشغل به اللاعبون، والجمهور ضيوف روسيا، ومراسلات نقلا عن بلدان العالم بشوارعها ونواديها ومقاهيها ومع قيادات رياضية، فى ليبيا كانت الشابة آزاد البشتى الإعلامية الرياضية بقناة «218» التى التقى معها جمهور المتفرجين بمتابعة يومية مفصلة مرفقة بالرأى والتحليل، وكانت المصرية مارى منصور الشابة المحللة كما الذاكرة الحية لتاريخ ولاعبى المونديال بقناة «الآن» وعالميا برزت معلقات «BBC»، و«فوكس نيوز» كنموذج للكرويات أثناء هذا المونديال.
لكن السؤال المطروح أين هن فى حيز الممارسة واللعب فى هذه الرياضة الساحرة التى سلبت لب العقول وهيمنت بسطوتها على كل مجال رياضى آخر؟ كرة القدم النسائية ما قصتها عربيا وعالميا؟ إذا ما علمنا أن تاريخ الرياضة النسائية بدأ بأوروبا وأمريكا مع عشرينيات القرن الماضى بلعبة كرة التنس ورياضة السباحة.
ما يجرى تداوله أن كرة القدم النسائية (كما الرجالية) أسس لها الإنجليز ووثقوا لأول مباراة عام 1895م، وبجمهور مشجع غفير، لكنهم قرروا وقف اللاعبات بحجة أنهن يُسئن لخصوصيتها الذكورية! ومنذها شهدت تذبذبا فى ممارستها عالميا، ولن تمنح قدم النساء صك الاعتراف بالاحتراف إلا فى عام 2002 بقرار الفيفا، لتلج الفرق النسائية الدوريات ويترشحن لمونديال عالمى بفرق أوروبية وأمريكية، وستحظى اللاعبات العربيات بتأسيس فرقهن، وإن استعصت الظروف الدافعة والمشجعة فى البدايات، فى ليبيا فريق واتحاد لكرة القدم النسائية، وكنت حضرت تدريبات لهن فى طرابلس 2014 وكانت لاعبة الهجوم المتميزة طالبتى بقسم المسرح بكلية الفنون والإعلام، وقد تفوقت فى كرة القدم أكثر من تفوقها فى دراستها.
ورغم وصول المونديال النسائى للاعبات كرة القدم إلى دورته السابعة، والسنة المقبلة ستكون الثامنة بفرنسا 2019 وتحظى بمتابعة لجمهور أوروبى – أمريكى حسب التغطيات الإخبارية، فإن قارة أفريقيا شاركت وترشحت، ولكن دولها العربية لم تتأهل بعد ما يطرح سؤال الصعوبات ومعوقات صعود فرقهن من أكثر من دولة، ومع بروز متغيرات مجتمعية تدفع وتشجع الفتيات على ولوج هذا المجال، يظل التعويل على آليات وخطط حكومية ووزارات واتحادات رياضية لتمكينهن من فرص التدريب المتقدم، والذى مجاله أيضا فرق المؤسسات التعليمية ودورياتها ومتابعة أدائهن بمعالجة مكامن القصور، خاصة إذا ما علمنا مؤخرا بوجود محترفات عربيات بفرق دولية (أمريكا، كندا...)، قدم النساء ستحاذى قدم الرجال إذا ما نالت ذات الرعاية والاهتمام بلا تمييز ولا تحيز.